رئيس التحرير
عصام كامل

دعوة لعزرائيل.. موت وحكومة مؤلمة !


دخلت علينا سنة ٢٠١٥ وسنة ٢٠١٦ بالحنجل والمنجل، وخطفتا منا عددًا من الشخصيات البارزة في مجالات "الفن والسياسة والرياضة والصحافة" والعديد العديد بالطبع من أحاد الناس.. رحلت عنا فاتن حمامة وعمر الشريف وفي أغسطس ٢٠١٥ رحل نور الشريف ورحلت ميرنا المهندس، ورحل الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، ورحل سامي العدل، ورحل ناظر مدرسة المشاغبين حسن مصطفى، ورحل العاشق سعيد طرابيك الذي حسده الناس على زواجه من بنت ٢٨ سنة قالوا جابت أجله، والأعمار بيد الله !


ومنذ يناير ٢٠١٦، حتى اليوم، رحل عنا من لا يؤذون خلق الله، انظر مرسي وبديع والبلتاجي والشاطر وأبو إسماعيل وأوباما والبغدادي وكل عصبة الشر، لا تزال ترعى في حقول الغل والشر، لكن ذاك أمر الله !

من يناير لليوم رحل فجأة النجم ممدوح عبد العليم، ومن بعده الصديق العزيز الفنان حمدي أحمد، وتلاهما المعلق الرياضي محمود بكر في ٣ فبراير الحالي، وأيام ورحل الدكتور بطرس بطرس غالي أول مصري عربي يشغل منصب السكرتير العام للأمم المتحدة، وبعده بيوم رحل الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في انصراف إجباري، لا عودة منه، وكان استأذن في الانصراف عن المشهد الصحفي والسياسي في مصر بضع مرات، لكن لم تطاوعه نفسه الصحفية، وانغمس يكتب ويمتع ويحلل ويتهم ويبرر ويوضح ويفسر ويتنبأ ويحذر.

وبالعموم، لا يمكن قط غمط هيكل حقه المهني في الجدارة الصحفية المشهودة، موهبة ومدرسة ودورا سياسيا، لكن يبقى بعد ذلك ما اختلف عليه الناس فيه، وبخاصة في أوقات المحن الكبرى، وبخاصة مع قادة لم يحبهم بقدر فنائه في حب ناصر وتجربته التي كان جزءًا منها، ضالعًا فيها ومشاركا ومنظرًا لها.

يبقى أيضًا أن أذكر نفسي بأننا في معرض التوديع، لا في معرض التقييم، وهو آت آت بحكم العظمة المهنية للرجل، وبحكم حتمية التاريخ، التي طالما آمن بها وبشر بها الأستاذ.

وإذا كان الأسبوع أبى أن يرحل قبل أن يطوي معه علمين مصريين، في الدبلوماسية وفي السياسة، فإنه بدأ بنذير سيئ من رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل.

إسماعيل لم يبشر ولم يصبر الناس، بل أنذر بأن الحكومة سوف تتخذ قرارات مؤلمة، وشيكة، وطبعا طبعا، أسرع للتأكيد أن النار المقبلة لن تحرق جلود الغلابة والفقراء ومحدودي الدخل، فهؤلاء هم بعبع الحكومة، ينفلت منهم، ويحتشد منهم، ويهجم منهم، ويمكن استعمال قطاعات منهم في أعمال تضر لمصلحة جماعة!

أما الطبقة المتوسطة فلابد من سحلها أكثر مما هي مسحولة، ولابد من إفقارها أكثر مما هي غارقة في الديون، وفاءً لمظهرها الاجتماعي واستمرارًا لدورها في تربية أولاد هم مستقبل الوطن.. الطبقة الوسطي المبشرة بالطحن، هي أساس أي مجتمع، وهي التي تطوره وتعمل على تقدمه وتقدم له المهارات والمبادرات، ولا يحوز تحميلها بكل العبء، ولم يثبت في أي تاريخ أو في أي مجتمع، أن الطبقة الدنيا دفعت عجلة النمو إلا في إطار من رؤية تقودها الطبقة الوسطي بحكم تعليمها وتقاليدها، وحفاظها على الهوية العامة للمجتمع.. صحيح أن كبارًا في الأدب والفن والصحافة والسياسة، خرجوا من رحم الفقر، لكنهم اتخذوا من رموز الطبقة الوسطي قدوة وأملا، وأحدث مثال هو ما يتعلق بهيكل ذاته، فأبوه كان يبيع الغلال في أسيوط، لكنه رغب أن يتخرج ابنه طبيبًا، لأنه رأى المثل الاجتماعي أمامه يحظى بالتوقير وينفع الهيئة الاجتماعية ( بتعبير ذلك الزمان ).

الحق أن الإعلان عن أذى اقتصادي وشيك تعتزمه الحكومة وتتحمله الطبقة الوسطى، هو قصم ظهر، وإعلان تغيب عنه الفطنة، ويفتح الباب للاستثمار في فتنة؛ لأن رئيس الحكومة غاب عنه أن الوطن في حرب، ولا يجوز ضرب الجبهة الداخلية.. وسع نشاطك شوية مولانا عزرائيل، وأقبض عنا الأغبياء !
الجريدة الرسمية