قررت عدم التحدث في السياسة.. لذلك
لن أتحدث عن الصحة والأسماك التي في غيبوبة، ولن أنتظر جهاز الكفتة الذي يعالج فيروسات الكبد ويقضي على مرض الضغط والسكر "الضغط والسكر ليس فيروسًا في الأساس!"، ولن أراجع تصريحاتها في طمأنة المصريين من "بعوضة زيكا" أنها لا توجد في مصر لأنها تستوطن المياه النظيفة! ولن أنتقد المحليات، والكباري التي تسقط، ولن أتحدث عن المحافظين الذين يحضرون اجتماعاتهم برفقة زوجاتهم، والفساد الذي يكاد أن يجعل المحافظات تندثر في كل شتاء، ويدمر بنيتها التحتية من مجاري صرف "تحديدًا" كالإسكندرية والبحيرة.
لن أتناول الكباري التي تسقط بعد إنشائها بـ 7 أشهر معللا المحافظ أنها تنقصها "الخوازيق" فقط ! ومؤكدًا وزير الإسكان أن الكوبري سليم بالرغم من سقوطه !
لا يمكن أن أذكر الري والنيل الذي قل منسوبه وحصتنا من مياهه بسبب سد النهضة الإثيوبي، والسد العالي الذي تطمع فيه السودان، ولن أذكر الأراضي الزراعية التي بارت، ولا البئر التي اكتشفت منذ أكثر من 50 سنة، لكن وزارتنا الآن فقط عرفت به !
ومن رابع المستحيلات أن أفكر في ذكر التعليم، الذي يحتاج محو أمية المسئولين كبداية لجدية تطويره، ويحتاج خبراء ينتشلون أبنائنا من الجهل، ولن أنتقد القرارات ولا المناهج ولا مدرسين ولا المباني المدرسية؛ لأن الوضع خرج عن السيطرة في الانهيار.
لن أتحدث عن السياحة لأنها انقرضت بعدم الترويج المهني، والاهتمام العلمي الحديث بآثارنا، لن أذكر ما لصق من تماثيلنا، وترميم الآثار الأخرى بالأسمنت، وبيع احجار الأهرامات باليورو والدولار، ولن أدعي أننا نهبنا وفرغنا من حضارتنا، لن أتحدث عن المسئولين وطريقة تعاملهم مع السياح بطريقة مهينة مسيئة لبلدنا، ولن أدعي أن الإهمال يهدد المساجد الأثرية والمعابد الفرعونية.
لن أذكر البترول؛ لأن البلد يعيش على هبات الخليج من الغاز، ولن أذكر غلاء الوقود بما لا يتناسب مع جودته.
لا ولن أتطرق للتموين، فلم يعد الدعم للفقير، ولن أتحدث عن موافقة المسئولين عن دخول قمح مسرطن للبلد "متعللين أنه بنسبة قليلة" أو به حشرات حية كانت أم ميتة! ولن أستعرض الرقابة التي غابت والغلاء الذي توحش، وعدم إحكامهم وضبط المسئولين للسوق وأسعارها واحتكاراتها وتغليب المستورد على المحلي، مما يغلق مصانع ويشرد عمالًا.
لن أنتقد الأوقاف حتى لا أتهم بـ"ازدراء الأديان"، ويكون مصيري ما بين سنة إلى ثلاث سنوات سجنًا كالمجرمين لا كناقد مطالب بتنقيح الفقه الديني بما يتناسب مع العصر وحتى لا يتخذه متوسطو التعليم ومحدودو التلقي الديني ذريعة لتزويج الطفلة أو حرق المغاير لنا في الدين أو التنكيل بالطوائف المختلفة، الأهم حتى لا أتطرق لإفتاءات إرضاع الكبير وشرب بول البعير للاستشفاء، والحرب المسلمة المسلمة وواجبة كانت أم مكروهة! ولن أتعجب من مقولة شيوخنا "نحارب الفكر بالفكر" والتجديد سنة كونية دعا لها الإسلام ووعود بـ"تطوير الخطاب الديني" ونكتشف أنها جمل رنانة والواقع تعنت وجمود فكري منفر، ووعود جوفاء من الحقيقة والتطبيق لأنهم ببساطة لا يملكون غير عقول متحجرة لا تعرف إلا قانون "ازدراء الأديان" وتقديس الفقهاء وتستنكر إبداء الرأي من الأجيال الجديدة وتعتبر رجال الدين منزلين غير قابلين للتنقيح الفقهي ولا الجدال الديني ولا النقد المهني.
لن أتناول الهجرة بكلام ناقد يكفي أنها لا تهتم بالمصريين بالخارج إلا في الطلب منهم المعونة المادية، أو طلب التأييد في الانتخابات الرئاسية كانت أو البرلمانية.
لن أتناول شخصيات كرمت من قبل الدولة لحصولها على شهادات علمية رفيعة من دول أوروبية ولكن لا توجد هذه التخصصات في تلك الكليات والمذكور لم ينل أي شهادات بل قام بالنصب على المواطنين كما نصب على الحكومة ولا ننكر أنه سجن سنة مع الشغل والنفاذ، ولن أذكر شخصيات تبنتها الدولة وأعطتها مكانة لاختراعها جهاز الفنكوش الفيروسي.
لن أفقد عقلي وأتحدث... لن أتكلم حتى لا أصرخ "أين المنطق" في وسط كل هذا الهزل والسقطات والإهمال!
يا سادة.. لن أتحدث في السياسة... والله الموفق والمستعان على الصمت أو الكلام.