خبير الطرق الدكتور أسامة عقيل لـ«فيتو»: يمكن حل جميع مشكلات المرور خلال عام واحد
سقطت أنظمة وقامت أخرى، ولكن ما زالت أزمة حوادث الطرق وخاصة التي بسبب وسائل النقل الثقيل تتفاقم، دون إيجاد حل جذرى للحد من تكرارها، الأمر الذي يبرهن على فشل النظرة الجدية من المسئولين تجاه تلك المشكلة والوقوف على أسبابها، وإيجاد حل جذرى لها، هذا ما يؤكده الدكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة جامعة عين شمس، وأحد الخبراء العالميين المعدودين في هذا المجال الذي أسهم متطوعًا في عشرات من مشاريع الطرق والمرور.
يرى «عقيل»، أن مسئولية الحوادث بالطرق تقع على الشاحنات بنسبة 55%، والتي يروح ضحيتها أكثر من 12 ألف إنسان سنويًا، مشيرًا إلى أن الدولة لم تستطع حل تلك المشكلة، وذلك لكونها تفكر بعشوائية وغير جادة في إيجاد الحلول، في إشارة إلى أن الدولة تعمل بسياسة رد الفعل وليس ضمن خطة ممنهجة مدروسة، في إشارة إلى أنه تقدم بمشروع للحد من الحوادث بتكلفة 6 مليارات، ولكنه لم ينفذ حتى الآن رغم الموافقة عليه.
وأشار أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة، جامعة عين شمس، إلى أن الدولة تخسر سنويًا 12 مليار جنيه، كخسائر مباشرة في حين أن مشروع حل الأزمة المرورية الذي تقدمت به يعمل على جلب 3 مليارات جنيه كأرباح سنوية للدولة، مضيفًا أن الدولة تحتاج من 6 إلى 7 مليارات جنيه لتنفيذ شبكة جيدة لوسائل النقل الثقيل، وإلى نص الحوار....
> في البداية حدثنا عن مشروع مواجهة الحوادث الذي أعددته للدولة؟
مشروع مواجهة الحوادث كبير وضخم، فهو يشمل خطة شاملة عند تطبيقها تقل حوادث الطرق بدرجة كبيرة، فيها دور لكل الهيئات والوزارات، وكل جهة عليها مهمة محددة عند تنفيذها يتم الحد من حوادث الطرق بشكل شبه نهائي.
وتتكون الخطة من عناصر كثيرة جزء منها على وزارة النقل، وجزء على وزارة الإسكان، والآخر على وزارة الصحة، والداخلية، والإعلام أي بمعنى أن كل وزارة يكون عليها عمل محدد تجاه هذه الخطة ولحل مشكلة حوادث الطرق.
> متى تقدمت بهذا المشروع للدولة ؟ وهل تم البدء في تنفيذه؟
تقدمت بالمشروع منذ عام، وأقر بالفعل في المجلس القومى للسلامة على الطرق، وأصبح الخطة المرتقبة للدولة، ولكن لم يتم تنفيذ شيء منه حتى الآن، ولا حتى البدء فيه.
> ما هي تكلفة المشروع المادية؟
المشروع يتكلف نحو ما يقرب من 6 مليارات جنيه، يشمل كل شيء، بما يعنى جميع أنواع الطرق، ولكن نحن نخسر سنويًا مالا يقل عن 12 مليارًا كل عام، فهذا المشروع يتم تكلفته مرة واحدة، وبالتالى تكفينا عن خسائر المليارات سنويًا.
> ما مضمون هذا المشروع؟
النقاط الأساسية بالمشروع، إنشاء طرق مخصصة للشاحنات، وتقليل الطرق المخترقة للمدن، وذلك من خلال عمل تحويلات لها تخرجها خارج المدن، ووضع حواجز للمجارى المائية حتى لا يتم وقوع السيارات في المجارى المائية، فضلًا عن تصميم ازدواج للطرق الفردية، على أن يكون هناك طرق للذهاب وأخرى للإياب، وعمل إنارة عند التقاطعات، وإدارة للطرق عند فترات الشبورة والطقس السيئ، وتوعية للمواطنين.
> هل توضح لنا دور وزارة الداخلية في هذا المشروع؟
وزارة الداخلية لها دور كبير لإنجاح هذا المشروع، يتمثل في تكثيف الرقابة على الطرق، ومراقبة السائقين، والكشف عن المخدرات للحد من الحوادث.
> وما هو دور وزارة الصحة؟
وزارة الصحة عليها دور كبير وذلك بأن تعمل على الإكثار من وجود الإسعاف على الطرق، إنشاء مستشفيات للطوارئ، والتي نفتقدها خاصة على الطرق السريعة وهكذا.
> هل هناك مشروعات أخرى تقدمت بها إلى الدولة ولم يتم تنفيذها.. ومثل ماذا؟
نعم: تقدمت بخطة لحل مشكلات المرور في القاهرة، وتمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء، ولكن أصبحت طى النسيان ولم يتم تنفيذ شيء منها، بالرغم من أن المشكلة المرورية تتفاقم يومًا بعد يوم، وهذا لكون جميع الحكومات السابقة لم تستطع تشخيص المشكلة المرورية التشخيص السليم، على الرغم من كونها لم تبخل وأنفقت المليارات، ولكن في الطريق الخطأ.
> وهل يمكن حل مشكلة المرور فعليًا في كل الطرق سواء داخل القاهرة أو خارجها؟
نعم، وفى أقل من سنة وبمنتهى السهولة، حيث إن مشكلة المرور تعد من أبسط المشكلات إذا نظرنا إليها من منظور جاد.
> بالنسبة للخطة المخصصة لحل المشكلات المرورية في القاهرة.. ما مقدار تكلفتها المادية عند تطبيقها؟
الخطة المخصصة لحل المشكلات المرورية لم تكلف الدولة أعباء مادية، بل بالعكس تجلب لمصر دخلًا سنويًا بما يقدر بـ3 مليارات.
> أحيانًا تلجأ الدولة إلى إنشاء العديد من الطرق والكبارى لحل الأزمات المرورية في الطرق.. ما رأيك في ذلك؟
في أغلب الدول يتم اللجوء إلى هذا الاتجاه بزيادة الطرق والكبارى والأنفاق رغبة منهم في حل الأزمات المرورية، ولكن هذا ما يسمى إضافة ساعات جديدة، وأثبت فشله، وذلك لأن الطرق الجديدة تعمل على جذب رحلات جديدة، وبالتالى تعمل على زيادة الاختناقات المرورية، وبزيادة الاختناقات المرورية يتم العمل على إنشاء طرق أخرى، وبالتالى يتم جذب رحلات إليها وعليها تزداد الاختناقات المرورية من جديد وهكذا.
> بالنسبة للطرق المخصصة للشاحنات في مصر ما هي مشكلاتها ؟
لا توجد بها مشكلات، ولكن المشكلة أن مصر لم يكن يوجد بها أماكن مخصصة لسير تلك الشاحنات، ولكن في الوقت الراهن يتم العمل على تخصيص طرق خاصة بها وإن كانت قليلة.
على من تحمل مسئولية الحوادث التي تحدث باستمرار.. ولماذا لم يتم الاستفادة من تلك الحوادث رغم تكرارها والعمل على حلها؟
55 % من الحوادث التي تقع على الطرق بسبب الشاحنات، حيث يموت بين 12 ألفا و15 ألف إنسان سنويًا؛ بسبب تلك الشاحنات، حيث يتم نقل البضائع في الأغلب عن طريق الطرق، ولكن لم يتم حل تلك المشكلة بحل قطعى وجذري، وذلك لأننا نحيا عشوائيا ونعمل بلا إستراتيجية وخطة محددة، وذلك على كل المستويات، فالأسلوب الذي نعمل به هو سياسة رد الفعل، وذلك منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا الدول جميعها تعمل بطريقة عشوائية ومن ثم فإننا يجب أن نتوقع ما هو اسوأ من ذلك.
> كيف تؤمن الطرق ضد الحوادث؟
حتى نستطيع تأمين الطرق ضد الحوادث، لا بد ألا تزيد نسبة نقل البضائع على نسبة محددة، ولكن مصر بها نسبة أكبر من العالم أجمع، حيث تبلغ نسبة النقل فوق الـــ 30%، ما يعمل على زيادة الحوادث، ولم يتوقف الأمر على السلوك البشرى وحده كما يشير البعض، فالدول الأجنبية تعمل على إنشاء طرق خاصة للشاحنات، وذلك عند زيادة نسبة النقل عن 7% على أعلى تقدير.
> عند التخطيط للطرق كيف تقدر التكلفة المادية لها؟
تتوقف تكلفة الطرق على حسب عرض الطريق نفسه ومساحته.
> هناك العديد من الكبارى التي انهارت بسبب وسائل النقل الثقيل.. ما سبب الانهيار؟
انهيار الكبارى يقع أحيانًا بسبب طريقة إنشاء الكبارى الخاطئة، وأحيانًا وسائل النقل نفسها، فنجد أن الكبارى حدث لها انهيارات بسبب أن الأحمال كبيرة عليها في ظل عدم وجود قيود على الأحمال ولا مراقبة جادة لها، وهناك كبارى تنهار بسبب عيوب في تنفيذها وتصميمها.
> ما العيوب التي من الممكن تتضح بعد تنفيذ الكباري؟
هناك عيوب كثيرة تتضح بعد الانتهاء من تنفيذ الكباري، حيث توجد عيوب فنية معقدة، وأهم عيب أنه يتم إنشاؤها دون مراعاة للنسبة والتناسب بين قدرتها على التحمل وبين مقدار الأحمال التي تتعرض لها، فحين التعرض لأحمال ثقيلة لم تكن في الحسبان فتنهار، ومن ضمن العوامل الأخرى أن يكون التنفيذ تم بطريقة خاطئة، أو تكون جودة التنفيذ رديئة.
> كانت هناك مطالب بإلغاء المقطورات في الشاحنات ذات الأحمال الثقيلة.. هل هذا كان الحل الأمثل للحد من الحوادث في ذلك الوقت؟
لا.. لم يحد من الحوادث، ولم يكن له داع ويعد قرارًا غير سليم بنسبة مائة بالمائة.
> من وجهة نظرك ما هي الأزمة الحقيقية بالنسبة للطرق في مصر الشاحنات أم المقطورات؟
المقطورات لا تمثل أزمة حقيقية، إذ أن عددها يعد 50 ألف مقطورة في مصر، لكن الكارثة الحقيقية في الشاحنات، حيث يقدر عددها بمليون وربع المليون شاحنة، فإذا تم إلغاء الخمسين ألف مقطورة فلن تؤثر كثيرًا، لكن المشكلة أكبر بكثير، لذلك لا بد من إعداد طرق مخصصة للشاحنات وذلك للحد من الحوادث.
> ما الخطة التي نحتاجها لإعداد شبكة نقل خاصة بوسائل النقل الثقيل؟
نحن لا نحتاج تخطيط طرق خاصة بوسائل النقل الثقيل بجميع شبكة المواصلات بمصر، ولكننا نحتاج فقط أن يتم التخطيط على الطرق التي تسير عليها الشاحنات بكثرة، والمرتبطة بالموانئ وبمراكز الإنتاج، والمصانع والمدن الصناعية، فضلًا عن المخازن الإستراتيجية والتموينية، وإن تم تخطيط تلك الطرق فهذا يكفي.
> ما المدة الزمنية التي تستغرق عند إعداد خطة لتخطيط شبكة مخصصة لوسائل النقل الثقيل.. وما تكلفتها المادية؟
مثلها مثل كل الطرق، لا تستغرق وقتًا كبيرًا، وتكلفتها تقدر بما يقرب من 5 إلى 7 مليارات جنيه.