رئيس التحرير
عصام كامل

رفقا بسمعة مصر!


جاءني صوته الغاضب من الكويت عبر التليفون: لماذا ينغص أعلامكم علينا حياتنا.. ألا يكفينا ما نعانيه من مرارة الغربة؟

كان المتحدث قريبا لي يعمل في الكويت منذ سنوات، ولا يتوقف خلال زياراته لعائلته في مصر، عن الحديث عن ترحيب الشعب الكويتي بالوافدين، وعن حكومته التي لا تفرق بين المواطنين والوافدين في تطبيق القانون على الجميع، مما يجعل العمل في الكويت أفضل بالنسبة للغرباء خاصة المصريين.. فما الذي تغير ودفعه إلى الاتصال التليفوني الغاضب؟.


المكالمة الغاضبة تمت عقب حادث بشع شغل الإعلام الكويتي والمصري، بعد أن قام عدد من المواطنين بقتل شاب مصري ومثلوا بجثته، مما أثار موجة من الغضب ليس فقط بين المصريين والوافدين.. وإنما بين العديد من الكويتيين الذين أصابهم الحادث بالفزع وجاءت التصريحات الحكومية لتطمئن الجميع إلى أن القانون سيطبق على الجميع، وأن المتهمين سيخضعون للمحاكمة.

ولم تتخلَّ الحكومة المصرية عن مواطنيها وتابعت الإجراءات القانونية خطوة بخطوة.. وأكدت أنها لن تتهاون في الحصول على حق القتيل.

وبذلك فالمشكلة لا تتطلب الغضب الذي عبر عنه قريبي في حديثه التليفوني، وكان لا بد أن أساله عن الأسباب.

قال: المشكلة لا تتعلق بتقصير من الجانب الكويتي في التعامل مع الجناة، ولا عتب على الحكومة المصرية التي تعاملت بجدية، لم نعتد عليها في مثل تلك الحوادث، ولكن بالآثار المدمرة التي نتجت عن تصريحات إعلامي شهير يملك قناة فضائية هو نجمها الأوحد، وجاء تعليقه على ما جرى مسيئا للمصريين العاملين في الكويت.. وربما في دول الخليج، قال - لا فض فوه - إن مصر مضطرة لعدم تكبير مثل تلك الحوادث، تجنبا لاستفزاز المواطنين في تلك الدول الذين سيمارسون الضغوط على حكوماتهم للتخلص من العمالة الأجنبية، ويعود هؤلاء إلى مصر التي يعاني شبابها من البطالة والفقر والعوز.

وأترك لك تخيل الآثار المدمرة على العاملين في دول الخليج، بعد أن انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بتلك التصريحات، وقامت بنشرها على الكويتيين الذين كانوا ينظرون إلينا باحترام شديد.

وتتكرر واقعة الكويت بصورة أكثر بشاعة، اختلف ٤ سعوديين مع مواطن مصري على أولوية المرور في مدينة الرياض، فقاموا بدهسه بسيارتهم أمام المارة، اعتراضا على محاولة شاب أجنبي أن يحصل على حقه في أولوية المرور.

تم القبض على الجناة.. وكما حدث من جانب المسئولين في الكويت أكد المسئولون في السعودية أن الجناة سيخضعون للمحاكمة، وتابعت نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة تطورات القضية مع المسئولين في السعودية، كما تحرك الاتحاد العام للمصريين في الخارج الذي أعلن المتحدث باسمه، عادل حنفي، أنه بعد دهس الشاب المصري قام الجناة بالتمثيل بالجثة.

ويجيء تصريح القنصل العام لسفارتنا في الرياض محيرا، فقد طالب بعدم الخلط بين الحادث الفردي.. وعلاقتنا التاريخية مع السعودية، وكأن تلك العلاقة مع السعودية تتطلب التهاون في كرامة المصريين.

وتجيء التصريحات غير المسئولة لأحد المغمورين عبر شاشات أحدث الفضائيات لتضاعف من حجم المعاناة التي يلقاها العاملون المصريين في الخارج، فقد تناول هذا المأفون أعراض نساء الصعيد، بل كل المصريات اللاتي يعمل أزواجهن خارج البلاد، وقد اهتمت أجهزة الإعلام المعادية بتصريحات هذا المأفون ووصفته بالباحث الجاد.. رغم أن أحدا من المصريين لم يسمع اسمه من قبل.. ولكن حب الشهرة دفعه إلى هذا التطاول على نساء مصر، مما أشعل ثورة غضب لن تهدأ إلا بعد أن يلقى هذا النكرة العقاب الرادع بعد أن تقدم العديد من المواطنين بدعاوى قضائية ضده.

ولكن الإساءة التي وجهها إلى زوجات المصريين العاملين في الخارج، لن يمحوها سجنه، فقد تحولت تلك التصريحات الخائنة إلى «كرابيج» تلهب ظهور المصريين في الخارج.

ونقول.. رفقا بسمعة مصر.

الجريدة الرسمية