رئيس التحرير
عصام كامل

الطيران المدنى بعد ١٥٠ يومًا من وعود إمبابى.. 5.2 مليون جنيه خسائر.. وتفكير فى إنشاء مطار بديل للقاهرة الدولى.. وملف غامض مع طهران

سمير أمبابى وزير
سمير أمبابى وزير الطيران المدنى

لم تختلف وزارة الطيران المدنى فى الأداء عن باقى الوزارات الأخرى، على مدار الـ ١٥٠ يومًا، التى مضت منذ حمل سمير إمبابى لحقيبة الطيران المدنى، فى حكومة الدكتور هشام قنديل، فما رصده الواقع، أنه لم يحدث تغيير ملحوظ فى منظومة العمل فى جميع القطاعات، عن مرحلة ما بعد الثورة بكثير فحركة الطيران ما زالت فى جميع المطارات الرسمية تعانى من هبوط حاد، تصل فى كثير من الأوقات إلى أقل من نصف معدلاتها الطبيعية، وهو ما تنافى مع الوعود التى أعلنها الوزير فى بداية تولية الوزارة، والتى كان من أهمها عودة حركة الطيران، إلى معدلاتها الطبيعية، وأن لديه خطة بالتعاون مع وزير السياحة فى زيادة حركة السفر الوافدة إلى مصر، وطالب من الجميع أن يمنحوه قليلا من الوقت، لتحقيق نتائج سيشعر بها الجميع، وإنه لن يعتمد على ما تحقق من تطوير فى قطاع الطيران المدنى فى عهد الوزراء السابقين، وإنه سيعمل على تحقيق طفرة غير مسبوقة بقطاع الطيران وكان هذا دائمًا طلبه للرد على المحتجين من العاملين.



وطلب إمبابى بحث الملفات العالقة للعمل على إنجازها خلال أيام، وبالفعل عرضت عليه الملفات العالقة بقطاع الطيران، والتى كان كما ذكرنا أكثرها أهمية هو استعادة حركة الطيران إلى طبيعتها فى جميع مطارات الجمهورية، وعودة رحلات شركة مصر للطيران للمطارات الدولية مرة أخرى، بعد التراجع الكبير فى الحركة عقب ثورة ٢٥ يناير، وهو ما عرض قطاع الطيران المدنى المصرى لخسائر تقدر بأكثر من ٢- ٥ مليار جنيه خلال سنة ونصف فقط، وهو ما تسبب فى تعطيل عجلة التطوير فى كل قطاعات الوزارة وتهديد مستقبل هذا المرفق الحيوى، وكان رد الوزير أن هذا الملف لن يستغرق وقت طويل فى الحل، وللأسف الشديد جاءت آخر إحصائيات لحركة الطيران بعد ١٥٠ يوما للوزير على تولى منصبه، بأنها انخفضت إلى نصف المعدلات الطبعية حيث تراوحت فى مطار القاهرة ما بين ٢٦ إلى ٢٩ ألف راكب يوميا، وهو معدل ضعيف جدًا، ولا يليق بمصر، مع العلم أن المعدل الطبيعى لحركة السفر فى مطار القاهرة فقط، وصلت قبل الثورة إلى ٥٠ ألف راكب يوميا.

أما ثانى هذه الملفات الذى وعد وزير الطيران بالعمل عليه، هو استمرار العمل فى مشروعات التطوير التى بدأت بقطاع الطيران، وللحقيقة لم يكن لوزير الطيران الحالى دور فى استمرار هذه المشروعات، لأنها تم تخطيطها وتوفير تمويلها والبدء بها، قبل أن يتولى إمبابى وزارة الطيران، ومن الطبيعى أن يستمر العمل بها دون انتظار رأى الوزير بها، لأن أى تراجع فى استكمالها سيعرض قطاع الطيران لخسائر فادحة حسبما أكد عدد من خبراء الطيران المدنى، لارتباط الوزارة بعقود تكلفها الكثير من الأموال فى حالة التراجع.

وأوضح الخبراء، أن هذا سبب ظهور نشوة عند الوزير الجديد لتحقيق إنجاز يحسب له ولتاريخه، وهو ما أكده الواقع بعد ذلك بأيام، فقد دعا سمير إمبابى جميع قيادات الوزارة للاجتماع، للتفكير فى إنشاء مشروعات جديدة بقطاع الطيران المدنى وبدأ الحديث عن إنشاء مدينة عالمية بالأرض المحيطة بمطار القاهرة تسمى "إيربورت ستى"، تضم عددًا من الأنشطة التجارية والسياحية والخدمية والترفهية، بالإضافة إلى الحديث عن مشروع إنشاء مطار عملاق غرب القاهرة بمدينة ٦ اكتوبر ليكون بديل لمطار القاهرة وهو ما فسره الخبراء على أنه مغامرة غير محسوبة، نظرًا لأن المشروع الأول يحتاج مبالغ طائلة من الأموال لا يقدر عليها قطاع الطيران، فى ظل هذا التوقيت وخاصة إن مديونياته للبنوك وصلت إلى ٢٢ مليار جنيه، هذا بالإضافة إلى أن مطار ٦ أكتوبر يحتاج بنية تحتية تفوق مبالغ إنشائه، ولكن كان لوزير الطيران رأى مخالف، حيث بدأ بالفعل فى تنفيذ أفكاره وطرح مشروع إيروبورت ستى لإحدى الشركات الاستشارية لعمل تخطيط للمشروع لطرحه للاستثمار.

أما الملف الأكثر تعقيدا والذى يأتى فى المرتبة الثالثة فهو ملف التعامل مع العاملين وتلبية مطالبتهم، وخاصة إن الوزير الجديد قوبل بعدد من الاعتصامات والإضرابات، كان أولها إضراب المضيفين والذى تسبب فى تكبد شركة مصر للطيران خسائر قدرت ب ٥٠ مليون جنيه وتبعها اعتصامات أخرى للطيارين والعاملين، وكان معظمها مطالبات مالية، وللأمانة الشديدة تفهم وزير الطيران الجديد هذا المطالبات ولكونه ابنًا لقطاع الطيران المدنى، كان له دور فى استجابة العاملين له وخاصة بعد أن أعلن أنه سوف يلبى جميع طلباتهم مع تحسن التشغيل وزيادة الإنتاج، وإلى الآن فهم فى انتظار الوعود.

ومن الملفات التى وعد سمير إمبابى العمل عليها أيضًا ملف الطيران الخاص والمشاكل التى تعانى منها شركات الطيران الخاصة، وخاصة بعد أن وجهت هذه الشركات عدد من الاتهامات إلى وزارة الطيران، كان أهمها أن الوزارة تتخذ قرارات تحكمية ولا تقدم التسهيلات المنشودة للطيران الخاص، وذلك دعمًا لشركة مصر للطيران دون النظر لباقى الشركات المصرية، وظللت هذه الاتهامات موجودة حتى اليوم دون أى تغيير، مع الرغم، أن الوزير التقى بهم أكثر من مرة وعين مستشارا لشركات الطيران الخاصة.

أما الملف الذى استمر غموضه كما كان من قبل فهو الملف الخاص بالتعاون مع إيران فى صناعة النقل الجوى والذى توقف كثيرا ولم يبدأ الحديث فيه إلا بعد ثورة يناير، خاصة بعد زيارة الرئيس مرسى لإيران ورغبة طهران العمل مع القاهرة لإنجاز هذا الملف.

ويلى هذا الملف فى الغموض، ملف حق مصر فى حادثة طائرة مصر للطيران عام 1999 التى سقطت قبالة السواحل الأمريكية سواء فى سير التحقيقات أو فى عملية الحصول على التعويضات، خاصة أن هذا الملف تعمد النظام السابق عدم الحديث فيه لأسباب سياسية، هذا بالإضافة إلى ملف تشغيل الطيارين العاطلين والذى بلغ عددهم أكثر من ٥٠٠ طيار وألف مهندس طيران، ولأن تكلفة تعليم الطيران مرهقة على طالبى هذه المهنة فهم ينتظرون العمل بفارغ الصبر فى الوقت التى أغلقت فيه عدد من شركات الطيران المصرية أبوابها فى الفترة الماضية، فأصبح هذا الملف به كثير من التعقيد.

كل هذه الملفات تحدث فيها سمير إمبابى وزير الطيران ووعد بإنجازها فى فترات وجيزة، ولكن إلى اليوم ما قدمه كان أضعف بكثير مما وعد ومما توقع منه.

الجريدة الرسمية