رئيس التحرير
عصام كامل

«صراع زعامات».. «إخوان مصر» يفضلون «منير» مرشدا عاما.. و«القرضاوى» يحاول إنقاذ «مركب الجماعة» بـ«مبادرة اللائحة»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

منذ ثلاثة أشهر بدأت تلوح في الأفق أزمة كبيرة داخل الجماعة، على خلفية إقالة محمد منتصر”اسم حركي” المتحدث الرسمى باسم الجماعة، وتعيين “طلعت فهمي” بدلا منه، وهو القرار الذي أغضب الجماعة بمصر ورأته تدخلا مباشرا من إخوان الخارج في الشئون الداخلية لإخوان مصر.


بداية هذه الأزمة كانت في منتصف نوفمبر الماضي، حينما احتضنت تركيا اجتماعا تنظيميا للجماعة حضره الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة، ومحمد سودان أحد قيادات الجماعة المقيمين بين لندن وتركيا وألمانيا، وصاحب فضيحة سرقة السبائك الذهبية من مسكن الراحل جمعة أمين.
في هذا الاجتماع اتخذت الجماعة قرارا بإجراء تغييرات في الهيكل الإدارى بها، يشمل الإطاحة بالمتحدث الرسمى لها “محمد منتصر” وإقصاء بعض قيادات الإخوان بمصر من مناصبهم.

وجاء هذا القرار بعدما أبلغ “محمد سودان” الدكتور محمود حسين أن هناك بوادر تمرد من جانب إخوان الداخل، وأخبره بأن منتصر احتد عليه وقال له: “أنتوا قاعدين بره تاكلوا وتشربوا والشباب في مصر بيتبهدلوا”.
لكن المثير في الأمر أن الاجتماع شهد تقاربا مثيرا في الرؤى بين حسين وسودان، ومن بعدهما الدكتور محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام للجماعة... لماذا جاء هذا التقارب؟
الإجابة ببساطة تتلخص في الاتهام الموجه للثنائى حسين وسودان، والخاص بارتكابهما مخالفات مالية جسيمة أضرت باقتصاديات الجماعة.

فأولهما الدكتور محمود حسين الأمين العام للإخوان متهم بإنفاق اشتراكات الأعضاء والاختلاس منها دون وجه حق.
أما الثانى وهو محمد سودان الأمين العام للجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، فمتهم بسرقة 140 مليون جنيه مصري، وهى قيمة 375 سبيكة ذهبية من خزانة الدكتور جمعة أمين بلندن قبل وفاته في يناير من العام الماضي.

هذه السرقات والاختلاسات المالية أوغرت صدر شباب الجماعة لأكثر من سبب أهمها على الإطلاق أن القيادات التاريخية للإخوان المقيمة في الخارج تعيش حياة هنيئة وسعيدة وتنفق من الاشتراكات التي ما زال أعضاء الجماعة في مصر يدفعونها شهريا بنسب تبلغ 15% من دخولهم الشهرية، أضف إلى ذلك أن الشباب يرون أنهم في وجه المدفع يدفعون اشتراكات شهرية للجماعة ويواجهون قوات الأمن في مصر، في حين أن الهاربين للخارج ينفقون هذه الأموال ولا يواجهون إلا بالتصريحات التليفزيونية.
المثير أيضا في تلك القصة أن التمرد الشبابى جاء بعد محاولات الدكتور محمود عزت المستميتة لتبرئة ساحة محمود حسين ومحمد سودان من الاختلاس والسرقة.

المعلومات الوادرة من الخارج والداخل على حد سواء تؤكد أن الانقلاب الحالى الذي تشهده جماعة الإخوان جاء نتيجة مباشرة للصراع على منصب المرشد العام بين الدكتور محمود عزت والقيادى الكبير إبراهيم منير المقيم في لندن، على الرغم من أن الأخير محسوب على تيار عزت، لكن وقت الصراع على القيادة لا يعترف بذلك.
المعلومات تشير أيضا إلى أن القاعدة في مصر كانت تميل لإبراهيم منير، وهو ما عجل بالإطاحة ببعض مساعدى منير في مصر مثل منتصر وغيره.

وبعد هذه الأزمة اتجهت الأمور للهدوء ظاهريا، لكنها ظلت متأججة داخليا، ومفككة للغاية.
وصولا إلى استقالة 15 عضوا مؤسسا للمجلس الثورى المصرى الذي شكله الإخوان في تركيا، وكان الدكتور عمرو دراج القيادى الإخوانى الكبير على رأس هؤلاء المستقيلين.
وبالتوازى مع هذه الاستقالات جاءت محاولة الدكتور يوسف القرضاوى لإنقاذ مايمكن إنقاذه،عبر اقتراحه بضرورة العمل على اعتماد لائحة داخلية جديدة للإخوان.

وهذا الأمر رد عليه بعض قادة الجماعة بالخارج بموافقة ظاهرية، في حين أكدت المصادر أن هؤلاء القادة يريدون دفن هذا الصراع دون حله جذريا، خاصة أن مشكلة الجماعة بالأساس ليست في اللائحة فاللوائح واضحة،لكن مشكلتها الرئيسية في التطبيق ورغبة كل فريق من المتتناحرين أن يسيطر على الجماعة وقراراتها دون تدخل من غيره.
مبادرة القرضاوى هي الاخرى في طريقها للفشل خاصة وأن جميع الأطراف مازات تتعامل وفق أرضية أنها الأولى بالقيادة وبدلا من تيار واحد متصارع بقى هناك 3 تيارات واجنحة تتصارع.

التيار الأول وهو الأقوى حتى الآن ويتزعمه الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة والقائم بأعمال المرشد،والتيار الثانى يتزعمه الدكتور محمد كمال،أما التيار الثالث فهو ذلك الذي يترقب الأمور من بعيد دون أن يدخل في مواجهة مباشرة مع أي من التيارين الآخرين، ويتزعمه الدكتور إبراهيم منير. وكل تيار من هؤلاء يستند إلى نقطة مهمة يرى أنها ستحسم الصراع لمصلحته، فجناح عزت يعتمد على كون معظم أعضائه من القيادات التاريخية للجماعة، ويمتلكون الحيلة ولديهم من الإمكانيات ما يؤهله لحسم الصراع.
أما تيار الدكتور محمد كمال فيعتمد على كونه هو التيار الوحيد الذي ما زال معظم قادته متواجدين في مصر، ولم يغادروها على الرغم من تعرضهم للتضييق والحصار الأمني الذي يشتد يوما بعد يوم، وهذا الجناح دوما ما يصدر للآخرين كونه الأكثر تضحية من أجل الجماعة.

في حين يقف التيار الثالث الذي يتزعمه الدكتور إبراهيم منير موقف المتفرجين المترقبين لما قد يحدث، وما قد يؤول اليه الصراع بين التيارين الآخرين، وفى ذات الوقت يضع الخطط التي تمكنه من السيطرة على الجماعة، فلهذا التيار أنصار في التيارين الآخرين،إضافة إلى كون هذا التيار هو الأكثر قدرة على الإنفاق والأكثر تنظيما وخبرة.
ويبدو أن هذا الصراع سيكون حلا سحريا وسريعا يؤدى في النهاية إلى انهيار الجماعة بشكل كامل.
الجريدة الرسمية