مصر.. إلى أين؟
لا يساورني الشك مطلقا، في أننا منذ سنوات إلى الآن نعيش بداخل مشهد اجتماعي، يمكن تشبيه بالطعام البائت أو مثل فيلم هابط لم يحقق إيرادات!، فكل شيء في المجتمع المصري أصبح يسير وفقا للاصطناع، والتجمل المزيف.. سلوكيات المواطنين، وردود أفعالهم في الغالب أصبحت مبتذلة، ومصطنعة، ولا تعبر عن نوايا طيبة أو عن الحقيقة، حتى الابتسامة صارت مصطنعة! فوحدها جرعات الحزن واﻷلم والقهر هي الشيء الحقيقي بلا اصطناع، معبرة عن واقع أليم.
مشكلتنا ااجتماعية، وإن كانت السياسة قد أسهمت في تمددها، فإنها تبقى قائمة بذاتها، وتتعلق بشكل مباشر بمنظومة القيم، ومدى ترنحها، وكذلك النفوس الضعيفة المهزومة، والتي لا تقدر على مواجهة الضغوط المجتمعية فتنساق مباشرة نحو الشرور.
وبالنظر إلى الحالة النفسية والعصبية للمصريين، فإنها صارت رخوة تجمع بين كل أشكال التردي، ومن هنا أصبح لزاما علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا وصلنا إلى هذه الوضعية المخزية، والمحزنة؟!
ولقد أثرت بشكل كبير تلك الأحوال المعيشية العسيرة على سلوكيات وطباع المصريين، وجعلتهم أكثر عرضة للأمراض سواء النفسية أو العصبية ومن هنا نجد كثرة في المشكلات، والمشاحنات، والاحتقان بينهم، بل تملكت مجتمعنا حالة من الشكوك، والتخوين فلا أحد يعطي الأمان والثقة لأحد، إلا من رحم ربي، وهم قلة، فلقد أصبحنا نعيش في واقع مريب تهضم فيه حقوق الأنقياء والأبرياء والشرفاء، ويفتح فيه المجال للأشرار وأصحاب القوة والنفوذ.
إذا أردنا أن نصل إلى بر الأمان، فعلينا بالاعتراف بعدة مبادئ يجب أن نسير عليها، أولها: الحق أحق أن يتبع، وعلينا اﻷخذ بكافة اﻷسباب بالتوازي، دون تلميع أو إبراز لشيء معين على حساب اآخر، فالواقع مرير ويقتضي تحكيم الضمير فالوضع الاجتماعي بعيدا عن ربطه بالسياسة لا محل له من اﻹعراب! وعلينا التعامل مع هذه الواقع ااجتماعي بمفرده دون مزجه بأي مكون سياسي حتى لا تفرغ القضية من مضمونها.
كل الخوف من الأجيال العظيمة الناشئة والتي لا يشغل معظمها سوى المزاج ومتطلباته.. وبالحديث عن اﻹتيكيت اللفظي وطرق وأساليب التعامل، فإنهم أصبحوا في حالة يرثى لها ناهيكم عن انحطاط الذوق العام، وتبلد المشاعر واﻷحاسيس، وكذلك اللامبالاة والإفراط في السلبية، فإذا أردنا التغيير فعلينا بهؤلاء أولا.