رئيس التحرير
عصام كامل

الملف المشبوه


يمكن القول، وفي خط من الصراحة مستقيم، إن ملف الحريات في مصر أحد أبرز الملفات المشبوهة، جنبا إلى جنب مع ملف الديمقراطية، من ناحية أن الملفين، حرية وديمقراطية، يمثلان بضاعة العهر الأمريكي، مثلما كان ملف حقوق الإنسان هو المنشار الكهربائي الذي استعملته أمريكا والغرب لسنوات طويلة حتى قصمت به ظهر وخصر الاتحاد السوفيتي، ثم فتتته شظايا!


الحريات هي كلمة السر التي تفسر لنا موجات الضغط المتصلة، يرسلها الغرب دعما للعملاء و"النوشتاء"، ممن فجروا أحداث 25 ينايرو المؤامرة على المنطقة وفي المنطقة، لحساب مشروع التقسيم، الذي أحبطته وحدة وثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونيو ٢٠١٢.

للكلمة سحرها الخاص، فالحرية أنشودة المناضلين، من أجل الكرامة، والعزة، وقول الحق، في مواجهة المستعمر الأجنبي، بقواته وعملائه، أو في مواجهة حاكم وطني، طاغية، مستبد، يسوم الناس سوء العذاب!

من ذا الذي يمكن أن يقول عن الحرية إنها مشبوهة؟! من ذا الذي يمكن أن يجرؤ على معاداة الحرية ليناصر السجون والمعتقلات؟! لا يناصرها إلا سجان أو معتوه، كاتبا أو حاكما، أو ممولا!

اليوم، انقلبت الموازين، وتفألست المعايير، وصارت السيدة حرية محلولة الشعر والشعور، منحلة العقل والتدبير، وماشية على حل شعرها، فلم تعد تميز بين الحاكم والوطن، وصارت تحرض على هدم الوطن ونسف الدولة طريقا للتخلص من الحاكم، وبرز لها أبناء من رحم الحرام فيها، يرون العزة لجيوش أعداء وطنهم، ويحرمون العزة والكبرياء بل الوجود ذاته، على جيش وطنهم، يدعون إلى إسقاطه، ويشمتون في شهدائه، من الضباط ومن الجنود، ويتدافعون لبث السموم، والتفريق بين مختلف الطوائف، ويجهرون بالمعاداة جهرا، حتى إذا تعرض لهم القانون، ومثلوا أمامه، برز أمثالهم وجنودهم، من جوف الجحور المسماة منظمات المجتمع المدني، ممولة من الخارج، ليدافعوا عن دعاة الحرية، والشباب المحبوس، ومواجهة سجون السيسي!

لمصر سجون، كما أن لأمريكا سجونا، كما أن لتركيا سجونا وسجونا وسجونا، ولقطر سجون بحجم ومساحة أرضها وخوفها وتآمرها، لكن سجون مصر لمن يبيع مصر، ولمن يتآمر على مصر، ولمن يسرب خرائط توزيع القوات المصرية، جيشا وشرطة، ولمن يقتل الآمنين من الشعب المصري، وذلك كله وفق القانون، وفي محاكمات، تمضي شهورا إثر شهور وسنينا بعد سنين، بينما مساجين الإرهاب يتم تسمينهم، ويبرزون ألسنتهم استفزازا للأرامل والثكالي واليتامى والآباء المحروقة قلوبهم.

إن المحطات الفضائية والصحف والمواقع، توجه النقد الحاد للحكومة وللرئيس، ولم يحبس أحد ولم يسجن أحد، وإذا كانت هناك مؤاخذات فهي من حصار الرأي العام الذي بات يعرف جيدا خريطة ومكامن مشعلي الحرائق في مصر من إعلاميين وصحفيين وفنانين!

يا أيتها الحرية، كم من الجرائم ترتكب باسمك، وتولد من أحشائك، فهل صرت مطية لكل عميل عابر سبيل؟!

من فضلك تطهري فلست بزانية!

الجريدة الرسمية