رئيس التحرير
عصام كامل

قانون إنقاذ مصر الذي لن يصدر!!


لماذا نصرخ ليل نهار بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ونتجاهل الحل الجذري الذي يحل المشكلة عاجلا وعلى المدى البعيد ويحقق نقلة حقيقية وواقعية لمصر؟! لماذا نستسهل الجباية من فئات الشعب المطحونة في شكل ضرائب ورسوم.. واستجداء التبرعات من الداخل والخارج.. ونحقق كل يوم رقمًا قياسيًا في الديون، رغم أن كل ذلك مسكنات لن تغني ولن تسمن من جوع، ولا نلتفت للحل الجذري الذي يجذب الموارد ويوفر فرص العمل وينهض بكل القطاعات؟!


هذا الحل ببساطة شديدة يتمثل في إصدار قانون جديد للاستثمار، ومعه حزمة تشريعات تخدم فلسفته وتحقق أهدافه.. وهذا الحلم تحدثت عنه الحكومة قبل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ بشهور، ولكن ما تم هو ترقيع للقانون الحالي الطارد للاستثمارات.. وتعللت الحكومة في ذلك الوقت بأن الوقت لم يسعفها في إعداد القانون الجديد، وتعهدت بإصداره بعد انتهاء مؤتمر شرم الشيخ.. لكن لم يحدث ذلك.. ولن يحدث!

نعم.. لن يصدر قانون جديد للاستثمار على غرار القوانين التي أصدرتها العديد من الدول التي انطلقت اقتصاديًا في العقود أو السنوات الأخيرة، والسبب ببساطة أنه بمجرد الحديث عن التفكير في إسقاط القانون الحالي، وإصدار قانون جديد تمامًا، اشتعل الصراع بين عدد كبير من الوزارات والهيئات والجهات الرسمية، حول نصيب كل منها في كعكة الاستثمار، وهو السبب الحقيقي وراء عدم خروج قانون جديد قبل مؤتمر شرم الشيخ، والاكتفاء بعملية ترقيع لتجميل الشكل أمام الشركات العالمية التي انتظرت هذا التشريع، بناءً على وعد الحكومة، ومضى أكثر من عام على هذا الوعد ولا حس ولا خبر عن القانون.. وبالطبع لن يصدر ولا بعد أعوام في ظل الصراعات بين مؤسسات الدولة العميقة للسيطرة على "سبوبة" التدفقات المالية والاستثمارات..

أما الدول التي نجحت في نهضتها الاقتصادية فقد قامت أولا بتطهير مؤسساتها من الفساد، من خلال تطبيق معايير دولية معروفة في الإدارة والمحاسبة والشفافية، مما حقق لها مرونة في الإجراءات، مع توافر ضوابط تحمي مصالحها الوطنية دون تعقيد، فجذبت الاستثمارات ورفعت صادراتها ونشطت تجارتها مع العالم الخارجي، لكن الفساد والمصالح الشخصية تنتصر علينا دائمًا، وتدفع أجيالا وراء أجيال للعيش بالمعونات والتبرعات والديون.. وتذهب خيرات البلاد لبعض العباد.. ويظل عامة الشعب ينتظرون الحل الجذري دون جدوى !
الجريدة الرسمية