رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي يلقي كلمة من قلب كازاخستان.. يستعرض تطورات الحياة السياسية المصرية.. ويطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ويؤكد على المضي قدما في تنفيذ التنمية المستقبلية

 الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

زار الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، جامعة نزار باييف، التي تم إنشاؤها عام 2010 وفقًا لأعلى المعايير الدولية بمبادرة من الرئيس الكازاخي نزار باييف، لتمثل صرحًا تعليميًا كبيرًا ومركزًا بحثيًا فريدًا ومتطورًا في منطقة وسط آسيا.

كبريات الجامعات
وترتبط الجامعة بدولة كازاخستان باتفاقيات شراكة مع عدد من كبريات الجامعات العالمية، وتضم كليات الهندسة، والعلوم والتكنولوجيا، والتعليم، والعلوم الإنسانية والدراسات الاجتماعية، والطب، والسياسات العامة.

وألقى الرئيس كلمة في جامعة نزار باييف، أعرب فيها عن سعادته، وقال: "يسعدني أن أتحدث إليكم اليوم من هذا البلد الصديق الذي تجمعنا به أواصر وروابط تاريخية تعود إلى عقود عديدة شهدت تواصلاً مستمرًا بين الشعبين في مختلف المجالات، خاصة في المجال الثقافي والتعليمي".

المستوى الدولي
وأضاف السيسي: "يسعدني أن تتاح لي الفرصة للتواصل مع المجتمع الثقافي والأكاديمي الكازاخي من فوق منبر جامعة "نزار باييف"، هذه المؤسسة العلمية الكبيرة التي أسهمت على امتداد العقد الماضي ولا تزال، في إثراء الحياة العلمية والفكرية، ليس في كازاخستان فحسب، وإنما على امتداد عالمنا الإسلامي وعلى المستوى الدولي".

حكمة "نزار باييف"
وأضاف الرئيس: "يطيب لي في هذا المقام أن أشيد بحكمة الرئيس "نزار باييف" والتي انعكست في اهتمامه بمجال التعليم باعتباره مجالاً حيويًا وضروريًا لبناء الأمم والشعوب، يساهم في تحقيق نهضتها وتقدمها، وقد كانت رؤيته ثاقبة في إنشاء صرح تعليمي عظيم يثري الحياة العلمية والأكاديمية في كازاخستان، ويتواصل مع كبريات الجامعات الدولية لتحقيق التبادل المعرفي والثقافي بين كازاخستان ومختلف دول العالم".

التعاون الثقافي
وقال السيسي: "لقد كان التعاون الثقافي والأكاديمي بين مصر وكازاخستان لا يزال الجسر الممتد للعلاقات الثنائية، وأثق أن إرادتنا السياسية سوف تستمر لمد هذا الجسر بالمزيد من التواصل والنمو، تحقيقًا لرفاهية الشعبين، ولطالما اتسمت علاقات البلدين بالتميز، إذ كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بكازاخستان فور استقلالها عام1991".

وأوضح الرئيس، أن كازاخستان تعد من أكثر الدول تأييدًا لإرادة الشعب المصري الحرة ولخياراته المستقلة التي عبر من خلالها عن رغبة حقيقية في التغيير نحو الأفضل، ونجحت مصر في تنفيذ كل استحقاقات خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى الوطنية المصرية؛ حيث تم استكمال تلك الاستحقاقات بتشكيل مجلس النواب الجديد الذي يشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب، فضلاً عن ذوي الاحتياجات الخاصة والمصريين المقيمين في الخارج".
التنمية
وتابع السيسي: "تواكبت مع تلك الجهود رؤية اقتصادية وتنموية تعمل مصر على تنفيذها سواء في المرحلة الراهنة أو من خلال استراتيجية بعيدة المدى؛ حيث يتم تدشين وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية الكبرى مثل مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وما يضمه من مناطق صناعية ولوجستية وموانئ ومشروع تنمية واستصلاح المليون ونصف المليون فدان لإنشاء مجتمعات عمرانية وتنموية متكاملة".

"رؤية مصر 2030"
وقال الرئيس: "في الرابع والعشرين من فبراير الجاري تم إطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" التي تهدف إلى جعل مصر ضمن أفضل ثلاثين دولة على مستوى العالم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، فضلاً عن مؤشرات جودة الحياة والارتقاء بمعدلات النمو إلى 10% سنويًا مع مراعاة الأبعاد السياسية والاقتصادية والبيئية، وتتكامل تلك الأهداف مع احترام حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون، فضلاً عن سياسة خارجية نشطة وفعالة ومتوازنة".

وأضاف أن التطورات التي تشهدها مصر تأتي في ظل أوضاع إقليمية سريعة ومتلاحقة، وفي محيط إقليمي يموج بالأزمات التي تتسم بتعقيدات وملابسات تجمع بين الاقتتال الأهلي والتناحر الطائفي، وتمدد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، الأمر الذي ينذر بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وكيانها".

التحدي الأكبر
وأشار السيسي إلى أن التحدي الأكبر الذي يهدد شعوبنا اليوم يتمثل في المحاولات اليائسة لنشر فكر منحرف ومتطرف تحت شعار إعلاء كلمة الدين الإسلامي وتكمن خطورته في أن هذا الفكر بات يهدد أمن الشعوب وسلامتهم وحرياتهم وقدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية".

ولفت إلى أن تيار العنف والتطرف والإرهاب ينطوي على أفكار مغلوطة تجافي صحيح الدين الإسلامي وتسيء إلى مبادئه الداعية إلى تبني مفاهيم السماحة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر وتحريم القتل والعنف أيََا كانت الذرائع.

الوحدة في مواجهة الإرهاب
وقال السيسي إن الخطوة الأولى التي لا غنى عنها لمواجهة خطر التطرف والإرهاب هي أن نتوحد جميعًا وبصدق النية والعزم على هزيمة الإرهاب، والوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة سعيًا لوقف تمددها والقضاء عليها دون تمييز.

ولقد نادت مصر منذ عقود بضرورة القضاء على الإرهاب والتطرف الفكري المصاحب له من خلال وضع استراتيجية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني فحسب، وإنما تأخذ في الاعتبار أيضًا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية، بالإضافة إلى عدم التمييز فيما بين التنظيمات الإرهابية إلى تنظيمات متطرفة وأخرى أقل تطرفًا".

مواجهة الفكر المتطرف
وأوضح السيسي أن مصر بتراثها الثقافي والديني تعي جيـدًا الأساليب الهدامة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية باسم الإسلام من أجل السيطرة على عقول الشباب، ولقد دعوت علماء الأمة لاتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام على المستويين المحلي والدولي، ووجهت نداء للأزهر الشريف بمنهجه الوسطي المستنير، وبما يمثله من مرجعية دينية عنــوانهـا الاعتـدال والتسامح، أن يعمل على إطلاق العديد من المبادرات لدحض الأفكار والمفاهيم المغلوطة وقيادة جهود التجديد في العلوم الفقهية والفكر الإسلامي، لتواكب روح العصر وتفنيد ادعاءات وحجج وفتاوى التنظيمات المتطرفة والرد عليها، بهدف إعداد شباب واع وقادر على إدراك متطلبات العصر وتحدياته ومقاومة الانجراف وراء أهواء تنظيمات إرهابية لا ترغب إلا في تحقيق مآربها ومصالحها الشخصية".

وقف استفادة الإرهابيين من الإنترنت
وقال الرئيس: "في هذا الصدد، فإننا في مصر نعول كثيرًا على قيام شركائنا في المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات مماثلة، والعمل كذلك على تنفيذ التدابير اللازمة لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي ساهمت بلا أدنى شك في إضفاء أبعاد جديدة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري، وجعلتها تنتشر بشكل متزايد بين أرجاء المجتمع الدولي، الأمر الذي يستوجب العمل بجدية من أجل الحيلولة دون استخدام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتلك الوسائل من أجل نشر أفكارها المغلوطة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها".

وأضاف السيسي: "ثقتي كاملة في أن دولة كازاخستان وما تمثله من اعتدال شعبها ووسطيته، وبحكمة وشجاعة قيادتها، تعد في مقدمة شركائنا في مطالبة المجتمع الدولي بمزيد من العمل المشترك من أجل كف أيدى الإرهاب الغاشم عن مصائر شعوبنا ومستقبل أبنائنا، والمضي قدمًا بخطى ثابتة على طريق التنمية الذي يعد وبحق العامل الرئيسى في اقتلاع جذور الإرهاب في ظل استغلال الجماعات الإرهابية للظروف الاقتصادية الصعبة، لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها".

مكافحة الإرهاب
وأشار إلى أن حصول مصر على عضوية مجلس الأمن الدولي عن الفترة 2016/2017، وانتخابها لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن المجلس ليعكس مدى اهتمامنا بهذه القضية ومدى ثقة المجتمع الدولي في حرصنا على النهوض بالجهود الدولية في مواجهة ظاهرة الإرهاب وعلى تبني مواقف مبنية على مبادئ وأسس ثابتة لا تخضع لأي أهواء أو تحيز، والاستمرار في انتهاج سياسات نشطة وواقعية لمواجهة جذور هذه الظاهرة.

وقال الرئيس إن جهود مكافحة الإرهاب لن تجدى نفعًا إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف وإدراك خطورة المعركة التي نخوضها، فهي معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها، ومن أجل غد أفضل تستطيع شعوبنا أن تتمتع فيه بثمرة البناء والتقدم والرخاء، بعيدًا عن أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها.
الجريدة الرسمية