«فتنة الرئيس والملك».. دبلوماسي عربي يكشف تفاصيل سيناريو «الفراق».. ويؤكد: سوريا واليمن كلمة السر.. و«رسالة مشفرة» للنظام المصري.. و«السيسي» يرد عليها بشكل غاضب
>> التقارب (السعودى – التركى) في ملفات ليبيا وسوريا أغضب القاهرة.. ونظام "السيسي" على قناعة بأن الحراك العسكري في اليمن سينتهى بـ"تمكين الإخوان"
>> الخلافات بين مصر والسعودية تخطت الحد المسموح.. والمستقبل يحمل عقبات مالية سعودية ضد مصر خلال الفترة المقبلة
>> الرئيس السودانى "تاجر الحرب" قسم دولته ترضية للغرب للهروب من الجنائية الدولية.. وهناك خطة لهدم الجامعة العربية وانتزاع منصب الأمين العام من مصر
"أنا من بلاد كالطحين تناثرت"، بهذا البيت المستعار من قصيدة حالة الأمة العربية للشاعر الراحل نزار قبانى، رد دبلوماسي عربى مطلع على مجريات الأمور عن تساؤل حول توقعاته لمستقبل المنطقة العربية، والخلافات المكتومة بين الدول الكبرى وسبب رفض المغرب استضافة القمة العربية.
الدبلوماسي العربي اعتبر أن انتقاد المغرب في بيان رفض الأوضاع العربية، ورؤية المملكة أن اجتماعات القادة تحولت إلى عمل مناسباتى، رغم ما حملة من تشريح دون تخدير للوضع الراهن سبب ألم البعض، لكنه الحقيقة الوحيدة وسط تحول الشراكة الإقليمية إلى محاور سياسية متصارعة، ورغبة كل طرف في تحطيم الآخر، وهرولة لانتزاع عجلة قيادة تائهة في صحراء جرداء.
وأشاد في ذات السياق بهروب الرباط من جعل أراضيها كمنبر لإعلان الطلاق البائن بين الدول العربية، وتحديدا المحور المصري السعودي، وانطلاق ماراثوان المحاور السياسية المتناحرة بين العواصم الإقليمية.
صراع مكتوم بين القاهرة والرياض
الدبلوماسي العربى الذي رفض نقل حديثه الكاشف حقيقة الأوضاع على لسانه، وسمح بنشره دون الكشف عن هويته، وضع المنطقة العربية على "جهاز أشعة" لكشف ما تعانيه الأمة من خلايا خلاف سرطانية بدأت تنشط وتنتشر، معتبرا أن المرض وصل للمراحل المتأخرة، مستبعدًا نجاح الجراحة أو العلاج في إنقاذ الوحدة.
انطلق في حديثه من الخلافات المكتومة بين مصر والسعودية، معتبرا أن التصريحات الدبلوماسية الرنانة على غرار "جناحى الأمة" و"المحور الإقليمي"، باتت مثل الحديث عن اختراع العرب طائرة ركاب من طراز "إيرباص" الفرنسية؛ لأن – وفقا لـتأكيداته- الخلافات بين القاهرة والرياض تخطت الحد المسموح وتحولت الشقيقيان إلى غريمتين، وبات لكل منهما بوصلة خاصة تهدد بتحويل مسار المنطقة من حالة اللاسلم إلى الحرب العلنية.
وأكمل بقوله: التضاد في أسلوب إدارة ورؤية ملفات المنطقة بين القيادتين لم يعد خفيًا، فمن جهة ترى القاهرة ضرورة بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد حفاظًا على وحدة الأراضى السورية لقناعتها بأن سقوط سوريا سوف يلقى بظلاله على لبنان ويهدد أمن مصر القومى التي تعتبر الجيش السوري هو الجيش الأول لها وذراعها العسكرية المتقدمة لتطويق دولة الاحتلال الإسرائيلى، وهى نظرية معتبرة استراتيجيًا، علاوة على عدم استعدادها –القاهرة- للدخول في شراكة مع الرياض في هذا الملف في ظل وجود رجب طيب أردوغان، الرئيس التركى، الذي يحمل أجندة الإخوان في الملف السوري، ويتحرك ضد صديقه القديم –الأسد- بنزعة انتقامية لمذبحة جماعته –الإخوان- في حماة.
الدبلوماسي العربي تابع قراءته للوضع العربي القائم وقال: الأزمة السورية ليست فقط العالق الوحيد أمام تدفق مياه العلاقات بين العاصمتين، فهناك أيضا اليمن التي باتت مصر على قناعة بأن الحراك العسكري العربي سوف ينتهى به المطالف بتمكين الإخوان، والأمر الذي أكد شكوكه التي طالت الإمارات أيضا إعلان الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي تعيين الفريق محسن الأحمر، أحد القيادات البارزة في حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان، نائبا لرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمينة، وهو قرار يؤكد أن "الأحمر" أصبح نائبًا لرئيس البلاد.
انتقل الدبلوماسي العربي، من صفحات "الملف اليمنى" والأزمة السورية، ليفتح الملف الليبي، حيث قال: لم يخل من الخلافات بين القاهرة والرياض، في ظل تناغم الموقف السعودي مع القطري والتركى المتعلق بضرورة تمكين حكومة طرابلس الموازية والتي تعد ممثلا لفرع الإخوان في ليبيا والتيارات الإسلامية الأخرى التي تفرض سيطرتها على طرابلس، في مقابل دعم مصر مجلس النواب في بنغازي وإصرارها على دعم المؤسسة العسكرية التي يقودها الفريق خليفة حفتر.
رسالة لبنان
الحديث تحول بعد ذلك إلى الأراضي اللبنانية، حيث أكد المصدر ذاته أن المواقف المتنافرة بين البلدين، تؤهل الخلاف المكتوم للانفجار على غرار رسالة السعودية للحكومة اللبنانية على خلفية امتناع خارجية بيروت عن السير في ركب الإدانات ضد إيران عقب اقتحام سفارتها في طهران على خلفية إعدام الرياض المعارض الشيعى نمر النمر، ما دفع النظام السعودى لمعاقبة بيروت ماليا وحجب هبة الجيش المقدرة بـ 5 مليارات دولار، الأمر الذي يؤشر على احتمالية ظهور عقبات مالية سعودية ضد مصر خلال الفترة المقبلة، بعد إعلان القيادة السياسية المصرية صراحة رفضها التدخل البري في سوريا في إشارة إلى إرسال السعودية قوات عسكرية إلى قاعدة "أنجرليك" التركية للشروع في عمل عسكري بالداخل هناك.
الدبلوماسي العربي، أكمل قائلا: صحيح أن حجم مصر كقوة إقليمية حتى وإن كانت عليلة اقتصاديا الآن، يمنع السعودية من إعلان موقف على غرار لبنان، لكنه لن يمنعه من تعطيل استثمارات والامتناع عن الدعم النفطى وبات من غير المستبعد أن الانسحاب العلنى من الملف اللبنانى رغم ما يكبدها للرياض من خسائر أمام غريمها التقليدي إيران، من المرجح حسب المصدر، أنه رسالة مشفرة أخيرة إلى نظام السيسي، الذي بدأ هو الآخر يشعر بالتململ من السلوك السعودي، ويبدو أن تلقى رسالات غير معلنة حملت هذا المعنى عبر عنها بشكل غاضب في كملته الأخيرة بذكره مقولة "بيعيارونا بفقرنا" والتي لم يستوعبها الشعب المصري ومرت مرور الكرام وسط الخطاب الذي ذخر بمشاعر انفعال وغضب.
المحور الروسي
وعندما تطرق الحديث إلى "الدور الروسي" عقب الدبلوماسي العربي على الأمر بقوله: أيضا لابد من الأخذ في الاعتبار هنا أن الشراكة التي تولدت بين القاهرة وموسكو، تشعر الرياض بالغضاضة التي ترى وجود فلاديمير بوتين في المنطقة عائقا أمام رغبتها في إسقاط النظام السوري، هذا بجانب أنها ترى أن "بوتين" ساعد القاهرة في التمرد على المطالب السعودية الرامية إلى الاستعانة بالجيش المصري مقابل الدعم في حروبها التي تخوضها في اليمن وسوريا الآن، وبدا أن الرياض عولت في هذه الحروب على دور فاعل للجيش المصري، ما جعلها تستشعر بخيبة أمل في ظل رفض القاهرة المهذب الاستعانة بجنودها كمرتزقة حروب بالوكالة.
وعلى النقيض – والحديث ما زال للدبلوماسي العربي- ترى القاهرة موسكو طوق نجاة من مشاريع أمريكا الهدامة في المنطقة، ولديها قناعة أن وجود الروس كمنافس قوي للأمريكان حائط صد ضد ضربات غدر تأتى من واشنطن بهدف استمكال مخططها في تفكيك الباقية المتبقية من الدول العربية، إضافة إلى عدم قدرة مصر خلال الفترة الراهنة على الدخول في مراهنة على الولايات المتحدة التي تعيد رسم خارطة تحالفها الإقليمى عقب توقيع الاتفاق النووي الإيرانى، ويبدو أنه باتت على قناعة بأن السعودية تسير مندفعة تجاه فخ واشنطن، واختارت الانتظار بعيدا ربما للنجاة أو كطوق نجاة للرياض في اللحظات الأخيرة قبل السقوط.
تقسيم لبنان
استكمالا لشرح علل المنطقة، حذر المصدر من خطورة الانسحاب السعودي المتعصب من لبنان وترك بيروت هدية لطهران، والتي تستعد لتعويض الغياب السعودي هناك، وسوف ينتهى الأمر هناك بمخطط كونفيدرالى يمكن "حزب الله" من صناعة القرار ويورثها رسميًا حكم المنطقة الجنوبية لتصبح "دولة داخل الدولة"، ومن غير المستبعد أن تصبح طرابلس إقليما سنيا، لترضية جميع الأطراف، وترك "بيروت" إقليما مارونيا أشبه بالفاتيكان.
انتهاء ليبيا
وعلى صعيد الدولة الليبية والمستقبل المرتقب لها، قال المصدر: علينا الاعتراف بعدم استحالة عودة سوريا موحدة رغم كل المحاولات التي يتحدث عنها المجتمع الدولى وطال البلاد سيناريو العراق، والآن ليبيا كما أكد رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق "مايكل هايدن" ذهبت منذ مدة ولم يعد لها وجود، فقد وضعها الغرب على قائمة الأهداف الإستراتيجية منذ تدخل الناتو عام 2011.
والخطة البديلة أو "الخطة ب" كما أطلق عليها جون كيري، وزير خارجية أمريكا هي التقسيم، الأمريكان وضعوا المخطط ولديهم الخرائط الجاهزة لسوريا وليبيا والعراق وأيضا لبنان كمرحلة أولى لعام 2016، والمبادرات الأممية والجهود الدبلوماسية مجرد "ذر رماد في العيون"، لتبرير الجريمة الكبرى المرتقبة بحق دول المنطقة، ومنذ الإعلان عما يسمى تنظيم "داعش" وضح أنهم يستهدفون إنهاء وجودي للعرب ودفعهم إلى أتون دويلات دينية متصارعة على الموارد الطبيعية بشعارات مذهبية.
البشير.. تاجر حرب
لم يخل حديث الدبلوماسي المطلع من التطرق إلى الرئيس السودانى، عمر البشير، الذي وصفه بـ"تاجر الحرب"، بعد أن قسم دولته ترضية للغرب للهروب من الجنائية الدولية، يقدم نفسه تاجر حرب الآن، وينقل ولاءه لمن يدفع، وبعد ارتمائه في أحضان إيران لسنوات، نقل ثقله إلى السعودية القادرة على الدفع الآن، ولم يعد ينتظر الطلب بل يستبق بتقديم العرض، وبين الحين والآخر يصنع خلاف حلايب وشلاتين مع مصر ويتورط في "سد النهضة" ضد القاهرة لصالح إثيوبيا، لتبيض صورته أمام الرأي العام الداخلى وخلق قضية إلهاء متعلقة بملفات خارجية.
الجزائر.. تستعد للمغرب
من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ذهب الدبلوماسي العربي لانتقاد سلوك دول جوار المغرب العربي، منتقذا إقدام الطرفين المغربي والجزائري لإهدار مواردهما على التسليح انتظارا لإعلان ساعة الصفر وقرع طبول الحرب بين جارتين شقيقتين، بسبب ملف الصحراء المغربية التي تلاقى دعما جزائريا للانفصال.
كما استهجن الدبلوماسي العربي انشغال الدولتين بقضايا خاصة وابتعادهما عن المحيط العربي، والتهرب من قضاياه والاكتفاء بمقعد المشاهد، وعدم القناعة بوجوده داخل كتاب المؤامرة الكبرى وإن كان دورهم -العرب- سوف يتأخر لبعض الوقت قبل انفجار الجوار الليبي.
الجامعة العربية
وحول دور الجامعة العربية في هذه الملفات الملتهبة ومدى قدرتها على لم شمل الصف العربي، قال: الجامعة الآن مجرد مبنى لإصدار "البيانات"، وهى الأخرى سقطت في دائرة الصراع الدائر بين العواصم الكبرى، وهناك مخطط منهجى لإنهاء دورها ولم يخف في حديثه رغبة الرياض في تهميش دور الجامعة والاكتفاء بـ"التعاون الخليجى" ونقل مهامها الجماعية إلى منظمة التعاون الإسلامى التي تعد مظلة أشمل تضم تركيا اللاعب الأساسي في جميع الملفات الآن.
الدبلوماسي العربي لم يستبعد دور قطر في هذا الأمر والتشجيع عليه أيضا لكونها تلعب من خلف ستار في ملف هدم الجماعة نكاية في مصر، وتحرك بقوة الآن لنزع منصب الأمين العام من القاهرة بعدما شارفت مهمة نبيل العربي على الانتهاء، كاشفا عن وجود توافق في الخليج بشأن مقعد الأمين العام تجاه شخصية خليجية وسط توعد بالامتناع عن دفع الالتزامات المالية في حال فوز مرشح تدفع به مصر للمنافسة على المنصب عقب رحيل العربي.
رسالة تحذير
في نهاية حديث المصدر المطلع على ملفات المنطقة، وجه رسالة تحذير لجميع الدول العربية من مغبة حالة الانقسام والفرقة التي تضرب الأمة، وغياب مشروع عربي يواجه المشاريع الثلاثة لتركيا وإيران وإسرائيل، معتبرا أن العرب يعبرون الآن على جسر منهار وسوف تتساقط الدول واحدة تلو الأخرى دون استثناء ولن يجد أحد نفسه بمنأى عن السقوط، ولن يجد من يلقى له طوق نجاة.. مؤكدا أن خروج الخلاف المصري السعودي إلى العلن سيمثل الحجر الساقط في هرم الأمة العربية.
"نقلا عن العدد الورقي..."