تكلفة مياه الشرب.. ومائة علامة استفهام و..!
في خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه عددًا من مشروعات الإسكان الاجتماعي ومياه الشرب والصرف الصحي بمدينة 6 أكتوبر أشار إلى حجم الالتزامات المالية على الدولة وقال حرفيا "وهانجيب فلوس منين للمشروعات؟"، ثم عقب أكثر من مرة لازم الناس تعرف... وأنا بفتح الحنفية، المية دي بتتكلف كام والدولة بتدفع كام، والمواطن بيدفع كام، علشان محدش يقول المية غالية عليا، متر مية الشرب تكلفته 160 قرشًا على الدولة بينما يدفع المواطن 23 قرشًا فقط في المتر"، ونحن من جانبنا نوضح -في هذا المقال- عدة نقاط بالدليل القاطع والمستندات الصادرة عن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي وليس بالكلام المرسل، وهي كالتالي:
ما سبق يتطلب أن نجيب عن التساؤل البديهي هل ما يتم تحصيله عن متر المياه هو( 23 ) ثلاثة وعشرون قرشا ؟ الحقيقة لا وألف لا، لأن الفواتير المرفقة من إحدي محافظات مصر وهي محاظة الغربية تقول غير ذلك، حيث يتم التحصل المنزلي بواقع 1،77 (جنيه وسبعة وسبعون قروشا) لكل متر مياه وصرف حتى آخر 2015، وتم رفع سعر متر المياه قبل خطاب الرئيس إلى 1،92 قرش لكل متر بداية من يناير 2016..
وبما أن سعر متر المياه يمثل 2/3 من الفاتورة، والصرف يمثل 1/3، إذًا سعر متر المياه وحدها هو 1،28( جنيه وثمانية وعشرون قرشا)، وليس 23 قرش كما جاء في خطابكم، وبالتالي فإن كل ما تتكلفه الدولة من دعم لا يزيد على 32 قرشا لا غير بما يعادل 20 % ولا صحة لمقولة إن المواطن لا يتحمل التكلفة الحقيقية سوى 25 %، لأنه يتحمل بالفعل 80% من التكلفة التي تقدرها الدولة وهي تكلفة مبالغ فيها..
وإذا كان المسئولون في وزارة الإسكان وشركة المياه والصرف الصحي لا يبلغون الحقيقة، فالتبعة الأولى تقع الوزير المختص وكل المسئولين عن هذا المرفق والأجهزة الرقابية التي تقصر في عملها، ومن المفترض أن يحاسب صاحب المعلومات المغلوطة التي توقع الرئيس وإدارته في خطأ الإدلاء بمعلومات غير صحيحة وعدم المصداقية..
القضية الحقيقية التي ينبغي يعرفها الرئيس أن تكلفة المياه الفعلية أقل من 160 قرشا بكثير إذا أغلقت منافذ الفساد، كما يتضح من الثغرات التي توجد في نظام احتساب االتكاليف الخاصة بكل الخدمات ومنها مرفق المياه والصرف الصحي.
فالشركة القابضة للمياه والصرف الصحي تضع تكاليف باهظة على عاتق المواطن( المستهلك للخدمة )، حيث تضع على كاهل المواطن تكلفة غير حقيقية ومبالغ فيها للشركات المنفذة بفواتير مضروبة، وتقوم بمحاسبة المشتركين بنظام محاسبي طبقي يفرق بين الشركات والمصانع الحكومية وفق نظام يدوي ( إكسل ) الأكثر دقة، وتحاسب المصالح الحكومية والمدارس والمستشفيات ببرامج محاسبية قديمة أكثر أمانا وعدالة، بينما تتعامل مع المواطنين الفقراء ( الأهالي ) وفق برنامج محاسبي جديد يسمى جيزة ( Besec2 ) اشترته شركة المياه بمبلغ ( 5 ) خمسة ملايين جنيه منذ بضع سنوات..
وهو برنامج فاشل محاسبيا بشهادة كل من تعامل معه من المحاسبين والمراجعين، لأنه كثير الأخطاء وتخرج الفواتير منه بأرقام متضاربة، ولأنه قد تم شراء البرنامج من إحدى شركات البرمجة التابعة لـ ( واحد من كبار المحاسيب من أقارب عائلة مبارك وهو السيد / م. را )، وعرض صيانة البرنامج بمليون جنيه سنويا، فإنه من المستحيل إعادة البرنامج إلى الشركة الموردة حتى لا يغضب صاحب المعالي والفخامة، وليتحمل المواطن المصري تبعة فساد كبار المسئولين.
إن هذا البرنامج المحاسبي وزع على جميع فروع الشركة القابضة للمياه في جميع المحافظات ببضعة ملايين لتحقق الشركة القابضة عشرات الملايين ( 5 ملايين× عدد المحافظات ) رغم الأخطاء الفادحة للبرنامج وعدم قدرة الفنيين على إصلاح النظام المحاسبي للبرنامج الفاشل منذ أبريل عام 2014، وبالطبع مثل هذه التكاليف تقع على عاتق المواطن المصري الذي لا يعرف الحقيقة، وأخيرا هذه هي الحقيقة المجردة لمن يرغب في المعرفة بعيدا عن الاتهام بالخيانة والعمالة لكل كاشف لإهدار المال العام، فدفاتر الحكومة موجودة، وعليكم مراجعة الفواتير (جميع الفواتير) والبرنامج بشفافية إذا كانت هناك جدية في مقاومة مؤسسات الإفساد.