رئيس التحرير
عصام كامل

أيمن عبد التواب يكتب: العرب يسمحون لـ«إيران» باحتلال «لبنان».. قرار تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية يخدم الأهداف الإيرانية.. وطهران تبدي استعدادها لتعويض الجيش والأمن اللب

 اجتماع وزراء الخارجية
اجتماع وزراء الخارجية العرب - صورؤة ارشيفية

جامعة الدول العربية اتخذت قرارًا، الجمعة، بتصنيف حزب الله اللبناني «منظمة إرهابية». هذا القرار توافق مع قرار سابق لوزراء الداخلية العرب في دورتهم الـ33 بتونس يقضي باعتبار الحزب- المدعوم من الحرس الثوري الإيراني- «إرهابيًا». كما أنه توافق مع قرار مشابه سبق أن صدر عن مجلس التعاون الخليجي وصنَّفَ «حزب الله» بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه «تنظيمًا إرهابيًا».


مثل هذه القرارات تفتح الباب لملاحقة الصحفيين والإعلاميين الموالين لحزب الله، العاملين بصحف ومواقع إلكترونية وقنوات فضائية تابعة للأمين العام للحزب «حسن نصر الله»؛ ما قد يزيد الوضع تعقيدًا؛ وربما تدفع المنظمات الدولية لشن هجوم ضارٍ على الأنظمة العربية، كما تهاجم «أردوغان» على ملاحقته للصحفيين المعارضين لنظامه.

القرارات السابقة جاءت بعد «الغضبة الخليجية» على لبنان، والتي بدأت بوقف المساعدات (الهبة) السعودية المقررة لتسليح الجيش والأمن الداخلي اللبناني، وتقدر بنحو خمسة مليارات دولار، بدعوى «المواقف اللبنانية المناهضة للمملكة، وسيطرة حزب الله على إرادة الدولة اللبنانية».

وذهب البعض إلى تحميل «حزب الله» مسئولية جر المنطقة إلى «حرب طائفية مذهبية بغيضة»، كما حمَّلوه مسئولية ما يحدث في سوريا والعراق واليمن. ربما تكون هذه الاتهامات فيها شيء من الصحة. لكن نحن بذلك نعطي الحزب أكبر من حجمه، وقيامه بدور أكبر من دوره.

هل هذه الأسباب هي وحدها التي كانت وراء تصنيف حزب الله «منظمة إرهابية»، والتخلي عن مساندة لبنان؟ الإجابة لا.. فالحكومة اللبنانية كانت قد خالفت ما يشبه الإجماع العربي والإسلامي والدولي بإدانة الهجومين على سفارة السعودية في طهران، وعلى قنصليتها في مدينة مشهد الإيرانية.

كما أن «حزب الله»- حسبما يذهب البعض- يواجه اتهامات بسعيه إلى تنفيذ عمليات إرهابية بهدف زعزعة استقرار دول الخليج والسيطرة عليها؛ تنفيذًا للمخطط الإيراني في المنطقة؛ مستدلين على ذلك بالقبض على عدد من الخلايا الإرهابية التابعة للحزب في الكويت واليمن وغيرهما، وبحوزتهم كميات هائلة من الأسلحة.

أضف إلى ما سبق أن «حزب الله»- كما يرى عدد من المحللين- تنكر للدعم الذي قدمته السعودية والكويت وقطر؛ لإعادة إعمار لبنان بعد الدمار الذي خلفته «حرب تموز» في العام 2006، وكانت بين حزب الله وعدد من فصائل المقاومة اللبنانية، وقوات من جيش الاحتلال.

وخلال هذه الحرب- التي استمرت 34 يوما في جنوب وشرق لبنان والعاصمة بيروت- كنا نتغنى- نحن العرب- ببطولات حزب الله، وننتظر- بفارغ الصبر- الخطابات النارية لـ«حسن نصر الله»، وتسابقنا على اراتداء «تيشيرتات» تحمل صورته، وعلقنا صوره على زجاج سياراتنا، وعلى حوائط شوارعنا، بل وأدخلناه إلى غرف نومنا؛ باعتباره رمز الصمود والمقاومة.

لكننا- الآن- تذكرنا أن حسن نصر الله «شيعي»، وحزبه «إرهابي» يخدم الأهداف الإيرانية الاستعمارية، ويقاتل أهل السنة في سوريا والعراق واليمن، وأنه «منديل قذر» في يد الحرس الثوري الإيراني، وينفذ أجندته بكل خسة ووضاعة.

الأنظمة العربية- المؤيدة لقرار تصنيف حزب الله «إرهابيًا»- بدلًا من أن تضع قدمًا أخرى في لبنان؛ لمواجهة «المد الفارسي»- كما تزعم- قررت رفع أقدامها؛ تاركة- بمحض إرادتها- البلد العربي الشقيق مرتعًا لـ«عدوهم الإيراني»؛ إذ أبدت الجمهورية الإيرانية استعدادها لتعويض الجيش والأمن اللبناني عن «الهبة السعودية»، ودعم الحكومة اللبنانية بكل ما تحتاج إليه من دعم سياسي ولوجستي.

إن حزب الله اللبناني- شئنا أم أبينا- هو «الطرف الأقوى في المعادلة اللبنانية»، فالوضع في البلد العربي- بتركيبته السكانية، وانتماءاته الدينية، واختلافاته المذهبية والعرقية، وأزماته السياسية- «معقد للغاية»، والحزب يتوغل تقريبًا في مختلف مجالات الحياة اللبنانية.. والأخطر - كما يؤكد محللون- أنه يمكنه «احتلال العاصمة بيروت خلال ساعات»، وساعتئذٍ سيتم تقديم جزءٍ ثمينٍ من التورتة العربية لإيران.. فماذا نحن فاعلون؟

لستُ مدافعًا عن «حزب الله»، لكن إذا كانت بعض الدول العربية اتخذت قرارها بتصنيفه «إرهابيًا» فلماذا تدعم هذه الدول جماعات وتنظيمات تكفيرية مسلحة مثلما يحدث في سوريا واليمن والعراق؟ ثم- وهذا هو الأهم- لماذا لم تتخذ جامعة الدول العربية قرارًا باعتبار إسرائيل «إرهابية»؟

إننا نتفنن في تقديم الهدايا للكيان الصهيوني، فقد سبق وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بإدراج حركة «حماس» ضمن قائمة «المنظمات الإرهابية»، قبل أن تلغي محكمة الأمور المستعجلة هذا الحكم.. والآن جاء الدور على «حزب الله».. صحيح «حماس» و«حزب الله» يرتكبان «حماقات» وأفعالًا «إجرامية»، لكن كان يتحتم على الأنظمة العربية بذل مزيد من الجهد، والتحلي بالصبر؛ لاحتوائهما، وتوظيفهما لصالح الصف العربي؛ بدلًا من ذبحهما لصالح عدونا الأساسي، المحتل أراضينا، المغتصب نساءنا، القاتل أولادنا في فلسطين.

آفة بعض مسؤولينا العرب أنهم ينظرون أسفل أقدامهم.. رؤيتهم السياسية لا تتجاوز أقفيتهم.. يتخذون قرارات إثمها أكبر من نفعها.. ويحددون مصير شعوبهم وأوطانهم وفقًا لأمزجتهم وعاطفتهم وميولهم وأهوائهم.
الجريدة الرسمية