«السيسي» يتحمل المسئولية!
«الدولار يسجل ارتفاعًا تاريخيًا في السوق السوداء ويتخطى حاجز الجنيهات التسعة».. «عجز واضح في سلع تموينية استراتيجية».. «ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية».. «زيادة التجاوزات الفردية لبعض أفراد الشرطة».. «ارتفاع قيمة تذاكر أتوبيسات النقل العام. والمترو والقطارات في الطريق، رغم زيادة الحوادث»...
هذه عينة من الأخبار «إللي تسد النفس».. ولأني أعرف ردك لو طلبتُ منك ألا تنظر إلى نصف الكوب «الفاضي»، سأكون متفائلًا معك، وأطالبك بكسر «الكوباية» عشان تستريح وتريحنا؟!
في أوائل عهده كنا نخشى تحميل «مبارك» مسئولية انهيار الأوضاع المعيشية، والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، والصحية.. إلخ.. وكنا نكتفي بتحميل مسئولية الإخفاق لـ«الحكومة»، كل وزير «يشيل شيلته».. وفي أواخر سنوات حُكمه «استرجلنا»، و«شربنا بيريل» عندما حمِّلناه المسئولية «السياسية»- واخد بالك من المسئولية السياسية دي- عن حريق قطار الصعيد، وغرق العبارة السلام، وزيادة الأمراض الوبائية.. وتجرأنا أكثر، وتظاهرنا ضده، وثورنا عليه، حتى أجبرناه على التنحي؛ أملًا في إصلاح الأحوال!
وجاء المجلس العسكري، خلفًا لمبارك، والتمسنا له الأعذار، لأنه يدير البلاد لـ«فترة انتقالية».
ثم جاء الإخواني «محمد مرسي»، وقبل أن يجلس على كرسي الرئاسة كنا له بالمرصاد، ثم نصبنا له المحاكم الإعلامية، وجعلناه «ملطشة»، و«شماعة» أية إخفاقات أو أزمات، حتى لو كانت مشكلة بين «الراجل ومراته».. ولم يهدأ لنا بال حتى أطحنا به وبجماعته من الحكم بعد عام واحد من وصولهم إلى السلطة.
أما الرئيس المؤقت «عدلي منصور»، فكان «زي النسمة».. ولأدبه الجم، وزهده، وترفعه، وأخلاقه العالية.. كنا «نستحي» أن نوجه له أية اتهامات، ولو حتى بالتقصير.
وجاء «السيسي» متكئًا على شعبية كاسحة، بعد أن رأينا فيه «الفارس المنقذ» من أزماتنا، وأخذ هو على نفسه النهوض بالبلاد، والارتقاء بـ«محدودي الدخل».
ورغم الجهود التي يبذلها السيسي لتحسين أوضاع «البسطاء» والخدمات المقدمة لهم، والارتقاء بمستواهم المعيشي، إلا أن الحكومات التي أتى بها تعمل عكس ذلك تمامًا.. حتى كفر الناس بالوزراء والمسئولين.
فأسعار الخدمات المقدمة للمصريين من مياه، وكهرباء، ووقود... زادت في الوقت الذي يقرأ فيه المصريون أخبارًا زيادة معدلات «التهرب الضريبي» الذي وصل في العام المالي 2014- 2015 نحو «100 مليار جنيه»، بحسب رئيس مصلحة الضرائب، عبد المنعم مطر، في حوار صحفي.
كما نقرأ عن إعداد قوانين للتصالح مع الفاسدين الذين نهبوا المليارات من أموالنا وشقانا، بينما «تُقْطع» يد الموظف الذي اختلس جنيهات قليلة.. ونقرأ عن «عشرات المليارات الضائعة» جراء «الأراضي المنهوبة» التي ينعم بها المستولون عليها، بعدما أقاموا عليها قرىً سياحية، ومنتجعات وقصور وفيلات.. بينما تتحرك اللوادر الحكومية والقوات الأمنية لهدم «منزل» بناه مواطن بسيط على أرضه.
ولماذا نذهب بعيدًا سيادة الرئيس.. فأنتَ- عندما توليت الحكم- بدأتَ، وألزمت نفسك بـ«الحد الأقصى للأجور بـ42 ألف جنيه»، لكن آلاف كبار المسئولين من القضاة، وضباط الجيش والشرطة، والموظفين في البنوك، والطيران، والكهرباء، والضرائب، والمالية، والبنوك، والبترول، والنقل... تتجاوز أجورهم الشهرية «100 ألف جنيه».. فهل هناك تفسير «منطقي» لأجورهم «الفلكية» رغم أن شركاتهم ومؤسساتهم «تحقق خسائر»؟!
سيادة الرئيس.. حجة «مواردنا شحيحة» لم تعد تنطلي على أحد، فمصر لم تكن يومًا فقيرة، ولكن يتم إفقارها عن عمد، بتشريعات وقوانين تخدم «السادة» وتذل «البسطاء» من أمثالنا.. ولو كان القانون يطبق على الجميع «دون استثناء» ما وصلنا إلى هذه الحالة المتردية.
سيادة الرئيس.. نحملك المسئولية كاملة، بعد أن فقدنا الأمل في كل وزير يأتي وليس في مخيلته خطة تطوير إلا بدس يده في جيوب الغلابة، وزيادة معاناتهم.
ختامًا سيادة الرئيس.. تذكر أننا تعاقدنا معك كرئيس للدولة، وليس كمدير فني يلعب مبارتين أو ثلاثة ويرحل..