«عفاريت الأسفلت».. ضربوا بقوانين المرور عرض الحائط وتجاوزاتهم لا تتوقف.. حوادث الطرق أودت بحياة 2808 مواطنين خلال النصف الأول من العام الماضى.. و8946 مصابا و9041 مركبة
لم يتوقف نزيف الدماء على الأسفلت رغم قوانين المرور التي تضعها الدولة من أجل منع الحوادث المأساوية على الطرق والتي تحصد الأرواح وتهدر الدماء بلا جريرة، وجاء حادث المنيب الأخير ليرش الملح على الجراح التي لا تلتئم، وليثبت أن مصر تستحق عن جدارة أن تحتل المرتبة الأولى عالميًا في حوادث الطرق.
حادث المنيب المفجع أسفر عن مقتل 7 أشخاص، وإصابة 13 آخرين، عقب سقوط سيارة نقل كانت تسير أعلى الدائرى بمنطقة المنيب، من أعلى الكوبرى على سيارة ميكروباص تصادف حظ راكبيها العثر وجودها بمنطقة الحادث قبل أن يعقبه حادث الكريمات الاشد ترويعًا وكان السبب الرئيسي فيه شاحنة هوجاء.
الحادث يسلط الضوء على القوانين التي يأبى سائقو النقل تطبيقها على الأرض، إذ يضربون بها عرض الحائط غير مبالين بالأرواح التي تزهق، حتى وإن كانوا ضمن قائمة القتلى أو المصابين.
في ظل مخالفة سائقى النقل القانون القديم للمرور، رأت الدولة أن تغليظ العقوبات، وسن المزيد من القيود من خلال وضع تعديلات على القانون، ربما يخفف من وطأة الحوادث بالبلاد، لكن ذلك لم يجد نفعًا.
وصدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون المرور بالقانون رقم 66 لسنة 1973، ونصت المادة الأولى من القرار على "يستبدل بنص المادة 76 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بالنص الآتى: "مع عدم الإخلال بالتدابير المقررة في هذا القانون أو بأى عقوبة أشد في أي قانون آخر، يُعاقب كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مُسكر بالحبس لمدة لا تقل عن سنة"، وإذا ترتب على القيادة تحت تأثير مخدر أو مسكر أو السير عكس الاتجاه إصابة أو أكثر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه".
ومع ذلك فإن نسبة ضئيلة جدًا من سائقى النقل، هم من يمتنعون عن تناول المخدرات، أما البعض الآخر فيرى في ذلك ضرورة بزعم أنها تساعد على القيادة بتركيز أعلى.
كما تقرر بموجب التعديلات منع سيارات النقل والتريلات من السير، ابتداءً من السادسة صباحًا وحتى الساعة الحادية عشرة مساءً داخل المدن، ولم يطبق أصحاب المقطورات القانون، رافعين شعار "رفض حظر السير نهارًا"، ومن ثم منحت الحكومة مهلة إضافية لمدة عام لتطبيق قرار الحظر.
وكان قانون تعديل المقطورات صدر عام 2008، ونص على وقف تصنيع واستيراد وسير المقطورات للحد من حوادث الطرق، ورغم صدور تعديلات فإن الحكومة أجلت التطبيق مرات عدة، وسط رفض سائقى النقل تطبيق القوانين التي ما زالت حبرًا على ورق، والنتيجة تكرار الحوادث المؤسفة التي تحصد أرواح المواطنين.
حادث المنيب ليس الأول من نوعه، وربما لن يكون الأخير، في ظل استهتار السائقين بالأرواح، فعدد ضحايا حوداث الطرق التي يندى لها الجبين في مصر ربما يتجاوز عدد ضحايا الحرب والهجمات الإرهابية، إلا أن الحادث يعد من أبشع الحوادث التي استهل بها المصريون العام الجديد.
أما العام الماضى 2015م، فكان حافلًا بالعديد من الحوادث التي خلفت كثيرًا من الضحايا، إذ أكد آخر تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالى عدد حوادث السيارات خلال النصف الأول من عام 2015، بلغ 6916 حادثة نتج عنها 2808 متوفين، و8946 مصابا، و9041 مركبة تالفة.
وحسب تقرير النشرة السنوية للجهاز، فإن شهر مايو شهد أكبر عدد من الحوادث ليبلغ 1261 حادثة بنسبة 18.2٪، يليه شهر يونيو، و1215 حادثة بنسبة 17.6٪ من إجمالى عدد الحوادث خلال هذا النصف من العام.
وكان إجمالى عدد الحوادث على الطرق السريعة بلغ 912 حادثة بنسبة 13.2% من إجمالى الحوادث، حيث كان أكبر عدد للحوادث على طريق "القاهرة – الإسكندرية" الزراعى (شبرا)، حيث بلغ 120 حادثة، وأقل عدد للحوادث على طريق "القاهرة – الفيوم" حيث بلغ 10 حوادث.
وفى آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية للعام 2015 تبين أن مصر تشهد 24 مليون حادث مرور سنويًا، بما يعادل قتيل كل 4 ساعات بسبب حوادث الطرق.
وسواء كانت كثرة الحوادث متعلقة بتهاون السائقين أو تقاعس المسئولين، فإن المحصلة واحدة وهى ضحايا بالآلاف من المصريين.
وشهد عام 2014م العديد من الحوادث، والتي كان أبرزها حادث تصادم سيارتين على الطريق الصحراوى الشرقى بأسيوط ما تسبب في مقتل 16 شخصًا وإصابة 5 آخرين، وكذلك حادث تصادم بين سيارة ميكروباص وأخرى نقل بمقطورة بطريق "الإسكندرية- القاهرة" الصحراوي، والذي أسفر عن مصرع 9 أشخاص، وإصابة 4 آخرين.
بالإضافة إلى حادث تصادم سيارة ميكروباص وأخرى نقل بمقطورة بطريق «الكافوري» بدائرة قسم شرطة برج العرب بالإسكندرية، والذي نتج عنه مقتل 8 أشخاص وإصابة 5 آخرين، وكذلك حادث تصادم سيارة ميكروباص ونقل بمقطورة أمام قرية الكرابلة بإدفو في محافظة أسوان، ما أدى إلى مصرع 14 راكبًا كانوا في مكان الحادث.
كما أن عام 2013م سجل نسبة مرتفعة في معدل وفيات حوادث السيارات حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إذ بلغت 50% للفئة العمرية من 15 إلى 29 عاما بمعدل 13.3 شابا لكل 100 ألف نسمة.
وأكد التقرير أن العنصر البشرى كان من أكثر الأسباب للحوادث بنسبة 65.2 % خلال عام 2013 من إجمالى أسباب الحوادث يليها الحالة الفنية للسيارة 18.3%، مشيرًا إلى أن اصطدام القطارات ببوابات المنافذ (المزلقانات) هي أكثر حالات حوادث القطارات على مستوى المناطق، حيث بلغ 431 حالة بنسبة 55.2 % من إجمالى حوادث القطارات عام 2013.
العميد أيمن الضبع، بالإدارة العامة للمرور أوضح لـ"فيتو"، أن أزمة الحوادث في مصر، إذا أردنا الحديث عنها ينبغى أن ننظر لها كمنظومة كاملة، فمشكلات المرور متسلسلة لا نهائية ولها عدة أطراف، السيارات وصلاحياتها شريك أساسى فيها، والعنصر البشرى أحد أطرافها، وكذلك القوانين.
وأوضح أن القوانين والتشريعات تحتاج مراجعة بشكل كبير، وينبغى إزالة كل السلبيات، وإعادة التشريعات بشكل مختلف، مشيرًا إلى أن الحملات التي تقوم بها الحكومة تقلل الظاهرة، لكن لم تقض عليها، فلو نجحنا في تخفيف ظاهرة الحوادث بنسبة 5% سنويًا سيعد ذلك إنجازًا.
اللواء سعيد طعيمة، مدير الإدارة العامة للمرور سابقًا، رأى أن الحل الوحيد للقضاء على الحوادث هو مراقبة الطرق إلكترونيًا عن طريق الرادارات الذكية؛ التي ترصد المخالفة وترسلها إلى النيابة في الحال، مؤكدًا ضرورة استغلال التكنولوجيا.