رئيس التحرير
عصام كامل

«أمناء» بلا سلاح.. خطوة أولى


بادرة طيبة أن يتقدم وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار باعتذار علني لكل مواطن تعرض لإساءة، ثم يقبل رأس من طاله انتهاكًا من أحد أفراد جهاز الشرطة، لكن هذا ليس بجديد فقد سبق أن اعتذر الرئيس السيسي شخصيًا مرات ومرات، وبرأيي الشخصي أن اعتذار وزير الداخلية عن انتهاكات وجرائم أمناء الشرطة لا تزيد على كونها محاولة للتهدئة وامتصاص غضب الرأي العام، ومحاولة لاستعادة الثقة التي بدأت تهتز بسبب تصرفات ورعونة قلة فاسدة في جهاز أمني أغلبه شريف.


المتابع لتجاوزات وانتهاكات أمناء الشرطة تجاه المواطنين في كثير من الأماكن والمواقع يجد إصرارا شديدا وتبجحًا فيما يحدث؛ لأن "من أمن العقوبة أساء الأدب"، وأمناء الشرطة ارتكبوا الكثير من الانتهاكات والإساءات وفلتوا من العقوبة، فاعتبروا أنهم فوق القانون وعاثوا في الأرض فسادًا غير آبهين لا بالوزارة ولا حتى بالدولة نفسها.

إن الخطورة فيما يحدث من انتهاكات على أيدي أمناء الشرطة بشكل متسارع، أن تكون محاولات لإنهاء ثقة الشعب في جهاز الشرطة كله واستدعاء أجواء ما حدث في أعقاب 25 يناير 2011 والسعي لإسقاط الشرطة مجددًا، ما يعني إسقاط الدولة كلها.. وهذا تحديدًا يستوجب تحركا عاجلا من وزير الداخلية بدعم من رئيس مجلس الوزراء وتعاون مجلس النواب لسرعة إقرار تشريعات ضبط الأداء الأمني ولجم سلطة أمناء الشرطة على وجه التحديد وسرعة محاكمة وعقاب المتجاوز منهم.

لعل ما حدث من بعض أمناء الشرطة في الأيام القليلة الماضية، يعيد إلى الأذهان نموذج أمين الشرطة الفاسد الذي جسده الراحل خالد صالح في فيلم "هي فوضى" للمخرج الراحل يوسف شاهين، وهو النموذج الذي يجر ويلات على البلد في وقت لا تتحمل فيه هزة جديدة بعد ما عانته في السنوات الأخيرة.

وعلى وزارة الداخلية أن تبادر إلى مجموعة من الإجراءات السريعة التي من شأنها طمأنة الشعب والمحافظة على الثقة بينهما، وفي الوقت نفسه ردع أمناء الشرطة ومن يحاول الإساءة إلى المواطنين باستخدام سلطة نالها بالأساس لخدمة الشعب وحفظ الأمن.

أول تلك الإجراءات تترجم بسحب سلاح أمناء الشرطة، والاكتفاء بالعصا الكهربائية، وحتى يتم تنفيذ الخطوة يجب إصدار قرار عاجل بفصل من يستخدم سلاحه خارج مواعيد خدمته فصلا نهائيا.

ما دام وزير الداخلية يرفض فكرة المحاكمة العسكرية للمتجاوزين في جهاز الشرطة، فعليه تخصيص محاكم خاصة لسرعة الفصل في القضايا وردع المتجاوزين من أبناء الشرطة.

الإسراع بحل ائتلاف أمناء الشرطة والروابط التي تجمعهم في المحافظات لما تمثله من ضغط وتهديد للوزارة، وآخرها عندما هددوا بإغلاق أقسام الشرطة ومديريات الأمن ما لم يتم الإفراج عن زملائهم الموقوفين في الأيام الفائتة.

إغلاق معهد أمناء الشرطة بشكل قاطع، مع الاستعانة بفئات أخرى من موظفي الداخلية وتدريبها على ما يقوم به الأمناء من أعمال، على أن يتم استبدالهم بشكل تدريجي، حتى لا يتمكن الأمناء فيما بعد من التهديد بإيقاف العمل في الأقسام ومديريات الأمن.

وأخيرًا إعادة فرز وهيكلة جهاز أمناء الشرطة بشكل كامل والتخلص التام من الفاسدين، وإبعاد أصحاب المشكلات عن التعامل مع المواطنين بتحويلهم إلى وظائف مكتبية أو ما شابه والحفاظ على الشرفاء منهم.
الجريدة الرسمية