رئيس التحرير
عصام كامل

خصخصة التعليم لمواجهة الكثافة الطلابية.. الوزارة تستعين برجال أعمال لبناء مدارس خاصة.. زيدان: قرار غير دستوري.. حسين: التعليم تحول من خدمة إلى سلعة.. مغيث: الدولة تخلت عن مسئولياتها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«الكثافة الطلابية»، كانت وما زالت «بعبع التعليم» في مصر، حولته إلى منظومة فاشلة، مما دفع الحكومة إلى بذل كافة الجهود لحل الأزمة، وكان آخرها مبادرة الدكتور الهلالي الشربيني الهلالي، وزير التربية والتعليم، للاستعانة بالمستثمرين لبناء مدارس خاصة، على أراض ممنوحة لهم بحق الانتفاع، وتكون مصروفاتها ٥ آلاف جنيه، وخاضعة للرقابة المالية والقانونية والإدارية للوزارة.


وقال مصدر بالوزارة إن تلك الخطوة جاءت بعد إعداد تقارير عن الكثافة الطلابية داخل المدارس، كشفت أن ٤١٪ من المدارس الحكومية بها كثافة عالية.

مؤامرة على التعليم
وعن آراء المعلمين، في مقترح مواجهة كثافة الفصول، قال علي زيدان نقيب القاهرة لنقابة المعلمين المستقلة، إنها مؤامرة على التعليم، تسعى لتآكل الطبقة المتوسطة، مؤكدًا أنها جريمة وانتهاك الدستور المصري الذي صرح بمجانية التعليم، مشيرًا إلى أن الإمكانيات والخدمات ستزداد في المدارس الخاصة ذات المصاريف المرتفعة، وستقل في المدارس الحكومية.

واستكمل قائلًا: "هذا القرار سيدفع العديد من أولياء الأمور إلى بذل أقصى ما في وسعهم والتي تصل إلى الاستدانة والدخول في جمعيات، في محاولة إدخال أولادهم مدارس الخدمة العالية"، منوهًا بأن ذلك محاولة لإلغاء مجانية التعليم، فضلًا عن زيادة التفاوت الطبقي، والقضاء على الطبقة المتوسطة التي كونها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعد اعتماد مجانية التعليم، ليصبح بذلك المجتمع مكون من طبقتين فقط «عليا ودنيا».

مجانية التعليم
وتابع «زيدان» قائلًا: "الدستور كفل مجانية التعليم من مادة 19 إلى مادة 25، وكنا نأمل أن يدخل رياض الأطفال وفق المجانية، ولكنه بذلك يتم «مص دماء المصريين» بدخول رجال الأعمال لصفقة التعليم، وطالب بأن تكون خطة الحكومة والوزارة القادمة بناء مدارس مجانية، بدلًا من محاولة خصخصة التعليم".

التعليم من خدمة إلى سلعة
وقال حسين إبراهيم، أمين عام نقابة المعلمين المستقلة: "هذا القرار محاولة لتحويل التعليم من خدمة إلى سلعة، من أراد أن يتعلم عليه أن يدفع، مما سيزيد من نسبة المتسربين من التعليم"، وأضاف: "إذا ربطنا هذا القرار بالقرار الصادر منذ يومين بزيادة مصاريف المجموعة المدرسية تتضح الفكرة أكثر".

واستبعد "إبراهيم" رغبة المستثمرين في تنمية التعليم، قائلًا: "المستثمر لا يهمه أن يتعلم المواطن، ولكن شغله الشاغل، وهدفه الأول أن الفلوس لازم تجيب فلوس".

وتابع حسين قائلًا: "إنها أولى خطوات خصخصة التعليم، لتحصل الحكومة على الضرائب، وشراء رضا رجال الأعمال"، مؤكدًا أن مصاريف تلك المدارس ستزداد بعد ذلك، والدولة مصرة على إفقار المواطن وتجهيله، قائلًا: "من هنا لا نتعجب أن 50 - 55% من المجتمع أميون، والمتعلمون منهم غير مثقفين".

محاولات للإصلاح
وقال حسين: "قدمنا مررًا إلى الوزارة عناوين لنحو 3 آلاف أرض وتبرعات لبناء مدارس، فيما يكفل نصف التكلفة، كما أننا لدينا عدد هائل من المدرسين، ولكن دون جدوى، فالوزارة تعمل دون رؤية أو استراتيجية واضحة لتطوير التعليم"، مؤكدًا أن النقابة قدمت استراتيجية جيدة لمواجهة الأمية والدروس الخصوصية وغيرها من مشكلات التعليم، ولكن الوزارة لم تحرك ساكنًا.

تخلٍّ عن المسئولية
وعبَّر "كمال مغيث" الخبير التربوي ،عن استيائه من قرار الوزير، مشيرًا إلى أن ذلك شكل من أشكال خصخصة التعليم، وتخلي الدولة عن مسئوليتها الكاملة في تبني قضية التعليم المجتمعي، كما سيزيد من التفاوت الطبقي، على أن تكون هناك مدارس مميزة لأبناء الأغنياء، ومدارس ضعيفة للفقراء.

واستبعد "مغيث" إمكانية أن يساعد هذا الإجراء على المدى البعيد في حل أزمة تكدس الفصول، موضحًا أن ذلك تراجع عن كل القيم والمبادئ، التي حكمت التعليم المصري من طه حسين وحتى الآن.

الجريدة الرسمية