رئيس التحرير
عصام كامل

قناة السويس بين عشق المكرونة وعشق الامبراطورة

حفل افتتاح قناة السويس
حفل افتتاح قناة السويس

اختلفت هوايات أبناء محمد على، والي مصر، فقد أحب سعيد باشا أصغر أبنائه المكرونة بينما أحب إسماعيل الامبراطورة أوجيتي، فالأول بسبب عشقه للمكرونة وقع امتياز إنشاء شركة قناة السويس والثاني بسبب عشقه للامبراطورة أنفق الملايين من ميزانية الدولة فى تمهيد الطرق وإقامة الحفلات التى حضرتها الامبراطورة فى افتتاح قناة السويس.

أشتهر سعيد باشا، أصغر أبناء محمد على الذى تولى حكم مصر منذ عام 1854 - 1863، بحبه لحياة البذخ والترف وتناول أفخر أنواع الطعام والشراب حتى بلغ وزنه، كما وصفه جورج يانج، «ثلاثة قناطير ونصف».

وحاول محمد على إنقاص وزن ابنه فألحقه بالبحرية وفرض عليه عملاَ شاقاً، ولما سافر سعيد باشا إلى فرنسا لإتمام تعليمه التقى المهندس فريناند ديلسبس وتكونت بينهما صداقة كبيرة واجتمع الاثنان على حب المكرونة.

وحين تولى سعيد باشا حكم مصر مع حبه لتناول المكرونة أرسل إليه ديلسبس برقية تهنئة بارتقاء العرش فاستدعاه الخديو إلى مصر ووصل الأسكندرية فى عام 1845 حاملاً معه نوعاً جديداً من المكرونة الإيطالية «الإسباجيتى» التى أعجب سعيد باشا بمذاقها إعجابا شديداً واصطحبه معه فى رحلة من الأسكندرية إلى الصحراء الغربية وانتهز ديلسبس هذه الفرصة وعرض عليه مشروعه لحفر قناة السويس، ووافق سعيد ووعد بمساعدته وتحقيقه، ووقع على مرسوم الامتياز الخاص بالمشروع فى 30 نوفمبر 1845 ويقضى بمنح ديلسبس امتياز إنشاء شركة عامة لحفر قناة السويس واستثمارها لمدة 99 سنة من تاريخ افتتاحها.

وهكذا أصبحت المكرونة الاسباجيتي سببا فى إقامة أكبر مشروع عالمي يصل البحرين الأبيض بالمتوسط، وكانت نتجة استدانة سعيد باشا من البنوك الأوروبية لإتمام المشروع مما أرهق ميزانية البلاد وأدى إلى فتح باب التدخل الأجنبي، وحكم سعيد 8 سنوات وتوفى عمره 42 عاماًَ.

أما الخديو إسماعيل باشا عاشق الامبراطورة أوجيني التى تعرف عليها فى فرنسا عام1867 فوقع فى غرامها وظن أنه يرضاها لصاحبه كلمة فى فرنسا أن تساعده فى مواقعة فرنسا على إعلان استقلال مصر عن الدولة العثمانية وحين اكتمل شق قناة السويس سافر الخديو إسماعيل إلى أوروبا لدعوة ملوكها لحضور حفل افتتاح القناة ودعاها للحضور، وحضرت قبل ميعاد الافتتاح بثلاثة أسابيع وأنزلها إسماعيل فى مقر الجزيرة بالزمالك، بناه خصيصاً لها، وعندما أرادت الامبراطورة مشاهدة عرش مصر أقام لها حفل عرسي فى مقره إرضاءً للامبراطورة وأقام بها جولة فى الصعيد فى رحلة أشبه بليالي ألف ليلة وليلة.

استمرت احتفالات افتتاح القناة أربعين يوماً تجولت فيها خان الخليلى والموسكي والقلعة ومتحف الآثار وحضرت حفلات دار الأوبرا لمشاهدة أوبرا عايدة وحين أبدت رغبتها الطواف بالقاهرة فى آخر الزيارة على ظهر حمار رافقها الخديو فى هذا الطواف حتى أنه من شدة عشقه لها أطلق اسمها على أحد شوارع مدن القناة.

الجريدة الرسمية