حكومة إسماعيل.. رحيل أم تعديل؟!
عاد الحديث من جديد عن مصير حكومة المهندس شريف إسماعيل، الذي سيقرره مجلس النواب بعد أن يلقي الرئيس عبدالفتاح السيسي خطابه أمام المجلس.. ثم يعلن رئيس الوزراء بيان حكومته لتجديد الثقة فيها.. أو تشكيل حكومة أخرى جديدة.
وبينما يميل عدد كبير من أعضاء المجلس إلى منح حكومة إسماعيل فرصة جديدة مع إجراء تعديل وزاري يشمل عددًا من الوزراء الذين لم يحققوا نتائج ملومسة، يطالب عدد آخر من النواب المستقلين بحكومة جديدة يرأسها وزير سياسي، بعد أن ثبت أن حكومات التكنوقراط المتعاقبة فشلت في حل المشكلات المعقدة التي تواجه مصر في هذه المرحلة الصعبة.
وعلى سبيل المثال فإن حكومة الدكتور إبراهيم محلب السابقة، كانت تضم خبراء على أعلى درجات التخصص، ورغم ذلك كان نجاحها محدودا -من وجهة نظر هؤلاء النواب- في اقتحام المشكلات الموروثة منذ أكثر من خمسين عاما، لافتقادها الرؤية الشاملة التي تحقق التقدم المطلوب، ما دفع الرئيس إلى تغييرها، وتكليف المهندس إسماعيل بتشكيل الحكومة الجديدة، التي لا يرى كثيرون أنها أفضل من سابقتها؛ لأن أسلوب اختيار الوزراء لم يختلف، ويعتمد في معظم الأحيان على تقارير الأجهزة، والكفاءة في تخصصاتهم وحسن السمعة، وهذه المواصفات لا تكفي وحدها لاختيار أصحاب المناصب العليا من الوزراء والمحافظين وغيرهم، كما أن التشكيلات الوزارية الأخيرة شهدت العديد من الاعتذارات عن تولي المناصب الوزارية التي لم تعد تمنح أصحابها بعد ثورتي وجاهة أو مال، وهي مشكلة حقيقية يجب أن يعيها المتحمسون لإجراء تغيير وزاري أو حتى تعديل، أنه لا توجد ضمانات لأن القادم سيكون أفضل مع ظاهرة الاعتذارات.. والاعتماد على نفس الأساليب القديمة في اختيار أهل الثقة.
ويبدو أن الأزمة في أحد جوانبها، تنتج عن التغييرات الوزارية المتعاقبة منذ ثورة يناير والتي حالت دون أن تنفذ أي حكومة منها برامجها كاملة، ويتقرر رحيلها عقب الهجوم الإعلامي الشرس، والذي يتجاوز في أحيان كثيرة الموضوعية.. ويقتحم الحياة الشخصية للوزراء، ما يدفع الذين يحترمون أنفسهم إلى التقوقع حتى يحين وقت الرحيل.
وليس من الإنصاف إصدار الأحكام على حكومة إسماعيل سواء بالفشل أو النجاح، ليس فقط لأنها شكلت منذ فترة محدودة، وإنما لأنها أيضًا حكومة مؤقتة وتضع في اعتبارها إمكانية التغيير بعد تشكيل مجلس النواب، مما أضعف من قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، وإن كان لها العديد من الإنجازات في مجالات توفير السلع الأساسية للمواطنين في المحافظات والقرى.. والحد من ارتفاع الأسعار مما كان له آثار إيجابية على محدودي الدخل، وبالرغم من رفض مجلس النواب قانون الخدمة المدنية، فإن حكومة إسماعيل أول من اقتحم مشكلة الإدارة من جذورها وأعدت هذا القانون، حتى لو كان يتطلب تعديل بعض مواده، وجاء رفض المجلس صادما للحكومة التي ستعد قانونا جديدا يراعي ملاحظات الأعضاء، ويمكن الحكومة إذا قدر لها الاستمرر من تصحيح المسار الإداري.
ولا شك أن بيان الحكومة الذي سيقدمه إسماعيل لمجلس النواب، بعد أيام ومدى قدرتها على مواجهة المشكلات المعقدة وتقديم الحلول الناجحة، سيؤدي إلى حسم مصير الحكومة، ويحدد حجم التعديل الوزاري، وما يجب أن يدركه رئيس الوزراء أن الاستغراق في عرض الاستراتيجيات المستقبلية رغم أهميته، لن يرضي المواطن الذي يبحث عن حلول عاجلة في كل الحاضر بما يحفف من معاناته.