رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية «نقل معبد أبو سمبل».. 40 مليون جنيه تكلفة المشروع في الستينات.. وزير الآثار: تعامد الشمس على المعابد المصرية «صدفة».. «مدير آثار أسوان» ينتقد تصريحات «الدماطى&

 الدكتور ممدوح الدماطى
الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار

سادت حالة من الجدل حول تصريحات الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار، بشأن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى في معبد أبو سمبل، وعدم تكرار الظاهرة في المعابد الأخرى، تلك الظاهرة الفلكية التي تتكرر على مدى أكثر من 3000 عام على تمثال رمسيس في معبد أبو سمبل بانتظام وفي نفس الساعة والدقيقة مرتين في السنة.


تعامد الشمس
وكان يمكن مشاهدة تعامد الشمس في معبد أبو سمبل حين تتسلل أشعة الشمس عبر ممر طويل، وتصل إلى هدفها المرسوم لها بدقة في حجرة تسمى "قدس الأقداس"، حيث تتصدر أربعة تماثيل متلاصقة، لتضيء وجه الفرعون رمسيس الثاني ومعه تمثالين آخرين وهما تمثال رع حور أخت إله الشمس، وتمثال آمون إله طيبة، أما التمثال الرابع فهو للإله بتاح والذي يمثل إله العالم السفلي فلا تصل إليه أشعة الشمس، هكذا قدر له أن يعيش في ظلام دامس مثلما هي حالته في العالم المعتم السفلي، واستمر هذا الحال لأكثر من 3 آلاف سنة أي منذ عام 1240 قبل الميلاد وحتى عام 1964 عندما جرى نقل معبد أبو سمبل من موقعه التاريخي إلى موقع آخر يبعد عنه 120 مترًا وعلى ارتفاع 60 مترًا عما كان عليه سابقًا، ومنذ ذلك الحين تغير توقيت تعامد الشمس في معبد أبو سمبل ليصبح يومي 22 فيراير و22 أكتوبر.

إنقاذ المعبد
وفي الستينات من القرن الماضي، توجهت الحكومة الناصرية في مصر بنداء عاجل إلى الأمم المتحدة ودول العالم، لإنقاذ معبد أبو سمبل ومعه بعض المعابد الملحقة الأخرى من الغرق المحتم، وذلك بسبب مشروع السد العالي وبحيرة "ناصر" الناتجة عنه، وكانت عملية نقل معبد أبو سمبل من أعقد عمليات نقل المباني أو الآثار على مر التاريخ وتكلف المشروع حينها أكثر من 40 مليون دولار، وشارك به خيرة المهندسين المعماريين والمدنيين في العالم، أما التحدي الكبير فهو الحفاظ على تلك الظاهرة الفريدة وهي مبدأ تعامد الشمس في معبد أبو سمبل بعد تغيير المكان مما يؤدي لتغير خطوط العرض والطول وبالتالي تأخر التوقيت بمدة يوم.
وتم نقل معبد أبو سمبل بنجاح ليصبح أحد أكبر مشاريع القرن الماضي لضخامته والدقة التي تطلب تنفيذها للحفاظ على تعامد الشمس، لا سيما أن ارتفاع واجهة معبد أبو سمبل يبلغ 33 مترًا، ووراء المدخل تنتشر غرف وأروقة كانت مبنية في عمق الجبل، وتتزين بالتماثيل واللوحات والرسوم الهيروغليفية على جدرانها، وتزن أكثر من 200 ألف طن.

معبد رمسيس
وكان وزير الآثار ممدوح الدماطي، قال إن ظاهرة تعامد الشمس مرتبطة فقط بمعبد رمسيس الثاني بأبوسمبل، أما الدراسات الأخرى التي تشير إلى تعامد الشمس في باقي المعابد المصرية فهي مجرد صدفة.

وتشهد بعض المعابد المصرية القديمة ظاهرة تعامد الشمس، مثل تعامدها على وجه الإله آمون بمعبد الكرنك في الأقصر وفي قدس الأقداس بقصر قارون في الفيوم.
وأضاف الدماطي أن ظاهرة التعامد تحدث فقط عند الاعتدالين الربيعي والخريفي (21 مارس و21 سبتمبر) وهو ما تغير عند نقل معبدي أبوسمبل فأصبح التعامد يحدث يومي 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام.

21 مارس
وكان تعامد الشمس على تمثال رمسيس يقع يومي 21 مارس و21 سبتمبر قبل عام 1964، وبعد نقل معبد أبو سمبل من موقعه القديم إلى موقعه الحالي -ضمن مشروع إنقاذ آثار النوبة- أصبحت الحادثة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير بسبب تغير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد 120 مترا غربا وبارتفاع 60 مترا.

ويعد المعبدان من أهم المعابد الأثرية في العالم، حيث نحتهما الملك رمسيس الثاني في جبلين يطلان على النيل في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وكرس أحدهما لنفسه والآخر لزوجته الملكة نفرتاري. ويشتهر المعبد الكبير بتعامد الشمس عليه مرتين في العام يومي 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام.

ظواهر فلكية
ومن جانبه انتقد أحمد صالح، مدير عام آثار أسوان، تصريحات الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار، بعدم وجود ظواهر فلكية في المعابد المصرية إلا في معبد أبوسمبل، مؤكدا أن الوزير ينكر علم الفلك الأثرى المعترف به عالميا.

وأوضح صالح أن المعابد المصرية والمبانى القديمة تتعامد على نهر النيل في مواجهة الشمس، وتشهد ظواهر فلكية شمسية ونجمية واضحة تؤكدها النقوش والنصوص الفرعونية.

وأشار إلى أن حديث الوزير عن نظرية جديدة في تفسير تعامد الشمس على أبوسمبل والتي ترتكز على أن التعامد الأصلى قبل إنقاذ معبد الشمس كان في الاعتدالين الربيعى والخريفي، أي أن التعامد الأصلى كان يحدث ٢١ مارس و٢١ سبتمبر، وأن تعامد الشمس حدث فيه تعديل بالزيادة والنقصان لمدة شهر، تخالف علم الفلك، كما تخالف المعلومات التي سجلتها اليونسكو أثناء عملية النقل، وبالإضافة إلى ذلك تخالف منطق نظريته.

وبين صالح الخطأ الذي وقع فيه الوزير- على حد قوله- إن معبد أبوسمبل في موقعه الحالى يبعد عن الموقع القديم بمسافة ١٨٠ مترا ويرتفع عن موقعه القديم ٦٠ مترا وهذه المسافات لا تغير شيئا عن خط الطول والعرض في الموقع القديم والجديد، وبالتالى فلكيا عملية نقل المعبد وفق هذه المسافات لم تغير سوى ٢٤ ساعة فقط، وليس شهرا كما ذكر الوزير.
الجريدة الرسمية