رئيس التحرير
عصام كامل

بلح زيارة السيسي


في الوقت الذي يتحرك فيه السيسي لتغيير الصورة السلبية عن الوضع السياسي أمام الآسيويين وتحديدا في كوريا الجنوبية التي لوقت قريب تعتقد داوائر البحث الأكاديمي ونخبتها السياسية والاقتصادية والفكرية بأن ما حدث في مصر ما هو إلا مجرد انقلاب عسكري قاده السيسي ضد رئيسه المدني. ينشغل الرأي العام بالتفاهات النخبوية ويربك أي خطوة للرجل يخطو بها نحو بناء مصر في أعين قادة العالم الاقتصادي.


ما سبق ليس تملقا ولا مدحا إنما هو انعكاس لعزيمة أراها تسعى من خلال معطيات إيجابية يقوم بها السيسي، قد نختلف حول أدائه وأسلوبه الشعبوي المليودرامي المعاب على شخص رئيس الجمهورية. لكن ثمة اتفاق على وجود بارقة أمل لو تمكن سيحقق العمل الذي ينشده كافة المصريين من طبقات شعبية بعيدة كل البعد عن دوائر النخبة التي لا ترى إلا تضخم ذاتها وتصوراتها عن حجمها الذي يفوق حجم الدولة نفسها.!

بلا شك أن الرئيس مسئول عن سوء الدوائر التي تقترب منه. وتوحي بذلك القرب ولو بشكل غير مباشر، بل تصيبها والعنجهية لحد الانفلات. تكمن هنا كارثة الوضع السياسي المصري.

إن الاستماتة في تحوير الصراع السياسي في مصر من قبل أبواق معينة في النظام أدى إلى تشويه المسلمات الضرورية للعيش بحرية وسلام وكرامة شرط التنازل عن هذه المسلمات من أجل الحفاظ على الدولة.

وهرى النفاق والتطبيل والعراك اليومي أدى إلى حصر مصر في سخفات مرتضى وأديب وميدو. ثم عكاشة وبرلمانه وإسرائيل والجزمة، فضلا عن إشاعة البلبلة في حبس الكتاب والأدباء المفتعلين في حروف عارية فجة، والسجن على عقائد وآراء فاسدة يراد تلميعها لإلهاء الناس فيها. كان كل هذا نتاج طبيعي لتحزب النخبة بين مجموعات الخير الحلوين وبين أشرار حاقدين على شخص الرئيس.

ويتوج هذا العبث محاولات الرئاسة بالسعي في الصلح والتدخل بين كل هذه السخافات المصطنعة. أمر يفسر أن النظام لا يدير صراعا سياسيا بأدوات السياسة بل يديرها على طريقة قائد كتيبة في الصحراء مع شيوخ البدو!

وعلى صعيد البلاء المصري العجيب أن النظام الحالي غير قادر على فهم أسباب ضرب مؤسسات الدولة بعضها بعض وفي النقابات المهنية والجامعات وبصاصين الدخلية والأطباء والفنانين من أجل إعلاء الأنا الفردية والتسيد والبلطجة. فلا يهم كل هذا بمنطق"خليهم يتسلوا"، المهم أن يدير النظام الدولة بفكر الجنرال الذي يقدر أنه في معركة وفي عدو ولازم الكل يبقى جنودا وأنه لازم ينتصر فيها. لاعيب في ذلك! الخطورة هنا في الجنود المرتزقة، وفي الجنرال الذي ربما يصبح ديكتاتورا بناء على طلب النباحين بذلك.!

تلوك الأغلبية النباحة كلام عويص مترب بعفن المنطق الذي قاد مصر إلى ما هي عليه الآن من تيه فكري وتصحر إبداعي وشعوذة أخلاقية تنادي بالدعارة في نقاب الفضيلة.

والريادة المصرية وتفوقها أمر كان حقيقيا في الماضي، ودرس اليوم من زيارة السيسي (لكوريا واليابان) يعكس مدى الحسرة المصرية الذاهبة لتنقل تجارب دول جاءت في ماضيها لتتعلم من مصر(هذا ثابت تاريخيا في سعى اليابان لنقل تجربة مصر الحديثة في ماضيها المشرق، وسعى كوريا لنقل التجربة الناصرية في التصنيع)، وعلى رأى الحلواني الذي بناها: مصر يا ولاد حلوة الحلوات. "كانت".

والخروج من (كان لأصبح) يأتي من خلال رأي عام مستنير ونظام أكثر استنارة. ثمة ضرورة على تغيير أساليب اللعبة المبتذلة بين الرأى العام والنظام. ومن أجل مستقبل الدولة يجب الضغفط على جملة ملفات خرج بها السيسي من زيارته في بحثه ورغبته في نقل التجربة التعليمية والطاقة من اليابان، والدعم اللوجستي للموانئ والتصنيع من كوريا. الحث على تطبيق هذه الملفات المحددة كفيل بنقل مصر إلى التقدم وهذا دور الرأى العام ومراقبته للنظام لتطبيقها.
كفى بالله عليكم نفاق وتطبيل، والبث من نوعية: "حد يصورني وأنا ببوس السيسي يا جماعة"!
الجريدة الرسمية