في الرد على المفكر «الجنائي» الكبير إبراهيم عيسى!
كنا والحمد لله أكثر من دافع عن الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ إبراهيم عيسى وكنا وما زلنا نعتبره أفضل من يقود المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين والجماعات المتطرفة وأفكارها وعندما واجهنا لومًا بسبب دفاعنا المستمر عنه قلنا إن السياسي الحقيقي هو من يستطيع ترتيب أولوياته جيدًا وإننا نؤجل الآن أي خلافات أو اختلافات مع عيسى لأنه -أو لأننا نعتبره- في معركة شريفة ومهمة ومقدسة مع التطرف !
اليوم.. لا يمكن تصديق ما يفعله عيسى حتى لو كان حسن النية.. وهو بالفعل حسن النية.. لكنه تأخذه الجلالة منذ فترة حتى بات يصدر لمصر وللمصريين أكبر خطاب للإحباط لم يشهده الإعلام من قبل، حتى قررنا أن نكتب عنه قبل شهر نطالبه بالحصول على إجازة ليراجع نفسه إن كان ثمة شيء يزعجه أو هناك ما ينغص عليه حياته.. واليوم وبعد الدهشة المطلقة من أحد مقاطع برنامجه مرفوع على "يوتيوب" كتب عليه حرفيًا "إبراهيم عيسى يكشف بالأدلة قتل الداخلية الشاب الإيطالي..."! بالطبع لم يقل عيسى ذلك وليس مسئولا هو عن العنوان الخاطئ المذكور لكنه يمنح الفرصة للكثيرين في التصيد ليس فقط بتحليلاته الخاطئة ولا برسالته المحبطة دوما وإنما بانفعاله الدائم بما يدفعه إلى سوء الرؤية وخطأ النتائج!
عيسى يقول إن "الإيطالي روجيني وجدوا على جثته آثار تعذيب لا تتوفر إلا في وزارة الداخلية"! وإنه "يبدو أنه مات من التعذيب بعد حدوث مشاجرة فتم إلقاء الجثة في الطريق الصحراوي" !! وإن "هناك سوابق للتعذيب على المصريين".. وفي الأخير نتفق مع عيسى وكتبنا كثيرًا عن ذلك في الماضي حتى كان لنا باب ثابت لتحليل ظاهرة الانحراف الشرطي، لكن انتهى الأمر بعد ثورتين وتبدل الحال.. وليس موضوع المقال عن تاريخ الداخلية وتجاوزات بعض رجالها إنما موضوعنا هو حادث "روجيني".. فما قدمه عيسى من أدلة هي لبراءة الداخلية وليس العكس.. فلا توجد شرطة في الدنيا تلقى دليل إدانتها في الطريق العام ليجده المارة!
وسجل الاختفاء يقول إن هناك من اختفوا ولم تظهر جثثهم حتى الآن !! فقد اختفى في القاهرة عبد الحميد البكوش رئيس وزراء ليبيا ورضا هلال واختفى الإمام الصدر في ليبيا واختفى المناضل الناصري المغربي المهدي بن بركة في باريس، وجميعهم لا نعرف عنهم شيئًا حتى الآن!! رغم القرائن عن الجهات التي اختطفتهم فهي تؤكد وجهة نظرنا إذ كان يمكن إخفاء جثة "روجيني" إلى الأبد..
بل إلقاء الدليل في الطريق العام دليل على وجود أيدٍ خبيثة أرادت توريط مصر نفسها ممثلة في داخليتها! أما عن وسائل التعذيب الوحشي فنجد الأستاذ عيسى يتناسى أن في مصر سفارات أجنبية تستطيع توفير كل أنواع التعذيب بداخلها وبضباط مدربين تمامًا.. كما أن التعذيب الوحشي تم جهارًا نهارًا في ميدان التحرير على أيدي كوادر جماعة الإخوان وبوجود قضاة سابقين أيضًا !!
أما عن خيبة الشرطة المصرية التي لم تتوصل إلى الجناة حتى الآن فكأنه لا يعرف أن مقتل رئيس أقوى دولة في العالم لم يتوصل إليه أحد رغم الأدلة التي ألقيت في طريق المحققين لتتم تبرئة المخابرات الأمريكية من قتل جون كيندي وتم خلق الأدلة كاملة بما فيها السلاح المستخدم والضحية الشاب "لي هارفي أوزالد" الذي "شال" القضية ظلمًا رغم إنكاره ! كما أن تفسير مقتل أشهر نجمات السينما في تاريخها "مارلين مونرو" لم يتوصل إليه أحد حتى الآن !
ولم يعرف أحد حتى اللحظة أسباب مقتل الأميرة ديانا ولم يعرف أحد المجرم في قضية استشهاد الدكتور يحيي المشد، عالم الذرة المصري، وكلاهما جرى في فرنسا ولا حتى مقتل عالمة الذرة سميرة موسى، وقد مر على كل هذه الحوادث عشرات السنين، فما بالكم بأجنبي في بلد يضم عدة ملايين من الأغراب والضيوف والأجانب !
وأخيرًا.. نرجو من الكاتب الكبير أن يتق الله في نفسه ووطنه وأن يراجع نفسه في خطاب اليأس والإحباط الذي يقدمه والذي يتناغم فيه مع آخرين يحتاجون هم أيضًا حديثًا آخر..