«كيف الأسطوات الشىء لزوم الشىء».. «الحشيش» و«الترامادول» يلا زمان سائقى النقل الثقيل.. صبرى: «نعم.. نتعاطى المخدرات وبنخلص نفسنا مع بتوع المرور بالفلوس»
أعدت وزارة النقل بالتعاون مع وزارة الداخلية، دراسة تؤكد أن سيارات النقل الثقيل تتسبب في أكثر من٦٠% من حوادث الطرق في مصر، وأن المقطورة وحدها تتسبب في ١٣% من هذه الحوادث، كما أن تحليل المخدرات على عينة من سائقى النقل الثقيل في طريقى «القاهرة ـ الإسكندرية» الصحراوي، والطريق الدائري، أثبت أن 70% من العينات المأخوذة إيجابية «أي تحتوى على المواد المخدرة».
«سائق النقل الثقيل» مهنة مملوءة بالمتاعب، تتطلب أشخاصا ذوى مواصفات معينة من الناحية الجسمانية، بجانب امتلاكهم مهارات عالية في القيادة، فسائق النقل الثقيل يشترط حصوله على رخصة قيادة من الدرجة الأولى وحفظه كل قواعد المرور، والإلمام بمبادئ الميكانيكا والكهرباء حتى يتمكن من التعامل مع أي عطل قد يصيب السيارة خلال رحلته على الطريق.
«فيتو» التقت عددًا من «أسطوات النقل الثقيل»٬ ليكشفوا أبعاد ومخاطر مهنتهم، وأسباب انتشار حوادث سيارات النقل الثقيل و«المقطورات».
«عم صبري»، رجل ذو وجه متغضن، يبلغ من العمر 54 عامًا، ويعمل سائقًا للنقل منذ 33 سنة، ولخص ما يحدث من تجاوزات ومخالفات من سائقى النقل الثقيل قائلًا: «أنا والأسطوات الكبار بنعرف كل كبيرة وصغيرة عن العربية قبل ما نركبها، لكن دلوقتى معظم السواقين لا يعرفون شيئًا عن السيارة وشغالين برخصة سواقة درجة تانية، وبيخلصوا نفسهم في أي كمين بالفلوس».
الرجل الخمسيني، لم ينكر أن الكثير من سائقى النقل الثقيل يتعاطون المخدرات، وإنه هو الآخر يتعاطى المخدرات ولكن قبل الخروج لسفريات طويلة فقط، وعندما يذهب لتجديد الرخص يمتنع عن التعاطى لمدة 15 يوما٬ فتظهر نتائج التحليل سليمة مائة في المائة٬ ثم يعود للتعاطى من جديد.
«عم صبري»، أوضح أن السائقين يفضلون أنواعًا معينة من المخدرات وليس كل الأنواع؛ لأنهم لا يشربونها من أجل المتعة أو من الرفاهية، ولكنهم مواظبون عليها ليتمكنوا من العمل عدد ساعات أطول، فهم مؤمنون تمامًا بأن «الحشيش»، و«الترامادول»، ينشطون الجسد بشكل أكبر، ويجعل السائق منتبهًا طوال الطريق في السفريات الطويلة، أو في الأيام التي يكون لديه فيها أكثر من مأمورية في نفس اليوم.
«لهم أوكارهم.. ولنا أوكارنا»، هكذا قالها الرجل العجوز، ليكشف أنه لا يشترى المخدرات من الشارع أو من «دواليب المخدرات» المنتشرة في الأماكن الشعبية، ولكنه يحصل على الحشيش والترامادول على الطريق أثناء قيادته السيارة، فتجار المخدرات منتشرون على الطرق السريعة، وهناك إشارات وشفرات معينة بينهم لطلب المخدرات، وإنهم موجودون في أماكن معينة على الطرق يعرفها كل السائقين، مضيفًا: «لو عايز تشترى مخدرات بتقلبله نور على الطريق وهو بيرد عليك بالليزر وتركن على الطريق تقضى مصلحتك وتمشي».
«الحاج يسري»، يعمل منذ 29 عامًا سائقًا لسيارات النقل الثقيل، اتفق مع سابقه في أن السائقين يتعاطون المخدرات، وهم سبب أغلب الحوادث على الطرق، فضلًا عن مخالفاتهم التي لا تعد ولا تحصى، وإذا كان على الطريق ومعه مخدرات أو سلاح، يخبره زملاؤه ممن سبقوه أن هناك كمينًا أو لجنة٬ فيعدل طريقه ويهرب، وإذا كان يقود بسرعة عالية يخفف سرعته قبل الكمين ثم يعود من جديد٬ وهكذا فالتحايل على القانون لا ينتهي.
«المشكلة في الطرق مش السواقين بس»، هكذا أكد الحاج يسرى مضيفًا أنه إذا تعرض السائقون للوم بسبب كثرة حوادث الطرق، فعلينا أيضًا أن نلقى الضوء على الطرق السيئة والمطبات التي يبنيها الأهالي بشكل عشوائى على الطريق الدائرى وغيره من الطرق الدولية السريعة، والإضاءة المعدومة ليلًا في العديد من الطرق٬ وغياب اللوحات الإرشادية على طرق السفر التي لا يصلح أغلبها للمواصفات الفنية المطلوبة لتتحمل سيارات النقل.
«الحاج يسري» شدد على أن السائقين دائمًا أذكى من الحكومة، فإنهم لا يخالفون السرعات المحددة على الطريق خوفًا من المخالفات، ولكنهم يزيدون في الحمولة على السيارة، وبالتالى يعوضون خسارتهم من الغرامات والرسوم التي يدفعونها على الطريق، دون أن ينظروا إلى أن الحمولة الزائدة تتسبب في إفساد الطريق كله لأنه يكون مصممًا بطاقة معينة لا تتحمل الأوزان الزائدة التي يحملونها، ويرجع ذلك كله إلى ضعف الرقابة على الطرق، حتى إن أفراد الأكمنة يكتفون بالتفتيش من الناحية الأمنية ولكنهم لا يعرفون إذا كانت الحمولة زائدة أم لا، ولابد من وجود خبير طرق مع كل كمين ليكشف عن تلك المخالفات.
وفى نفس السياق، أشاد بما تفعله القوات المسلحة من تزويد للطرق التي تنشئها بعدد من الكبارى العلوية للتبديل إلى الطريق المعاكس بدلًا من فتحات «اليوتيرن» التي تؤدى إلى تعطيل الطريق في كثير من الأحيان لأن سيارات النقل حجمها كبير، كما أن الطرق الجديدة تخصص مسارات للنقل الثقيل مرصوفة بنوع مختلف من المازوت يتحمل أوزان سيارات النقل والمقطورات.
الدكتورة نجوى السيد، نقيب صيادلة الجيزة، أكدت أن هناك ثلاثة جداول تتضمن جميع أنواع المخدرات بداية من المورفين وانتهاءً بـ«الترامادول» ومشتقات مثل «التامول، وترامال، وتراماكس، والترامودين، والترادول»، موضحة أن أغلب السائقين يفضلون الترامادول ويتعاطونه مع مخدر الحشيش، اعتقادًا منهم أنه يساعدهم على مواصلة القيادة لفترات طويلة، حيث إن المخدرات تجعل السائق في حالة مزاجية جيدة، ولا يشعر بأى إرهاق على الإطلاق بفضل عقار الترامادول، ولكن عندما يقل تأثير المخدرات تدريجيًا يضطر السائق إلى زيادة الجرعة التي يتعاطاها حتى يصل إلى الدرجة التي كان عليها في أول مرة تناول فيها العقار، ومن هنا تبدأ مرحلة الإدمان.
أشارت نقيب صيادلة الجيزة، إلى أن هناك آثارًا نفسية تطارد السائقين بسبب تعاطيهم المخدرات، فبعد الشعور المؤقت بالسعادة، يبدأ في الشعور بالقلق والتوتر مع الميل للاكتئاب واحتمال الإصابة بانفصام في الشخصية، والشعور بالذنب والرغبة في عقاب النفس، والعصبية المتزامنة مع أرق مستمر ورغبة شديدة في النوم، وكذلك الخوف واليأس، وهلوسات مع تخيلات سمعية وبصرية، والشعور بالعدوانية والنقص، وعدم القدرة على تحديد الزمان والمكان.
كما أن مدمن المخدرات يشعر بضعف في النشاط والحيوية وعدم القدرة على العمل، كما أنها تعطيه إحساسًا باللامبالاة، وفى بعض الحالات يفعلون أي شيء بما في ذلك ارتكاب الجرائم، وهذا بدوره يمكن أن يؤدى بهم إلى السير في طريق الدمار، والخراب، والذي قد يصعب الرجوع منه دون المساعدة.