عندما يفوز «ترامب» برئاسة أمريكا!
ماذا سيحدث في الشرق الأوسط عندما يفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات التي ستجري في نوفمبر القادم؟ قد يبدو هذا السؤال متسرعًا بالنسبة للبعض، فترامب لم يفز بعد بترشيح الحزب الجمهوري، ولكنه سيفز، هكذا تقول التكهنات أثناء التصويت الذي جرى أمس في 12 ولاية من الولايات الجنوبية والتي يتمتع فيها الجمهوريون بشعبية كبيرة مثل ولايات: تكساس، الاباما، تنيسي، فيما يعرف باسم الثلاثاء السوبر أو Super Tuesday.. فدونالد ترامب يسيطر على أصوات المندوبين في 12 ولاية، وهم يمثلون نحو 29% من أصوات مندوبي الحزب الجمهوري.
التقارير الصحفية والمؤشرات تقول إن دونالد ترامب سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري رغم معارضة معظم قيادات الحزب.
صحيفة "نيويورك تايمز" أفردت مقالا أمس تشرح فيه لماذا لن يتمكن أحدا من إيقاف ترامب، فالقاعدة كانت أن الحزب – جمهوري كان أو ديمقراطي - يقرر الأسماء التي ستخوض السباق للفوز بترشيح الحزب، غير أن الظهور الإعلامي في العقدين الأخيرين قوى مركز المرشحين في مواجهة قيادات الحزبين.. وتذكر جريدة النيويورك تايمز أن قيادات الحزب الديمقراطي لم تكن ترغب في عام 2004 أن يتصارع "هاورد دين" مع "جون كيري"، ولكن "دين" دخل السباق وخسره في النهاية وترشح "كيري" أمام "جورج دبليو بوش".
التاريخ يقول أيضًا إن القيادات الفاعلة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي كانت تعمل أحيانا ضد بعض المرشحين، فالكارهين لهيلاري كلينتون في انتخابات 2008 كانوا يشجعون باراك أوبماما على إسقاطها، والأمر نفسه ينبطق على كل من "جون ماكين" و"ميت رومنى" اللذان كانا لا يتمتعان بتأييد كل قيادات الحزب الجمهوري في انتخابات 2008، و2012.
شبكة "فوكس نيوز" كتبت تقول إن المرشحين الجمهوريين "ماركو روبيو"، و"تيد كروز" لن يتمكنا من إيقاف دونالد ترامب، بينما رأت شبكة "السي إن إن" أن ثورة الجمهوريين في مواجهة ترامب جاءت متأخرة، وأن تغريدة "ميت رومني" الحديثة التي قال فيها إن "شخصية ترامب العدائية وعدم قدرته على تحمل الآراء التي تختلف معه لا تناسب أمريكا". وعلى صعيد الحزب الديمقراطي، فإن المؤشرات تقول إن هيلاري كلينتون ستتفوق على "بيرني ساندرز" رغم ميول الشباب لأفكار "بيرني ساندرز" القريبة من اليسار.
حسنًا، فلنقل أن دونالد ترامب فاز حسب التوقعات بترشيح الحزب الجمهوري، هل يفوز في السباق الرئاسي ضد هيلاري كليتنون أو بيرني ساندرز؟ أحدث التقارير لشبكة السي إن إن تقول إن استطلاعات الرأي تظهر تفوق هيلاري كلينتون وأنها ستحصد 52% مقابل %44 لدونالد ترامب، وأن المرشح الديمقراطي "بيرني ساندرز" يتفوق على ترامب بنسبة أكبر من "هيلاري كلينتون، حيث أشار استطلاع رأي "السي إن إن" على إمكانية حصول "بيرني ساندرز" على 55% من أصوات الناخبين الأمريكيين في حال تنافسه أمام دونالد ترامب الذي قدرت السي إن إن نسبة أصواته بنسبة 43%.. موقع استطلاعات الرأي "ريـال كلير بوليتكس " أو RealClear Politics أعطى أيضا تميزا "لهيلاري كلينتون" على "ترامب"، حيث يشير آخر استطلاع للرأي تم إجراؤه في الفترة من 10 فبراير وحتى 27 من الشهر الماضي إلى تفوق "هيلاري كلينتون" بنسبة 46% في مقابل 43% لدونالد ترامب، ويعتمد الموقع على تقييم استطلاعات رأي الشبكات مثل "فوكس نيوز"، والــ "سي إن إن".
استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة لا تزيف الوعي، ولكنها ليست معبرة عن الحقيقة في جميع الأحوال، فمعظم استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية في انتخابات عام 2004، كانت تصب في صالح المرشح الديمقراطي "جون كيري"، ولكنه خسر في النهاية أمام "جورج دبيو بوش"، لأن بوش أقنع الأمريكيين بأنه المرشح الأقوى للقضاء على الإرهاب، رغم الحالة المتردية للاقتصاد الأمريكي آنذاك ورغم اعتراف إدارة "بوش" صراحة وفي مقدمتهم كولين بأول وزير خارجيته بأنه كذب على الأمريكيين، لكن مع الحالة الداعشية التي يعاني منها العالم، فإن سيناريو انتخابات عام 2004 مرشح للتكرار مرة أخرى في حال ترشح دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري.
نعود مرة أخرى للسؤال عما سيحدث في الشرق الأوسط في حال فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؟!
الإجابة ببساطة هي قيام حرب شاملة في المنطقة، لضرب إيران، مع محاولة تكرار سيناريو حرب يوليو ( 2006) في لبنان، وربما محاولة تنفيذ إسرائيل لمخططها مجددا والذي كان يرمي –حسب تصريحات الإسرائليين– إلى احتلال القرى الحدودية في لبنان حتى جنوب نهر الليطاني.. سيتطلب الأمر أيضا تفكيك سوريا، بالإضافة إلى تشجيع التيارات والأحزاب اليمينية في ألمانيا وبلغاريا وغيرهما من الدول الأوروبية على تبني سياسات متشددة ضد المسلمين.. غني عن القول أن سيناريو ترامب سيكتمل بتشجيع الأنظمة السلطوية في الوطن العربي، فترامب يختلف في رؤياه عن جورج بوش، فالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش سعى لإسقاط صدام حسين إيمانا بتقارير تم تسريبها تقول إن إسقاط النظام العراقي سيساهم في انتشار الديمقراطية في الوطن العربي.
كما أن دونالد ترامب يسهم في مزيد من التطرف والإرهاب، حيث سيعطي "ترامب" الفرصة لتنظيم الدولة الإسلامية لتفعل ما تشاء لأن تصريحات ترامب ستقوى من حجة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، فكره أمريكا للإسلام لن يكون وقتها وهما، بل قولا صدر ويتكرر من الرئيس الأمريكي، والتصريح هنا، لرئيس الغرفة التجارية العربية- الأمريكية، أحمد ميسكي، الذي قال في تصريح لشبكة "سي بي إس" الأمريكية أن سياسة ترامب ستدمر العلاقات مع المستثمرين العرب.
وعلى صعيد الصراع في المنطقة العربية، عبرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في مقال الشهر الماضي عن قلقها في حال فاز ترامب بالرئاسة وكتبت تقول إن ترامب سيكون هو كابوس نتنياهو، وأنه سيترك إسرائيل وحيدة في مواجهة الرياح وإن سياسته الخارجية ستفرض على إسرائيل مزيدا من العزلة، رغم تكرار ترامب تصريحه "بأنه سيحمي إسرائيل بشكل كامل".. وأيا كانت التصريحات الإسرائيلية التي تسعى لمغازلة دونالد ترامب على طريقة "انت مابتحبنيش كفاية"، فإنه لن يكون من الصعب على نتنياهو أن يقنع رئيس أعلن صراحة عن كرهه للمسلمين أن يشعل حروبا في المنطقة للقضاء على حزب الله وحماس، وقبلهما إيران.
وآخر الكلام، أن هناك الكثير من العرب يحبون دونالد ترامب، ويتلهفون انتخابه، لأنه "فتنة مشتعلة" وكل ما يحتاجه هو مزيد من الزيت والبنزين وغيرها من مركبات الفتنة المحفزة على الانفجار.