لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل «تقرير مصور من بيت السحيمي»
"أيحسب الصب أن الحب منكتـــــم.. ما بين منسجم منه ومضطــرم، لولا الهوى لم ترق دمعًا على طــللٍ.. ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــمِ، فكيف تنكر حبًا بعد ما شـــــهدت.. به عليك عدول الدمع والســـقمِ، وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــنى.. مثل البهار على خديك والعنـــم، نعم سرى طيف من أهوى فأرّقنــي.. والحب يعترض اللذات بالألـــمِ، يا لائمي في الهوى العذري معـذرة.. مني إليك ولو أنصفت لم تلـــمِ".
زخارف من الأشعار وكلمات من الغزل العذري تتزين بها جدران إحدى الحجرات ببيت السحيمي، والذي يعتبر نموذجًا فريدًا من نماذج عمارة البيوت السكنية الخاصة، ففى حارة الدرب الأصفر، المتفرعة من شارع المعز، تجد أفضل مثال على بيوت الإقامة التقليدية.
ذهبت عدسة "فيتو" إلى مقر بيت السحيمي وبيت الست وسيلة، في قلب مدينة القاهرة، لترصد الأوضاع التي عليها المنزلين قبل بدء وزارة الآثار، في إجراءات طرح 14 مبنًا أثريًا بموقع القاهرة التاريخية للبدء في أعمال الترميم والتطوير اللازمة لها.
بيت السحيمي
يتوسط المنزل فناء واسع يضم على جدرانه العديد من الصور لعمال ونجارين وحدادين ممن ساعدوا في افتتاح المنزل وترميمه عندما ضمته الحكومة المصرية لقائمة الآثار المحمية، وبه أحواض مزروع بها نباتات وأزهار، سمي "بيت السحيمي" بهذا الاسم نسبة لاسم صاحبه "الشيخ محمد بن أمين السـحـيـمـي"، والذي بناه في العام 1058هـ - 1648 م.
يتخلل منظر البيت الجمالي الرائع بعض من كابلات الكهرباء المكشوفة، وثمة مخلفات وقمامة ملقاة بجانب أسواره، وبضع أعمدة الحديد والمعدن التي تستخدم كسقالات لترميم البيت، ولن يخفى عليك أيضًا القشور الموجودة بأسوار وحوائط الفناء والتي كشفت عن الطوب المستخدم في بنائها.
وهناك شجرة ضخمة أثرية، بجوار الساقية الموجودة بصحن المنزل، ومعلق عليها ورقة مكتوب عليهما "ممنوع التسلق على الشجرة الأثرية أو الصعود على الساقية حفاظًا منكم على الأثر ولعدم التعرض للمساءلة القانونية".
أما داخل البيت فيدهشك الطراز المعماري الرائع الذي تشكلت به أسقف البيت، أو جدرانه، فهناك نافورة متوسطة الحجم تتوسط إحدى حجرات البيت، وحجرة أخرى كانت مصلى يوضع بها سجاد مخصص للصلاة، وحجرة الطعام التي تتوسطها منضدة كبيرة موضوع عليها صينية طعام ضخمة ويحيط بالمنضدة المساند والفرش من كل جانب، فهو بكل حال من الأحوال بيت متكامل من الطراز القديم.
منزل الست وسيلة
يوجد لدينا الكثير من الأماكن الأثرية القديمة، التي لها تاريخ وتراث عتيق، نفتخر به أمام العالم أجمع، حين يأتي الزوار من كل صوب وجهة ليشاهدوا جمال هذه الأماكن، ويتمتعوا برؤية هذا التراث القديم ويتعرفوا على تاريخه.
فكان بيت "الست وسيلة "من المنازل الأثرية القديمة، الذي يعد من أعظم أشكال المعمار القديم في العصر العثماني، بني بيت الست وسيلة (١٠٧٤هـ _ ١٦٦٤م ) فهو يقع في أحضان القاهرة التاريخية، بجوار منزل "عبد الرحمن الهراوي" وعلى بعد أمتار من الجامع الأزهر.
وعندما وصلنا إلى هذا المكان وجدنا مدخله منكسرًا إلى أسفل، ويرجع هذا التصميم إلى تفكير الحاج عبد الحق وشقيقه لطفي وأولاد محمد الكناني، الذين قاموا ببناء هذا المنزل وتأسيسه بهذه الطريقة حتى لا يجرح الضيوف أي ركن من أركان المنزل، ثم يفتح بعد ذلك "الحوش" والذي كان يحوي حجرات المنزل، التي كانت تتمثل في حجرة توجد على يسار باب الدخول وهي حجرة "الأمن"، وحجرة أخرى تسمى "مكتبة الشعر" وحجرة تسمى "مكتبة سمع بصرية"، كما احتوت أرضية الحوش على الكثير من أحواض الزرع.
وكان يوجد في يسار الحوش سلم خشبي يؤدي إلى الدور الأول، والذي كان يشمل "المقعد الصيفي" ويضم النص التأسيسي للمنزل، وكان يضم أيضًا قاعة كبيرة تسمى "ندوات وأمسيات" وكان تحتوي هذه القاعة على الكثير من المقاعد الحديثة، ويوجد على الجهة اليمنى واليسرى للقاعة مقاعد خشبية، وحجرة تسمى "صالون أدبي".
وعلي الرغم من جمال وقدسية هذا المنزل، والذي يمتاز بجمال التصميم وروعة البناء، ويعتبر مزارًا أثريًا وثقافيًا بما يسمى "بيت الشعر"، فإن مرور الكثير من الأعوام على هذا التراث الرائع جعله بالمنزل شبه المهدم، وكان قرار ترميم هذا المنزل بمثابة إنقاذ له وما يحتويه من تراث قديم.