العملية "نسر".. بدأها طنطاوي بعد سيطرة الجهاديين على سيناء.. وجمدها مرسي بعد اجتماعات مع حماس.. وأعادها السيسي وأنقذ أرضًا حارب لأجلها الآباء
لم يكن مقتل 16 جنديا، من أبناء القوات المسلحة في شهر رمضان الماضي بمدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة، السبب الوحيد لقرار القائد العام للجيش، حينها، المشير حسين طنطاوي بتطهير سيناء من العناصر الإجرامية والإرهابية والتكفيرية، لكن كان لذلك دافع آخر بالتعجيل في بدء العملية "نسر"، هو أن طنطاوي كان يخطط بالفعل وقبل وقوع هذا الحادث للقيام بهذه العملية بعد عدة تقارير تؤكد خطورة الوضع الأمني بسيناء، لكنه كان ينتظر تسليم السلطة وعودة قوات الجيش لثكناتها بعد أن أنهكها الانغماس في العمل السياسي لأكثر من عام ونصف العام بعد ثورة 25 يناير.
ووفقًا للتقارير الأمنية التي كانت تصل إلى طنطاوي، فإن مدى الخطورة في سيناء كان بعيدا وكان لتدفق المتطرفين من محافظات مصر أو من خارج البلاد عليها لاتخاذها مركزًا لأعمالهم الإرهابية مؤشرا خطيرا استوجب وضع خطة طويلة الأمد لتطهير سيناء منهم، وكان طنطاوي يشرف على هذه الخطة بنفسه.
وما بين استشهاد الجنود المصريين على الحدود عند رفح في 5 أغسطس وبين قرار إحالة طنطاوي للتقاعد (12 أغسطس من العام الجاري) تمكنت قوات الجيش في سيناء من قتل وضبط ما يقرب من 50 من العناصر الإجرامية في سيناء علاوة على هدم ما يقرب من 120 نفق رابط بين غزة ومناطق سيناء.
وحسب مصادر أمنية وسيادية رفيعة المستوى، وبعد قرار إبعاد طنطاوي والفريق سامي عنان عن المؤسسة العسكرية توقفت العمليات في سيناء، ولم تستكمل الخطة التي وضعها طنطاوي، وأوضحت المصادر أن هذا التوقف المفاجئ عن الاستمرار في العمليات جاء بعد زيارات لمسئولين من حماس إلى مصر ولقاءات لهم مع أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي للمطالبة بالتوقف عن هدم الأنفاق الحدودية، التي تمثل المنفذ الأساسي لدعم حركة حماس بالسلاح، علاوة على السلع الأخرى.
ومنذ هذه اللقاءات بين حماس والإخوان توقفت العمليات في سيناء برغم الهجمات التي كانت تتعرض لها الأكمنة في سيناء من حين لآخر، ومع الانتهاء من وضع الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه شعرت المؤسسة العسكرية بالخطر على سيناء؛ خاصة بعد أن تأكد رصد عمليات منظمة لبيع أراضي سيناء بأوراق ضد بين أبناء قبائل فلسطينية ومصرية يمتد بينهم الصلة بالنسب والمصاهرة من أول رفح وحتى حدود العريش، ومع الحديث عن إعطاء حق رسم الحدود لرئيس الجمهورية، قرر الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وقبل إقرار نتيجة الاستفتاء على الدستور والموافقة عليه بساعات، التعجيل بإصدار قراره بحظر تمليك الأراضي المتاخمة للحدود خاصة الحدود الشرقية ليقطع الطريق أمام أي محاولة لضياع سيناء أو جعلها وطنا بديلا لغير المصريين.
وقد لاقت خطوة السيسي ارتياحا كبيرا بين أبناء المؤسسة العسكرية ليعاودوا مرة أخرى عملياتهم لتطهير سيناء من البؤر الإرهابية بعدما عادت لهم الثقة أن المؤسسة العسكرية لن تنصاع وراء رغبات الإخوان المسلمين، وبالفعل وبعد قرار السيسي بساعات قليلة تمكنت القوات المسلحة من القبض على 4 من العناصر التكفيرية في سيناء وإحباط تهريب 17 صاروخًا كانت معدة للدخول غزة عبر سيناء، وكشفت المصادر السيادية أن الفترة المقبلة تشهد تكثيفا قويا للعمليات في سيناء.