رئيس التحرير
عصام كامل

«الانتقام على ورق».. «هيكل» في عقل موسى صبري

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

لم تكن النجاحات وحدها هي رفيقة درب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل خلال حياته، فالويلات كان لها نصيبها ومتسعها في عدة فترات، كان أبرزها تلك الحملة الضارية التي شنها عليه السياسي الراحل موسى صبرى وآخرون، حيث بلغ عدد المقالات التي هاجمته 25 مقالا في عام واحد.


تبدأ القصة عند أعتاب الرئيس الراحل أنور السادات الذي كظم غيظه طويلًا عن هيكل الذي كان كثير النقد له، فظل يتحين الفرصة للنّيل من هيكل بسبب هجومه، وقرر أن يستخدم صديقه موسى صبري، وهو الذي يعلم ما كان يعانيه من أحقاد على هيكل، فأطلق يده وقلمه، ولم يكن أحد يعرف المخفي من كل هذه الخلفيات، وهكذا وبدون مقدمات فوجئت الأوساط الصحافية والسياسية قبل نهاية سنة 1972 بحملة ضد محمد حسنين هيكل يشنها موسى صبري، وخرجت من نطاق التلميح إلى التصريح.

اختار موسى صبري أن يبدأ الهجوم يوم الجمعة، في نفس اليوم الذي ينشر هيكل فيه مقالته الشهيرة "بصراحة"، وقدم قراءته لما يكتبه هيكل، وساق في وجهه الاتهامات جزافًا، وبدون أن يقيم عليها أي دليل، مجرد إلقاء الاتهامات بدون تمحيص ومن غير توقف كأنه يريد أن يذهب به إلى قفص الإعدام، ثم راح موسى صبري يؤكد عدة أمور من خلال الكلمات:

قال «إن الرئيس دعا رؤساء تحرير الصحف وكبار الكتاب إلى اجتماعات ضيقة ليشرح فيها تطورات الأوضاع حتى يكون الجميع في الصورة، وكانت الترجمة الحرفية لهذا الكلام أن الرئيس السادات لم يعد ينتهج سياسة "إيثار هيكل" بأن يكون وحده في صورة ما يحدث».

ولأن موسى صبري منع من ذكر اسم هيكل بصراحة، فقد راح يشير إليه بكل وضوح ويؤكد بأساليب مختلفة أنه هو المقصود، والحق أن هيكل كان يناقش في تلك الأيام التقاعس عن الإعداد الجيد لخوض معركة للتحرير، وهي معركة تشمل عند هيكل كل الوسائل والأدوات، وتشمل الضغط من أجل حل سياسي، كما لا تستبعد القتال، بل إنه لا يمكن التملص منه إذا أردنا تحرير الأرض.

كان مقالا موسى صبري هما الأولان من هذا العيار الثقيل في مهاجمة هيكل، والذي يطلع على الصفحة الأولى من جريدة الأخبار المنشور فيها المقال على ثلاثة أعمدة أعلى يسار الصفحة سيجد أجواء المعارك مسيطرة على كل العناوين.

في المقال الثاني أعاد موسى صبري الكلام حول نفس التهم، وأضاف تهمًا جديدة خلاصتها أن هيكل يدعي ما لا حق له فيه، ومن ذلك أنه يصور نفسه سياسيًا على هيئة صحفي.. وأصبح للسادات أهداف من الإيحاء بالهجوم والموافقة عليه، وكانت لموسى صبري أهدافه أيضًا.

كانت أهداف موسى صبري بسيطة، غير مركبة، وكلها ذاتية، كان يريد أن ينتقم لنفسه من كل لحظة تجاهلٍ عاشها من قبل في ظل وجود هيكل في بؤرة الاهتمام، وكان يريد أن يقدم نفسه بديلًا جاهزًا وقادرًا على التصدي للتعبير ليس عن آراء السادات فحسب، بل عن ثاراته.

وظل صبرى يتهم هيكل بتهم لو صحت لأسكنته وراء القضبان عشرات السنين، فمرة يتهمه بتمزيق نفوس الجماهير، وأخرى بإشاعة البلبلة والتشتيت، ولا يترك موسى صبري أية فرصة أمام هيكل للهروب من اتهاماته.
الجريدة الرسمية