رئيس التحرير
عصام كامل

«أوسكار» العنصرية والاعتداءات الجنسية


تعددت الأسباب في الدورة الثامنة والثمانين من جوائز "الأوسكار"، لتصبح الدورة الأكثر التباسًا وإثارة للجدل، كما أنها لم تخل من المفاجآت التي وصلت حد الصدمة.


أولى المفاجآت تمثلت في انحياز الأكاديمية لفيلم "سبوتلايت" ومنحه جائزة أفضل فيلم، وهو أمر غير متوقع ولم يكن في الحسبان، إذ أنه عمل يعتمد على تحقيق صحفي أجرته صحيفة "بوسطن غلوب" للكشف عن فضائح الاعتداءات الجنسية والانتهاكات الجسدية التي تعرض لها أطفال في الكنيسة الأمريكية سنة 2002 على أيدي كهنة وقساوسة.

ولدى تسلمه "الأوسكار" وجه أحد منتجي الفيلم كلمته إلى البابا فرنسيس قائلا: "الفيلم أعطى صوتا للضحايا، وجائزة الأوسكار تعظم هذا الصوت وتحوله إلى جوقة يتردد صداها ليصل إلى الفاتيكان.. لقد حان الوقت لحماية الأطفال وتعزيز الإيمان".

نيل "سبوتلايت" جائزة أفضل فيلم لم يشفع له لحصد جائزة أفضل إخراج كما جرت العادة، بل نالها المخرج المكسيكي إليخاندرو غونزاليس إنياريتو عن فيلم "ذي ريفننت" وهي الثانية له على التوالي ليصبح أول مخرج منذ 60 عاما يفوز بالجائزة في عامين متتاليين.. وفاز إنياريتو بجائزة أوسكار أفضل مخرج العام الماضي عن فيلم "بيردمان" ونال حينها أيضًا جائزة أفضل فيلم، أما "ذي ريفننت" الذي دخل الحفل بـ 12 ترشيحًا للجوائز وكان الأقرب إلى الفوز، فلم ينل إلى جانب جائزة الإخراج إلا جائزة أفضل تصوير وأفضل ممثل للنجم ليوناردو دي كابريو الذي حقق حلمه أخيرًا بعد ست مرات ترشح فيها لجائزة "الأوسكار".

لم تنته صدمات حفل "الأوسكار"، إذ انحازت الأكاديمية للأسماء الواعدة، واقتنصت بري لارسون (26 عاما) جائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "روم" وهي التي تترشح للجائزة للمرة الأولى، والأمر نفسه ينطبق على الممثلة السويدية اليشيا فيكاندر الفائزة بجائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم "ذي دانيش غيرل" الذي يناقش التحول الجنسي، وهذه أول جائزة تحصل عليها فيكاندر (27 عاما) التي انطلقت فنيا العام الماضي بدوري بطولة في فيلمي "إكس ماشينا" و"تيستامنت أوف يوث"، وتكتمل صدمات جوائز "أوسكار" التمثيل بمنح مارك رايلانس جائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "بريدج أوف سبايز" متفوقا على المخضرم سيلفستر ستالون الذي كان المرشح الأقرب للفوز عن دوره في فيلم "كريد".

لم تكتف الأكاديمية بمنح الجائزة الكبرى لفيلم عن الاعتداءات الجنسية، بل أطل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن على مسرح الحفل لتسليط الضوء على ضحايا الاغتصاب وتقديم نجمة البوب ليدي غاغا، التي أدت عرضًا مؤثرا بمشاركة مجموعة من الناجيات من الاغتصاب والانتهاكات الجنسية وقد أمسكن بأيدي بعضهن البعض تضامنا مع توجيه نداء لمكافحة الاعتداءات الجنسية في الجامعات.

نأتي إلى التقديم وهو محطة مهمة ينتظرها الجمهور كل عام، وزاد الترقب هذه السنة؛ لأن مقدم الحفل كريس روك من السود، بينما هوليوود يعصف بها منذ أسابيع جدل حول غياب الممثلين السود عن جوائز الأوسكار للعام الثاني على التوالي واقتصار الترشيحات على البيض، وكما كان متوقعًا انتقد روك عنصرية هوليوود محولا كلمته الافتتاحية الساخرة إلى رسالة سياسية، داعيا إلى ضرورة حصول الممثلين من أصول أفريقية على فرص متكافئة مثل نظرائهم البيض، مشيرا إلى إغفال ترشيح الأمريكيين السود من جانب أكاديمية فنون وعلوم السينما ما لا يقل عن 71 مرة خلال 88 عاما تمثل عمر جوائز "الأوسكار"، وأنهم لم يحتجوا في الماضي لانشغالهم بقضايا حقيقية، حيث كانوا يتعرضون للاغتصاب والإعدام حتى من دون محاكمات قانونية، واختتم بأن "حياة السود مهمة".

ومع كل ما تضمنته سهرة "الأوسكار"، أكدت التقديرات تراجع عدد مشاهدي الحفل إلى أدنى مستوى منذ سبع سنوات، وقد برر البعض ذلك بضعف أداء مقدم الحفل كريس روك، فيما قال زعيم الحقوق المدنية آل شاربتون إن تراجع نسب المشاهدة خير دليل على التجاوب مع دعوته لمقاطعة الحفل نتيجة غياب التنوع واحتجاجًا على عنصرية هوليوود.
الجريدة الرسمية