شيوع الأمراض الاجتماعية
هناك في علم الاجتماع فرع علمي خاص اسمه "الأمراض الاجتماعية" Social Pathology يبحث في موضوعات الانحراف، مثل الجريمة وتعاطي المخدرات وغيرها.
وفى تقديرنا أنه لم يطف بالخيال العلمي لمؤسسي هذا الفرع من فروع علم الاجتماع أن يضعوا في قائمة الأمراض الاجتماعية موضوع البذاءة العلنية، وخصوصا حين تمارس في شاشات التليفزيون. ولو عاش علماء الاجتماع الأجانب - ممن أسسوا علم الأمراض الاجتماعية في المجتمع المصرى هذه الأيام وخصوصا بعد الآثار الأخلاقية المدمرة لثورة 25 يناير - لحذفوا كل الأمراض الاجتماعية التقليدية التي – لسذاجتهم - اهتموا بها، مثل تعاطي الخمر أو تعاطي المخدرات وركزوا على ممارسة البذاءة اللفظية التي أصبحت منتشرة ليس في الحواري والأزقة الشعبية التي تمارس فيها عادات "الردح"، وحيث تسود التعبيرات السوقية، ولكن في برامج تليفزيونية يقدمها مجموعة من الإعلاميين من الجهلة أو أنصاف المتعلمين الذين أغدق عليهم ملاك القنوات من رجال الأعمال الملايين أجورا لهم حتى يتولوا تزييف الوعي الاجتماعي المصري.
أصبحت ممارسة عادية أن يسب المذيع خصمه لو كان مذيعًا آخر أو شخصية عامة بأقذع الأوصاف، وقد يهدده بفضح جرائمه الخفية وسقطاته الأخلاقية، وخصمه يرد عليه بما هو أشد حقارة وسفالة من تعبيرات سوقية.
هكذا تدنى الأداء الإعلامي وهبط إلى درك سحيق من التردي الأخلاقي، وضاع دور الإعلام الإخباري والتثقيفي والتعليمي في خضم المعارك الشخصية التافهة التي انصرف إليها الإعلاميون، والذين أصبحوا أشد فسادا من كل قبائل الفاسدين في مصر المحروسة!
ويبدو السؤال جوهريا هنا: أين الدولة من كل هذه الفوضى الإعلامية؟ أين الدولة من برامج السحر والعفاريت وعرض صور الدعارة؟ أين الدولة من انتشار وباء البذاءة الإعلامية؟ ولماذا لا تتدخل لإغلاق هذه القنوات التليفزيونية الفاسدة؟
لقد طفح الكيل وآن موعد اتخاذ القرار المناسب!