بالأسماء.. المتورطون في فضيحة «القارئ النصاب»!
إذا لم يكن للطالب الأزهري، عبد الرحيم راضي -الذي «نصب» باسم القرآن الكريم- «حسنة» و«إيجابية» واحدة تحسب له، فيكفيه «فخرًا» أنه واحدٌ من الذين كشفونا على حقيقتنا، وفضحوا مدى سذاجتنا، واستعدادنا الفطري للوقوع فريسة سهلة في يد المخادعين، والنصب علينا من خلق الله.
نعم.. هذه حقيقة لا يكمن إغفالها.. نحن شعب «طيب» طيبة تصل في كثير من الأحيان إلى درجة «السذاجة».. شعبٌ قابِلٌ لـ«الضحك عليه» بمنتهى السهولة.. وتاريخنا الممتد أكثر من «سبعتلاف سنة» يؤكد ذلك.. لدرجة أنه تم تسجيل النصب في أكثر من عمل سينمائي ودرامي.
كنا نعتقد -صغارًا- أن قصة فيلم «العتبة الخضراء» -لإسماعيل ياسين وأحمد مظهر- من وحي خيال المؤلف، واتهمناه بالتجني على أهالينا وبلدياتنا.. لكن اتضح أن الواقعة كانت حقيقية، وأن «النصب فينا بس ربنا اللي هادينا»، بدليل صدور حكم من المحكمة، الاثنين 15 فبراير الحالي، بـ«سجن نصاب 10 سنوات باع محكمة دكرنس لمقاول مقابل مليوني جنيه»!
نعود لـ«حسنة» القارئ «النصاب»، فقد كشف «عبد الرحيم راضي» -طالب الصيدلة الأزهري بجامعة أسيوط- عن قائمة «المتورطين» معه في جريمة «النصب»، بادعائه الفوز بالمركز الأول في المسابقة العالمية، التي تعقد في منتصف شهر شعبان، بدولة ماليزيا!!
على رأس هؤلاء المتورطين يقف «الإعلام».. نعم كل وسائل الإعلام -إلا من عصم ربك- لماذا؟ وكأن هذه الوسائل كانت تبحث عن «فضيحة» أخرى تداري بها على فضيحة «تيمور السبكي».. بدليل أنها لم تبذل جهدًا للتحقق من صدق المعلومة، ولم تتحر الدقة عن حقيقة «الطالب النصاب» إلا بعد أن أصبحت أخبار فوز «عبد الرحيم» بالجائزة العالمية تحتل مساحات إعلامية كبيرة.. ولولا تشكك أحد الصحفيين في الأمر، لكنا أمام فضيحة أكبر.
لقد بات من السهل نشر أي أخبار دون التحقق من مصادرها، ومدى صدقها، ومنطقيتها.. وأصبحنا -كإعلاميين- بدلًا من نشر الوعي والحقيقة، نسهم في نشر الفوضى والاحتفاء بالنصابين.
وللأمانة فإن الإعلام لم يكن وحده، فلا يمكننا إعفاء «الأزهر» و«الأوقاف»، وهما اللذان يبدوان أنهما في دولة أخرى غير مصر، ولا يتابعان ما يبثه «إعلام المحروسة»، فهاتان المؤسستان -كغيرهما من المؤسسات- لم يكتشفا الحقيقة إلا بعد أن زكمت الأنوف رائحة «الطالب النصاب».. ويكفي أن تعلم أن الأزهر كان يرتب لـ«احتفالية كبرى» لتكريم هذا الطالب، الذي لم يكلف أحد عناء الاتصال بكليته؛ للتأكد إن كان «عبد الرحيم» سافر للاختبار في هذه المسابقة أم لا؟
هل كان «الأزهر والأوقاف» يبحثان عن «مجد زائف»؛ ليداريا على إخفاقهما في ملف «تجديد الخطاب الديني»؟!
لقد كان من الممكن القضاء على هذه الفضيحة في مهدها بمجرد نشرها، لو أن عندنا مؤسسات تتابع ما يُنْشَر عنها وعن المنتمين إليها في وسائل الإعلام.
أيضًا لا يمكن إعفاء الدكتور أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج، من التورط في هذه الفضيحة، فقد هنَّأ سيادة المحافظ «الطالب النصاب»، وكانت هناك ترتيبات لتنظيم احتفالية لتكريمه، والتصوير معه «عشان الصورة تطلع حلوة»، وكان على سيادته، وعلى المسئولين القائمين على أمر المحافظة التأكد أولًا من فوز «عبد الرحيم» بالجائزة.. «يا راجل، دا اللي بيطلع الأول في تالتة ابتدائي بيعملوله فيش وتشبيه عشان يحضر حفل التكريم»!
واستكمالًا لقائمة المتورطين في هذه الفضيحة، فلا يمكنني إعفاء دور الأجهزة المسئولة عن أمن مصر، والحفاظ على صورتها في الداخل والخارج، وسمحت بمثل هذا العبث أن ينتشر إعلاميًا، محليًا ودوليًا، وهي «عاملة نفسها نايمة»؛ حتى أصبحت فضيحتنا بجلاجل.. «أومال فين أجهزة الكشف عن الكذب؟!»، وشعار «نحن نحبط الجريمة قبل وقوعها؟!».
ولا يمكن غض الطرف عن مجلس النواب، الذي «زاط في الزيطة»، وقرر الظهور في الكادر، باستقبال الطالب وتكريمه.. مش برضو مجلس الشعب؟!
كذلك نلوم على أولياء أمورنا وأهالينا في قبلي وبحري؛ لثقتهم المفرطة في «أصحاب العِمم».. يا راجل.. دا لو ابنك طِلِعْ الأول في «كي جي وان» بتقوله: وريني الشهادة بتاعتك عشان أجيبلك حاجة حلوة.. لكن محدش فينا سأل «مولانا النصاب» عن الشهادة بتاعته؟!
أخيرًا.. لا يمكن إخراج مؤسسة «الرئاسة» من قائمة المتورطين في الفضيحة، فقد قرأنا أخبارًا في وسائل إعلامية مفادها أن وفدًا «رئاسيًا» استقبل الطالب «عبد الرحيم» في المطار فور عودته من ماليزيا؛ فائزًا بالمركز الأول، وأن هناك ترتيبات تجرى لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، المقرئ «النصاب» في قصر الرئاسة..؟!
عادي بقى.. ستجد مَنْ يخرج علينا ليقول إن «السيسي» السنة اللي فاتت «كرَّم» واحد اسمه «إسلام صلاح بشارة»، بصفته أصغر شاب حاصل على الدكتوراه في إدارة الأعمال في الوطن العربى والشرق الأوسط، وفي الآخر طِلِعْ «نصاب»، ومحكمة جنح عابدين قضت بحبسه «سنة مع الشغل والنفاذ»، بتهمة النصب والتزوير باسم جامعة مونتيريال الكندية!
باختصار.. كلنا -إلا مَنْ رحم ربنا- مشاركون أو متورطون في هذه الفضيحة.. وإلى اللقاء في «نصباية» جديدة!