رئيس التحرير
عصام كامل

تنويعات من سِفْر الشقاوة.. فَشْر ونَصْب وهَجْص ورَقْص


*آخر خبر في مسخرة عبدالرحيم راضي، بطل العالم في قراءة القرآن كان قرارًا بالفصل النهائي من صيدلة الأزهر.. هو آخر خبر، لكنه ليس الفصل الأخير في مسرحية راضي النصاب.. والفصل القادم والأخير هو إلغاء قرار الفصل وعودة راضي للكلية بحكم محكمة.. واحلق دقني من غير صابون إن لم يحدث ماأقول.


* * *
* كالعادة واللهم أدِم وَصْلَها بيني وبين أصدقائي القراء.. تسحبني "تهجيصة" عبدالرحيم الأزهري، إلى فشرة مسعد المسجلة بمخزون التراث المصري العجيب الذي لم يترك هفوة في سلوكياتنا إلا وسلط عليها العدسة وسلَّطَنا عليها بألسنتنا التي تستحق القطع.

نصباية عبده قريبة الشبه من حكاية مسعد، ذلك الرجل القروي "لن أذكر محل إقامته لدواع أمنية!".. رحل مسعد الذي كان يعمل طباخًا.. حمل عصاه وبؤجتَه وغادر الديار، سعيًا إلى مساحة أوسع للرزق، إلى أن حط به الرحال بالأردن وعمل مساعد طباخ بأحد مطاعم العاصمة عمان.. بعد عام عاد في أول إجازة وقد ظهرت عليه إمارات النَّغنَغَة.. التقى أصدقاءه وأقاربه.. سأله قريب له عن ظروف عمله؟ قال إن الله قد أنعَم عليه من وَسَع، وعمل طباخًا بقصر جلالة الملك حسين ملك الأردن وقتها.. فسأله صديقه عن الملك ومواقفه معه وعاداته الغذائية وما يفضله وما لا يميل إليه.. كان مسعد الطباخ يحكي كالماكينة دون توقف ــ كما كان عبدالرحيم النصاب يحكي ــ شرح كيف أحبه الملك بسبب حلاوة نَفَسه في الطبيخ، وكيف كان يعطف عليه ويعامله بذوق ورقة وشياكة الملوك.. انتهت إجازة مسعد وعاد إلى الأردن.. وبعد شهر واحد استيقظ من نومه على طوق أمني رهيب المستوى حول سريره.. أمره رجال الأمن الأردنيون بجمع خلجاته بكل هدوء، ثم اقتادوه إلى المطار ليعود إلى قريته بمصر إلى غير رجعة.. أما السبب الذي أخفاه الزبون فهو أن صديقه الذي قال له إنه يعمل ببلاط صاحب الجلالة.. أرسل له خطابا كتب على مظروفه يصل ويسلم إلى الملك حسين ومنه ليد الأسطى مسعد الطباخ.
* * *
* استقر في الأذهان أن الراقصة وصف أقل حدة وأخف وطأة وذو رنين أكثر لياقة وشياكة من كلمة الرقاصة.. تفاصيل الأسباب عديدة لا داعي للخوض فيها.. بيد أن الخطوط الفاصلة بين الراقصة والرقاصة تكاد تذوب فلا تستطيع الإمساك بأمارة واحدة تدل على الفرق بينهما! دعني أقرب لك الصورة.. عندما "تشعبطنا" بخيوط الحضارة والتمدن اقتداءً بالغرب، نقلنا عنهم طقوس حفلات النخبة وكريمة المجتمع "رقص الرجل مع المرأة دون حائل".. ترقص مع صاحب زوجها وهو يرقص مع زوجة صاحبه، ومنهم من يرقص مع أخت زوجته أو مع أي واحدة دخلت الحفل على سبيل الخطأ، وربما لو لعبت الخمر برأسه يرقص مع أمه.. الخلاصة أننا نقلنا الرقص المشار إليه بكل تفاصيله وقلنا تحضُّرًا، فهل هو حقا كذلك أم أنه تحرش في مكان عام على أنغام موسيقى؟ شوف عمنا بيرم التونسي ماذا قال واقرأ له الفاتحة: الرقص يابن الحلال راجل يعانق مَرَة/ عند الأوروبي كمان وعندنا مسخَرة / الصدر عَالصَّدْر مال ويِش يبقَى ياهل ترى؟!
* * *
*خاطرة الكلام عن الرقص ألحَّت عليَّ بقوة عقب مشاهدة رقصة رقيعة وخليعة للاعب الكرة الفاشل السابق إبراهيم سعيد مع فتاة يطلقون عليها راقصة توقيعية أو تؤدي ما يعرف في أمريكا بالرقص العصري.. كانت رقصة مثيرة للاشمئزاز إلى حد كبير.. بمناسبة الرقص التعبيري والتوقيعي والعصري واختلاط الصورة بما لا يبعث على الارتياح، أذكر واقعة ربما تفسر مقصدي بشكل أكثر وضوحًا.. في أحد المطارات العربية وقفت سيدة قادمة من روسيا أمام مسئول الجوازات، الذي التبس عليه الأمر ولم يفهم مدلول مهنتها الواردة ببيانات الجواز، وبينما هو يسجل البيانات في استمارة خاصة، سألها عن مهنتها بالتحديد، فقالت: أنا أقَدِّم "رقصا توقيعيا".. فسألها بنبرة منزوعة الوِد: أنا أسألك شنو المهنة؟ أجابت السيدة: أنا راقصة ضمن مجموعة خاصة تقدم رقصات ذات موضوعات متنوعة.. بدأ الرجل يشعر بأزمة فسألها بشيء من الخشونة: قولي مهنتك إيش في كلمة واحدة؟ قالت: أنا راقصة تعبيرية.. بدا الرجل وكأنه على وشك الاختناق، فكرر السؤال بصوت مختنق: يعني شنو المهنة شنو المهنة، إيش اكتب؟؟؟ بالقرب منهما كان هناك مواطن عربي يتابع الحوار من بدايته، فأراد أن ينهي الموقف بسرعة قبل أن يتطور إلى الأسوأ، فقال له: اكتب (....)!!!
الجريدة الرسمية