رئيس التحرير
عصام كامل

دولة مبارك.. والعودة للمربع صفر.. ماذا بعد ؟!


دولة مبارك هي دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والافتراء على خلق الله من الفقراء والكادحين، دولة مبارك هي الدولة التي تحول فيها أمين الشرطة أبو إعدادية إلى باشا يضرب ويسرق وينهب ويغتصب ويقتل ويهاب ولا يعاقب ولا يقترب منه أحد، فهو من المفترض ممثل القانون أو حافظ النظام أو قل هو القانون أو النظام ذاته، وإذا أردت الدقة هو فوق القانون والنظام، هو اليد التي يبطش بها ممثلو القانون والنظام، هو الأداة التي يستخدمها جهاز الشرطة أداة النظام السياسي الاستبدادي لضرب الشعب وإهانته وإخضاعه بالقوة للسكوت والانصياع لرغبات الحكام الأغبياء الذين أفقروا شعوبهم بسياساتهم التابعة غير الوطنية.


لقد ذاق كل الشعب المصرى ضربة أو أكثر من هذه الأداة الباطشة التي يطلقون عليها أمناء الشرطة، ومن لم يذق فقد شاهد بنفسه أو سمع من غيره عن موقف أو أكثر للتجاوزات الرهيبة التي يمارسها هؤلاء الطغاة الجاهلون الأغبياء، فخلال الممارسات الحياتية اليومية تصادفه كثيرًا سواء ذهبت إليه أو جاء إليك ودائما يقهرك ويتمعن في إذلالك وإن لم يتمكن لو كنت في موقع متميز على الخريطة الطبقية فسوف يقوم بابتزازك باسم القانون على أقل تقدير فيستخرج منك رشوة على شكل إكرامية، على عكس السرقة والنهب وإهدار الكرامة التي تحدث مع الفقراء والكادحين الذين فرض عليهم النظام أن يقبعوا في أسفل السلم الاجتماعى وفى المنطقة المتصحرة على الخريطة الطبقية.

لقد هاج وماج كل ممثلى نظام مبارك حين قدم العبقرى خالد يوسف نموذج حاتم "أمين الشرطة" في فيلمه الرائع "هي فوضى" والذي تنبأ من خلاله بقيام الثورة على دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والطغيان التي يمثلها حاتم أمين الشرطة الأداة القذرة التي يستخدمها جهاز الشرطة أداة حفظ كراسي السلطة وليس أداة حفظ الأمن والسلم للشعب في دول التخلف والتبعية.
 
وفى حينه خرج علينا المتفلسفون ليقولوا هذا تشويه وإساءة لسمعة مصر وهناك من طالب بضرورة محاكمة خالد يوسف، وبالطبع ما قدمه خالد يوسف هو نموذج للفن الملتزم بقضايا الوطن، والذي يشكل فيه الفن مرآة عاكسة لكل السلبيات التي تحدث في الواقع مع التحذير الدائم بخطورة ما يحدث؛ ولأن النظام غبي فلم يلتفت لتحذيرات خالد وأمثاله من الفنانين والكتاب الوطنيين الملتزمين، كما لم ليلتفتوا للدراسات العلمية التي تنبع من نفس الأرضية الوطنية وتجاهلوا نتائجها فكانت ثورة 25 يناير التي تفجرت بسبب الممارسات المباشرة للأدوات القذرة للنظام وهم أمناء الشرطة.

وخلال أيام الثورة الثمانية عشر تهاوى جهاز الشرطة وهوى معه نظام مبارك ودولته كلها –هذا ما توهم به غالبية المصريين– لكن حقيقة الأمر هو أن دولة الفساد والاستبداد والقهر والظلم والطغيان فقط انحنت للريح حتى تمر، وقد استغرق ذلك ما يقرب من عامين حين قامت 30 يونيو على دولة الإرهاب التي حاولت أن تحل محل دولة الفساد لكنها فشلت، ومنذ ذلك التاريخ ودولة مبارك تحاول العودة إلى سابق عهدها لترهب وترعب المواطنين المصريين من جديد، وبالطبع في إطار استعادة هيبتها المفقودة لم تجد غير أمناء الشرطة غير الملتزمين لتفرض نفسها من جديد على حياة المصريين.

ومن هنا يمكن القول إننا قد عدنا مرة أخرى للمربع صفر قبل قيام ثورة 25 يناير فشكل الدولة والنظام كما هو لم يتغير قيد أنملة، فالفساد ينخر في عظم الوطن، والاستبداد والقهر والظلم وتقييد الحريات هو سيد الموقف، واستمرار الفرز الاجتماعى بحيث يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا نتيجة لغياب العدالة الاجتماعية الفريضة الغائبة التي يبحث عنها عموم المصريين، وبالطبع في ظل غياب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية تغيب الكرامة الإنسانية.. ومن هنا نتساءل ماذا بعد ؟

لقد عادت دولة مبارك من جديد في شكل حكومة وبرلمان من صبيان رجال لجنة السياسيات، ومازالت السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التابعة للنموذج الرأسمالى العالمى كما هي، ومازالت محاولات فرض الهيمنة والسيطرة بواسطة أجهزة الشرطة وأدواتهم التحتية ( أمناء الشرطة ) تفعل فعلها، لذلك أوجه النداء للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وثق فيه الشعب المصري أنك النقطة الفاصلة على السطر فيمكنك أن تعلن تبرؤك من دولة مبارك وتدخل ومعك الشعب في معركة هدمها وبناء دولة الحرية والعدل، وإلا فسوف يكفر المصريون بك وهنا ستقوم الثورة على دولتهم وعليك.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية