رئيس التحرير
عصام كامل

حيثيات استقالة أحمد الزند !


آخر من يتكلم عن الأنبياء عليهم السلام أجمعين من قالوا زورا وبهتانا إن دعوتهم -حركة جماعتهم يعني- موحى بها وأنها "دعوة ربانية"! وآخر من يدافع عن الأنبياء عليهم السلام أجمعين هم من قالوا كذبا وإفكا أن جبريل ينزل إلى اعتصامهم في رابعة مبشرا بالدعم الإلهي وبالنصر المبين..!


وآخر من يتحدث بالغيرة عن سيرة الأنبياء عليهم السلام من قالوا إن رئيسهم سيصلي إماما بالأنبياء.. ومن قالوا إنهم وحدهم الفئة المؤمنة.. ومن قالوا إن الملائكة ترفرف فوقهم تبشرهم بالنصر الحاسم.. وآخر من يتحدث عن سيرة الأنبياء هم من يقتلون الناس ويفجرون القنابل ويستبيحون حرمة الدماء.. وآخر من يتكلم عن الأنبياء هم حلفاء هؤلاء ومن تعاون معهم ومن صمت على إجرامهم في السلطة وقبل السلطة وبعد السلطة ومن يدافع عنهم ومن ترشح معهم على قوائم واحدة ومن يتأثر بلجانهم الإلكترونية يخوض معهم معاركهم ويحارب حروبهم حتى لو أقسم ألف مرة أنه ليس إخوانجيًا بل إن المصيبة الأساسية أن هذه الفئة تحديدا ليست فعلا من الإخوان وإنما من مهابيل المواقع الاجتماعية يساقون كالقطيع يخوضون معارك غيرهم بغير هدى!

بعد التمهيد السابق نقول: قاد المستشار أحمد الزند معركة قضاة مصر ضد جبروت الإخوان.. وظل وظلوا محاصرين في ناديهم بينما كان غيرهم يرتب الترتيبات ويجهز التربيطات لانتخابات قادمة يبحثون فيها عن أي حضور.. وقتها دعونا لأن تزور طوائف الشعب المصري للقضاة يؤازرونهم ويدعمونهم ولم يستجب أحد اللهم إلا الحزب الناصري الذي أرسل وفدًا كبيرًا برئاسة الأستاذ سيد عبد الغني رئيسه الحالي وقوبل الوفد بترحاب لا يوصف من القضاة وشعروا أن روحهم ردت إليهم بالزيارة الرمزية التي اعتبروها دعمًا معنويًا هائلا بينما ظل قادة الأحزاب والتيارات يتوقفون عند أن الزند ابن نظام مبارك ! ولا نعرف أنه قاض لم يمارس السياسة ولا يحق أن يمارسها كيف له أن يكون حزبيًا في حزب حاكم!

وبينما كان الزند يقول في جمال عبد الناصر بقلب نادي القضاة ما لا يعرف عتاة الناصريين أن يقولونه عن الزعيم الخالد ولأكثر من نصف ساعة متصلة عن الزعيم العظيم، بينما كان بعض الناصريين يهاجمونه لأن الإخوان قالوا عنه ما لم يقله.. فالرجل لم يقل مثلا إننا أسياد الشعب بل قالها نيابة عن الشعب عن الإخوان.. ولم يقل إن أبناء البسطاء لا يمكنهم أن يكونوا قضاة لأنه يتباهى أنه هو نفسه ابن بسطاء!

الآن.. بعيدًا عن هؤلاء وأولئك.. فعندما نكتب لا نزيط مع الزيطة ولا مع الزياطين.. ولا نندفع بفعل عجلة الغضب الذاتية.. ولا نتأثر مطلقًا بأي لجان ولا مواقع بجانبنا ومن حولنا.. وإنما لا نكتب إلا ما يمليه علينا ضميرنا.. وبعيدا أيضًا عن معارك الزند وما قدمه لبلده وبلده تستحق.. وما قدمه للقضاة وهم يستحقون.. ففضل مصر على الجميع كبيروشرف القضاة يستحق التضحيات لكن.. زلة لسان سابقة لوزير سابق للعدل.. طالت حقوق الفقراء أطاحته من منصبه.. اعتذر ولم يقبل اعتذاره أحد فغادر في اليوم التالي.. ومن العدل أيضًا أن يغادر موقعه من أوقعه لسانه في زلة أخرى تطول مقدسات ثابتة عند عموم المصريين.. وآن الأوان أن يتدرب الوزراء على الثبات الانفعالي.. فلا يصح أن تضرب تصريحاتهم الطائشة في كل اتجاه.. ومن لا يقدر حساسية موقعه فليتركه.. ومن لا يقدر خطورة الأوضاع فليتركها ويرحل.. ومن يفتقد القدرة على مخاطبة الناس بموازين الذهب فليرحل أيضًا !

فليأت وزير جديد قاد أيضًا معارك للدفاع عن مستقبل مصر وعن شرف القضاة وما أكثرهم.. وليأت أيضًا من يستكمل أي إصلاحات في محاكم مصر وفي إجراءات التقاضي، وفي تطوير الشهر العقاري وفي إعادة النظر في الحبس الاحتياطي ولتكن أي خطوات إيجابية بدأها الزند انطلاقا للوزير الجديد لأنها كانت في الأصل مطالب شعب وليست فقط رؤية وزير والأهم أن يظل مبدأ الثواب والعقاب هو الحاكم.. فمصر تستحق الكثير والسيسي لا يستحق من يسيء إلى نظامه كل حين، وخصوصًا أن السيسي قالها مبكرا إنه "ليس عليه فواتير لأحد" !

كانت السطور السابقة حيثيات استقالة أحمد الزند كما نتصورها.. فليفعلها إذن بنفسه ولتكن استقالته استغفارًا حقيقيًا لزلة لسانه وإجراءً عمليًا لطلب التوبة.. تقبل الله منه ومنا ومن الجميع !
الجريدة الرسمية