رئيس التحرير
عصام كامل

التعليق على الأحكام القضائية


هناك مبدأ مستقر في كل البلاد المتحضرة والديمقراطية وهو أنه لا يجوز التعليق على الأحكام القضائية إلا للمتخصصين في القانون الذين لهم الحق في التعليق في المجلات القانونية المتخصصة وليس في وسائل الإعلام.


والحكمة في هذا المبدأ أن تحليل الأحكام القضائية مسألة بالغة الأهمية في مجال تطور القانون حين يمارسه أساتذة القانون المتخصصون لأنها تكشف عادة المبادئ القانونية الجديدة التي تستحدثها الأحكام القضائية أحيانًا لسد ثغرات التشريع.

وفى أحيان أخرى قد يوجه أساتذة القانون النقد لبعض الأحكام على أساس مخالفتها لنظريات وقواعد قانونية مستقرة، وهذه القواعد المرعية في مجال التعليق على الأحكام القضائية نجد في الممارسة العملية في مصر أننا نخالفها بطريقة معيبة حقًا.

فوسائل الإعلام المقروءة والمرئية تمارس التعليق على الأحكام القضائية سواء بالمدح أو بالذم من قبل أشخاص يجهلون القانون ويمارسون الكلام الغوغائى ما من شأنه أن يضلل الرأى العام.

وأخطر من ذلك شيوع تعليق عائلات المجني عليهم في جرائم القتل على سبيل المثال حين يصدر على الجانى حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة ويصرحون بأنهم كانوا يريدون إعدام القاتل شفاء لصدورهم! وهذا سلوك غير مقبول في الواقع وفيه عدوان على مبدأ استقلال القضاء.

أثيرت هذه المشكلة لأن محكمة النقض قبلت مؤخرًا نقض الحكم الصادر عن محكمة الجنايات بالإعدام على مرتكبى جرائم كرداسة وأحالت القضية إلى دائرة أخرى لكى تبدأ المحاكمة من جديد.

وهذا الحكم في تطبيق لصحيح القانون لأن محكمة النقض من حقها حين تكتشف في حكم محكمة الجنايات أسبابا مقبولة للطعن عليه مثل الفساد في الاستدلال مثلا أو عدم سماع الشهود فمن حقها قبول الطعن، ومن هنا ينبغى على الإعلام أن يمتنع عن التعليق على الأحكام احترامًا للقواعد المراعاة في ذلك بكل بلاد العالم.
الجريدة الرسمية