تفاصيل ليلة سقوط «عصابة البنك الأهلي».. ضباط الرقابة الإدارية فاجأوا المتهمين في «دار القمر» وضبطوهم متلبسين بالرشوة.. موظفا «الأهلي» اتفقا على 30 مليون جنيه لتسهيل شراء
مازالت المفاجآت الصادمة تتوالى في قضية حصول موظفين اثنين في البنك الأهلي المصرى، على مبالغ مالية طائلة من رجل أعمال على سبيل "الرشوة"، مقابل تسهيل استيلائه على أصول مملوكة للبنك، بأسعار تقل كثيرا عن قيمتها السوقية، وهى القضية التي أوشكت النيابة العامة على الانتهاء من التحقيق فيها، ومن المتوقع إحالة المتهمين جميعا إلى المحاكمة خلال الأيام المقبلة..
وقبل أن نتطرق للمفاجآت والمعلومات الجديدة، نذكر أن القضية تتلخص في أن البنك الأهلي، الذي يعد من أكبر وأنجح الكيانات الاقتصادية في مصر والمنطقة العربية، يمتلك محفظة عقارات آلت إليه كسداد عينى لمديونيات بعض العملاء المتعثرين، ويعمل البنك على تطويرها وبيعها أو بيعها على حالتها بعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، غير أن موظفين في إدارة معالجة وهيكلة الديون غير المنتظمة للشركات الكبرى بالبنك، استغلا موقعيهما الوظيفيين وحاولا تسهيل بيع بعض تلك الأصول لرجل أعمال معروف بأسعار تقل كثيرا عن قيمتها السوقية، وبالمخالفة للقانون، ما يعد إهدارا واعتداءً على المال العام، مقابل مبالغ مالية على سبيل الرشوة، وقد رصدت الأجهزة الرقابية هذا المخطط، وحصلت على إذن من نيابة أمن الدولة العليا بتصوير وتسجيل اللقاءات التي تدور بين أطراف الواقعة، وضبطهم متلبسين بواقعة الرشوة.
أما المعلومات الجديدة، فتشير إلى أن المتورطين في الوقعة خمسة أشخاص هم رجل الأعمال، وموظفا البنك الأهلي، ورجل وسيدة آخرين هما وسيطا الرشوة.. وكشفت التسجيلات عن أن المتهمين اشتركوا في اتفاق جنائى الغرض منه الإضرار بالمال العام، وتسهيل الاستيلاء عليه، وسعوا لبيع عدة أصول مملوكة للبنك من بينها مصنع لإنتاج وتعبئة الزيوت في منطقة "أوشيم" الصناعية بالفيوم، و10 أفدنة بالساحل الشمالى، و2500 متر بمنطقة الزمالك، فضلا عن أصول أخرى خططوا للاستيلاء عليها..
وتنفيذا لهذا الاتفاق أجرى المتهمون عشرات الاتصالات فيما بينهم، اتضح منها مخططهم وتفاصيل عملية الرشوة وقيمتها.. وكشفت إحدى المحادثات عن أن أحد موظفى البنك، أكد أن نصيبه وباقى شركائه – الموظف الآخر ووسيطى الرشوة- قد يصل إلى 30 مليون جنيه، وأنهم بعد تقاضى هذا المبلغ سيتوقفون عن العمل لبعض الوقت!! وأشارت المعلومات إلى أنهم التقوا عدة مرات في فندق "فور سيزون"، وباخرة "الباشا" السياحية، وكافتيريا "دار القمر"، وتم تصوير وتسجيل تلك اللقاءات وما دار خلالها من مناقشات واتفاقات، إلى أن ألقى القبض عليهم متلبسين.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "فيتو" من مصادرها الخاصة، فإن الأجهزة الرقابية، وبعد أن اكتملت لديها كل البيانات والمعلومات المؤكدة بالتحريات السرية، والموثقة بالصوت والصورة، والتي تضمنت أن رجل الأعمال اتفق مع موظف البنك الأهلي، وأحد وسطاء الرشوة على اللقاء في كافتيريا "دار القمر"، الموجودة بمركب "بلو نايل" السياحى بمنطقة الزمالك، حصل رجال الرقابة الإدارة على إذن من نيابة أمن الدولة العليا، بتصوير اللقاء وضبط المتهمين أثناء تقاضى الرشوة.. وفى الموعد المحدد حضر رجل الأعمال بمفرده وجلس وحيدا لفترة قصيرة من الوقت، ثم حضر موظف البنك ومعه وسيط الرشوة، وجلسا مع رجل الأعمال وتجاذبوا أطراف الحديث، حول مصنع الزيوت الموجود في المنطقة الصناعية بالفيوم، وكيفية الحصول على مبلغ الرشوة..
ثم أخرج رجل الأعمال دفتر الشيكات الخاص به، وقطع منه شيكا واحدا وأعطاه لوسيط الرشوة الذي دون بياناته، وطلب رجل الأعمال من نادل الكافتيريا، تصوير الشيك صورة ضوئية واحدة، وأعطى أصل الشيك لوسيط الرشوة، الذي سلمه بدوره لموظف البنك، ووضعه في محفظته ووضعها في جيبه الخلفى، واستمر الثلاثة في تجاذب أطراف الحديث حول أصول البنك الأهلي وتفاصيل أخرى في واقعة الرشوة.. في هذه الأثناء كشف رجال هيئة النيابة الإدارية الذين كانوا موجودين في الكافتيريا ويصورون ويسجلون كل ما يحدث، عن هويتهم وطبيعة المأمورية التي ينفذونها، وألقوا القبض على المتهمين الثلاثة بعد اطلاعهم على إذن نيابة أمن الدولة العليا.. وبتفتيشهم تم ضبط أصل المشار إليه، والذي تبين أنه محرر بقيمة 250 ألف جنيه، باسم وسيطة الرشوة أخرى في الرشوة تدعى "د. م"، كما تم ضبط صورة ضوئية من الشيك بحوزة رجل الأعمال.
المصادر أضافت أن وسيط الرشوة بعد ضبطه، أبدى استعداده للتعاون في إجراء اتصال هاتفى بشريكته التي تم تحرير الشيك باسمها، واستدراجها لضبطها، وبناءً على هذا الاتفاق توجه بعض رجال هيئة النيابة الإدارية إلى منزل رئيس نيابة أمن الدولة العليا في نحو الحادية عشرة والنصف مساءً، وحصلوا منه على إذن بإجراء الاتصال المشار إليه وتسجيله، وبالفعل أجرى وسيط الرشوة مكالمة هاتفية مع شريكته، وأخبرها بما حدث في لقائه مع رجل الأعمال وموظف البنك الأهلي، مؤكدا حصوله على شيك باسمها بمبلغ 250 ألف جنيه، واتفق معها على اللقاء بجوار منزلها في منطقة مصر الجديدة.. اصطحب رجال الرقابة الإدارية المتهم إلى مكان اللقاء وانتظروا قليلا، حتى حضرت المتهمة الثانية، برفقة موظف البنك الآخر، وعلى الفور ألقى القبض عليهما، بعد مواجهتهما بالتسجيلات والتحريات واطلاعهما على إذن النيابة بضبطهما، أحيل الجميع إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق، والتي أصدرت قرارا باحتجازهم جميعا على ذمة التحقيقات.
" نقلا عن العدد الورقي.."