قبل انفجار الموقف بين الفنانين والشرطة!
لم تتوقف الأزمة، إذن، عند حادث الفنانة ميرهان حسين.. انتقلنا الآن إلى قصة أخرى ومستوى آخر من التصعيد، بإهانة نقيب الفنانين، الدكتور أشرف زكي نفسه، كما روى هو إلى وائل الإبراشي، مساء أمس.. الحادث الأول تم فجرا.. وشهوده بالتساوي بين صدق رواية رجال الداخلية وبين صدق رواية الفنانة الشابة طبقا لمساعديها.. وهو ما يعني أننا نسير نحو وقوف كل طرف حول رواية الطرف الذي ينتمي إليه.. الداخلية لا تقبل بإهانة رجالها، والفنانون لن يتخلوا عن زميلتهم، ليس فقط لأنها بريئة من وجهة نظرهم، إنما لأنهم يعتقدون أن كلا منهم معرض لنفس الأزمة!
الآن، أكثر أبناء الوسط الفني عقلا وحكمة، وربما احتراما خارج الوسط الفني، فضلا عن الوسط الفني نفسه، يقول لنا إنه هو أهين، وأيضا إنه شاهد ما يعتبره تعديا على زميلته، مثل إلقاء مياه قذرة عليها في الزنزانة، وشاهد أيضا - وفقا لكلامه - سبابا وألفاظا جارحة، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل قال إن كل ذلك تم أمام مساعد مدير الأمن ومأمور القسم، وهذه هي المرة الأولى التي يقول فيها ذلك، رغم أنه ذهب إلى فنانين آخرين اتهموا في قضايا أخرى طوال السنوات السابقة، ولم يقل مثل ذلك!
نقيب الممثلين لن يذهب إلى أحد الأقسام دون إخطار وزارة الداخلية، وعندما يروي للناس أن استقباله كان كما روى أمس فإن السيناريو المتوقع الآن هو صرخات لرد الاعتبار لنقيبهم الذي يقف معهم في كل شيء.. ثم دعوات للاجتماع وبعدها للاحتشاد لمناقشة الأمر.. وهنا سيدخل على الخط كل الصائدين في الماء العكر، ومنهم من يرون في أنفسهم رسل العناية الثورية وقادة الوسط الفني وسيرفعون شعارات كرامة الفن والفنانين، وهؤلاء سيدعون إلى التصعيد، مستدعين ذكريات اعتصام الفنانين الشهير ضد قانون النقابات الموحد، وكانت بطلته وقتها الفنانة تحية كاريوكا، التي كانت تهاجم وبعنف علنا رجالا كبارا في السلطة من نوافذ نقابة السينمائيين بشارع عدلي بوسط القاهرة.
وخطوات التصعيد ستبدأ بنداءات لرئيس الجمهورية للتدخل أو بالوقفات الاحتجاجية.. ومنهما إلى الاعتصام ومنه إلى الإضراب عن العمل، وهنا ستتداخل نقابات أخرى على الخط، أولها نقابات الفنانين الأخرى، الموسيقيين والسينمائيين، وهم كتلة اتحاد النقابات الفنية، ثم الأطباء التي سترى أنه من الواجب رد "الواجب" لنقابة الممثلين التي تضامنت - في سلوك تقليدي - مع نقابة الأطباء.. ومنهم جميعا إلى الصحف والفضائيات المحلية والعالمية، ونكون أمام أزمة داخلية جديدة، بعد أزمتي أطباء المطرية وشهيد الدرب الأحمر.. فضلا عن تداخل دوائر للتسخين من خارج الوسط الفني، ممن يرغبون في صب الزيت على أي نار مشتعلة في مصر، بينما على الجانب الآخر سترفض الداخلية أي تنازل يتعلق بكرامة رجالها، خصوصا أن البعض يقول إنها تمتلك تسجيلا للواقعة من بدايتها خلاف المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي، ويضم كل إهانات ميرهان حسين لرجال الكمين الذي استوقفها!
الآن، نتساءل: هل من عقلاء يلمحون أول خيوط الأزمة ويلتقطونه ويتعاملون معه بحكمة وتعقل؟ أم أننا ندمن التحرك بعد فوات الأوان، وتكون الحلول عندها أصعب وتتطلب تنازلات أحيانا تكون مؤلمة، من ولكل أطراف الأزمة!!
سننتظر، وننتظر.. وكل الأمل أن ننجو مبكرا، ولو مرة واحدة، من أزمات تنصب في طريقنا جميعا ونقع فيها كل مرة.. كل مرة!