رئيس التحرير
عصام كامل

يسري الروبى: إصلاح البشر أهم من إصلاح الطرق.. تكلفة الحوادث أكثر من ٨٥ مليار جنيه والحل تعليم الشعب.. المنظومة المرورية فاسدة ومعيبة

اللواء يسري الروبي
اللواء يسري الروبي

نعى خبير المرور الدولي والإنقاذ والتدخل السريع في الحوادث في الشرق الأوسط اللواء يسري الروبي، وضع المنظومة المرورية ووصفها بالكارثية.
وأكد "الروبى" في حوار مطول مع "فيتو" أن حوادث الطرق المتكررة، والتي يكون البطل فيها غالبا شاحنات النقل الثقيل، تعكس حالة السياسات العشوائية التي تتبعها الحكومات المتعاقبة، مطالبا باستلهام التجارب الأوروبية وتطبيقها في مصر بهدف وقف نزيف الأسفلت وحماية 12 ألف إنسان يموتون سنويا جراء تلك الحوادث، فضلا عن خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة قدرها بـ60 مليار جنيه سنويا.. وإلى نص الحوار..


> في البداية حدثنا عن المنظومة المرورية في مصر، وما تقييمك لها ؟
نكون مخطئين لو أطلقنا عليها "منظومة مرورية "، فالمنظومة المرورية تتكون من ثلاثة عناصر: «بشر، مركبات، ثم الطريق»، ولكن المنظومة بقواعدها الثلاثة تكاد تكون غائبة، ولكن ما يدميني هو «البشر»، بداية من السائق، وضابط المرور، وأفراد المرور، ومحقق الحوادث المرورية، ومصمم الطرق، نحن نعانى من سياسات عشوائية تخلف قتلى ومصابين وخسائر مادية كبيرة.

> كيف يتم تأهيل ضابط مرور نموذجى؟
لكى يتم تهيئة ضابط المرورعلى الوجه الأمثل، لا بد من تعليمه على الأقل 4 سنوات، ولا يرسب في احداها، على أن يكون المحتوى العلمي الذي يتلقاه في كل عام يختلف عن الآخر، ففي العام الأول يدرس إدارة المنظومة المرورية علميًا، ولا بد من تعليمه لغة التخاطب، وكيفية تفادي الحوادث، وكيفية التعامل مع ميكانيكا السيارة، والتعامل مع الحالات الطارئة مثل حريق في السيارة، ودراسة السلامة والأمن لجميع أطراف المنظومة المرورية، وفي السنة الثالثة، كيفية القبض والتفتيش، حتى تتم المصالحة بين الجيل الجديد وبين الضباط، وأخيرًا لا بد من دراسة كيفية تحقيق حادث المرور بواسطة رجل المرور الفني المختص لمنع الحوادث المستقبلية، وبتلك المادة يتم حل 50% من مشكلة الطرق في مصر.

> بم يؤثر عدم تواجد قضاء نوعي مروري على المنظومة المرورية ؟
ليس لدينا قضاء مروري نوعي، فالقاضى في القضايا المدنية، هونفسه الحاكم في قضايا المرور، دون خبرة، لو أنا مختص في قضايا المرور وجاءت قضية بأن صاحبها طلع على «الرينج روت»، ومات،«ملوش ديه»، لأنه المخطئ، لكن القاضي العادى يحكم بتهمة القتل الخطًا على الشخص الثاني، ولكن المفترض أن يأخذ هذا الشخص تعويضا على الضرر المادي والأدبي الذي مسه، فهنا القاضي يحكم بالخطأ ويضيع الحق، وهذا يرجع لعدم الاختصاص، دون الرجوع للمختص ومشاورته.

> هل لدينا محقق حوادث مرورية وما هو دوره ؟
أيضا لا يوجد لدينا محقق متخصص لحادثة المرور، ولا بد من معرفة الأسباب الرئيسية للحادثة والتي بدونها لا تقع الحوادث، والعوامل التي تساعد على سرعة وقوع الحادث، ويجب عدم التعامل مع العوامل ولكن التعامل مع الأسباب الرئيسية، وهذا لأني لو منعت العوامل تحدث الحادثة لكن متأخرة، ثم لا بد من إخراج التحليل للحوادث، لإخراج النقطة السودة أو النقطة الحرجة، حتى نتمكن من مفاداتها في المستقبل، وبهذا أكون خدمت البلد بشىء واحد هو أن الذي حقق حادثة المرور يكون فاهما في المرور.

> بالنسبة لأماكن تصليح السيارات ما رأيك بها؟
الميكانيكي وحده سبب أكبر كم من الكوارث، فنجد أنه يعمل على تصليح سيارات والتحكم في أرواح بشر دون أن يكون متعلما، ولا الحصول على الشهادات التي تثبت قدرته على تصليح المركبات، وبدون ترخيص، لكننا البلد الوحيد التي تصلح السيارات دون أخذ إذن من المرور، ودون تفتيش عليه من المسئولين.

> ما رأيك في أتوبيسات المدارس المتواجدة حاليًا؟
لا بد من تواجد عدة مواصفات تتغير عن مواصفات المركبات العادية، من حيث «الباساج»، ومكان باب الطوارئ، وحتمية وجود مطرقة لفتح باب الطوارئ للتلاميذ، وطفايات الحريق، وضرورة تحقيق الحمل الحيادي، ولا بد من تعليم كل ذلك للمسئولين عن النقل في المدارس، كما يجب أن يكون قائد الاتوبيسات مؤهلا بشكل كاف يجعله قادرا على التعامل مع جميع المعطيات.

> ما تكلفة الحوادث المباشرة وغير المباشرة في القاهرة؟
هناك تقارير تقول إن نتائج الحوادث سنويًا 13 ألف قتيل، وهناك من يرى أنهم 11 ألفا، ولكني أرى أن عدد القتلى يتراوح بين 23 إلى 25 ألف قتيل يتوقف ذلك وفقًا للمعيار المحدد الذي عليه نقول إن هذا الشخص قتيل مرور، فهناك معيار الصحة العالمي، والذي يقول إنه لو مات الإنسان في خلال 45 يوما من الحادث يعد قتيلا، بينما المعيار السويسري، يرى أن المدة شهرين، والأمريكي يحدد المدة بشهر، أما معيار الأمم المتحدة فيرى المدة سنة، وهنا نجد أنه كلما زاد المعيار الزمني زاد عدد القتلى، لهذا لا نستطيع البت في تحديد عدد القتلى، كما أن عدد الحوادث المبلغ بها رسميًا ليست عدد الحوادث الحقيقية، أما عن تكلفة الحوادث غير المباشرة، فنجد أن تكلفتها تنحصر في عدد من العناصر، مثل: تكلفة سيارة الإسعاف، وغضب الطريق، والأشياء غير المباشرة التي تنجم عن الحادث، وعند تكلفتها فنجد أنها أضعاف أضعاف المباشرة حيث أن المباشرة تقدر بـ25 مليار، وغير المباشرة تقدر بما يقرب من 60 مليار جنيه واذا تم جمع الرقمان تكون النتيجة ٨٥ مليارًا.

> ما سلبيات تصميم الطرق والكباري؟
هناك سلبيات عديدة في تصميم الطرق والكباري في مصر، أغلبها عدم تواجد موانع الانزلاق بالطريقة المثالية والتي تساعد في عدم انزلاق المركبات سواء من أعلى الكباري، أو من أحد الطرق إلى الآخر، ويوجد ما يقرب من 32 نوعا من مانع الانزلاق، ولكن يتم استخدامه على حسب الغرض، فمنه المستديم ومنه المؤقت، ولكل نوع من المركبات مانع انزلاق مختص بها، وهذا لا يتم في مصر، فنجد أغلب موانع الانزلاق في طريق مصر إسكندرية الصحراوي لا تحتوي على حديد تسليح، فلا يمنع الانزلاق، كما أنه ممنوع إنارة الطرق الخلوية على مستوى العالم كله، ولكن هنا في المحروسة لا يوجد طريق خلوي لا يضاء، كما أنه من الأخطاء تقسيم الطرق بالبويات، والتي تمحى بعد مدة قصيرة، ولكن يتم تصميمها ب«استراب»، مقداره 7 مم، ويدوم لمدة 25 سنة، فضلًا عن المطبات، كما أن الطرق العلوية نضع لها طرابزين لم يكن كافيا ويتسبب في الحوادث، درجة مستويات الطرق غير مضبوطة، حتى بلاعات الصرف غير متواجدة، ولو تواجدت فهي لا تعمل، تصميم الطرق بطريقة غير مناسبة لتحمل زيادة الحمل، فضلًا عن عدم تواجد علامات في كثير من الطرق والتي تخلق مرورًا وهميًا.

> ما مخاطر إنارة الطرق الخلوية؟
إنارة الطرق الخلوية، تعمل على زيادة الاعباء المادية على الدولة، فضلًا عن التسبب في استهلاك كم كبير من الطاقة الكهربائية، فطريق واحد مثل طريق «إسكندرية الصحرواي»، يعمل على تشغيل الكهرباء في 4 محافظات، كما أن تواجد العمود يسبب الحادثة علميًا، فالطرق الخلوية لا تضاء.

> كثيرًا ما أحدثت المقطورة جدلًا واسع النطاق في مصر ما رأيك في هذا؟
الجميع ينادي بإلغاء المقطورة، ولكني أطالب بعدم إلغائها، فهناك العديد من دول العالم بها أكثر من مقطورة تصل في بعض الاحيان إلى 6 مقاطير، ونحن هنا نطالب بإلغاء مقطورة واحدة، ولكن العيب ليس في المقطورة وإنما في السائق، فليس الحل في إلغاء كل شىء، وبهذا نعيش بهذا في غابة.

> ما تقييمك لقانون المرور الحالي، وماهي الحلول العلمية والعالمية في هذا الشأن؟
أول الحلول التعليم على جميع أطراف المنظومة، وأهم الأطراف السائق، واتباع التصميم الصحيح للطريق، قانون المرور وعلاقته بالحل، فلا بد أن يكون قانون المرور يتناسب مع الحل، فمثلًا وضع الكلبشات في الشوارع المغلقة من شدة الازدحام: فهنا نقوم بزيادة الإزدحام، فقانون المرور الحالي لا أعتبره قانون مرور، وعلينا أن نراعي البيئة ضمن الحلول، ثم الاقتصاد وعلاقته بالحل، ففي الخارج يتواجد النور الأزرق للإشارة مما يقتضي إبطال السيارة لعدم استهلاك الوقود بطريقة زائدة، ثم يأتي الحل الآخر وهو تساوي جميع أطراف المنظومة، والاستفادة بالتقنية الحديثة في حل مشكلات المرور.

> بالنسبة لمدارس تعليم القيادة في مصر ما هو تقييمك لها؟
مدارس التعليم لها شروط غير متوافرة في مصر، بداية من البشر المتواجدين بها والشروط التي يجب تطبيقها عليهم، وصولًا إلى كيفية التعليم، فالمدارس هنا لاشىء، فهي وهمية ومجرد عملية استرزاق.

> بماذا نبدأ بتحسين الطرق أم المركبات أم البشر؟
لو بدأنا في الطرق نزيد الحوادث، ولو بدأنا بالمركبات أيضًا نزيد الحوادث، ولنا اسوة في التاكسي الأبيض، 40 ألف تاكسي في مصر لا يوجد واحد بهم سليم، لكن إذا بدأنا بالبشر بجميع أطرافه في المنظومة المرورية، والله الذي لا إله إلا غيره سترى المحروسة محروسة أخرى.

> وفي النهاية كيف يتم تنفيذ تلك الحلول وتفعيلها؟
من خلال 4 أمور، أولًا، الإرادة السياسية، ثانيًا أن يُسأل أهل الذكر، ثالثًا أن يترجم المشرع كلام أهل الذكر إلى قوانين، رابعًا أن تستمر الإرادة التنفيذية في تنفيذ هذا القانون، ولكي يتم التطبيق لا بد من التعليم والتدريب والمعلومات والتوعية، وبهذا ندخل في مسار الدول المتقدمة، كما أن أصحاب الأحمال الزائدة على المركبات لا نكتفى بزيادة الرسوم عليهم حيث أن تلك الأموال لا تكفى لإصلاح الطرق، ولكن أرغمهم على احضار سيارة أخرى تنقل الحمولة الزائدة، ولكى نخفف الحمل عن السطح المروري لا بد من النقل بالأنابيب، استغلال النقل النهري، والذي لم يستغل في مصر، فضلًا عن تشجيع النقل الجوي، ونقل السكة الحديد من الباب للباب.
الجريدة الرسمية