نقطة نظام (اعتذار عن عدم الكتابة!)
أعتذر أنا المُوقّع أعلاه، عن عدم الكتابة هذا الأسبوع لأسباب ليست صحية، فالحمد لله لا أعانى سوى من متاعب خفيفة فى القلب، أتعايش معها منذ 4 سنوات، حتى صرنا "المتاعب وأنا"، صديقين لا يستغنى أحدنا عن الآخر، وربما نتزوج قريبا.
كما أن اعتذارى عن عدم الكتابة هذا الأسبوع ليس من ضمن دواعيه أننى مشغول بأمور أخرى، لأننى متفرغ تماما للعمل فى "فيتو"، ولم أمتلك بعد مهارة "البزنسة" على شرف مهنة الصحافة، ولكن قد اضطر إلى ذلك لاحقا بسبب أعباء الحياة وتكاليفها، وحتى أتمكن من إنهاء الشهر دون اقتراض وديون! واعتذارى عن عدم الكتابة هذا الأسبوع لا علاقة له بقرارات فوقية من السيد رئيس التحرير، فهو لم يصدر أية قرارات بهذا الشأن بعد، ولكن قد يصدرها لاحقا لأن دوام الحال من المُحال.
واعتذارى عن عدم الكتابة هذا الأسبوع ليس من أسبابه أننى لم أجد موضوعا أكتب عنه، فالحمد لله لستُ ممن يعانون فقرا فى هذا الأمر، كما أن الأحداث السياسية والاقتصادية ساخنة، ما يجعل الأفكار متدفقة كموج البحر.
ولكن قد يكون السبب الحقيقى فى اعتذارى عن عدم الكتابة هذا الأسبوع، هو أنه صرتُ مقتنعا بأنه لم يعد للكتابة جدوى فى زمن الغباء السياسى الذى غدا فيه الإسلام غريبا كما بدأ، زمن يجعل الحق باطلا والباطل حقا والدين تجارة رخيصة! فى زمن الظلم والكذب والضلال، واحتكار الحقيقة، ومحاصرة الصحف، والتهديد بقتل الصحفيين، لأنهم سحرة فرعون وفاسقون، وسوف يدخلون النار زمرا، لن يكون للكلمات جدوى، ولا للكتابة مردود، فماذا عساها أن تفعل الكلمة، فى عصر عصابات الإسلام السياسى؟ وماذا عساها أن تصنع الكلمة فى زمن لم يعد لرئيس الدولة فيه موقف ثابت ولا قرار صادق؟ وماذا عساها أن تفعل الكتابة، مع سلطان جائر وشعب مقهور مضلل؟ وماذا عساها أن تصنع الكتابة فى زمن أصبح الدم المصرى بلا مقابل، وماذا عساها أن تصنع الكتابة فى زمن صُنّاع القبح والضلال والغش والتدليس، واحتكار الحديث باسم السماء؟
هناك
كلمات حركت شعوبا وأطلقت ثورات، كما يقول الأستاذ "فاروق جويدة"، وهناك
كتَّاب وشعراء غيروا وجه هذا الكون، ولكن هناك أيضًا من ماتوا حزنا لأن كلماتهم تحولت
إلى قضبان، لقد رسموا للناس حياة لم تأت بعد، وسجنوا أنفسهم وراء متاريس لم تفتح بعد،
وحاصرتهم ميليشيات القبح.
من أجل هذا، أعتذر عن عدم الكتابة هذا الأسبوع.
نقلا عن جريدة فيتو