حلب السورية.. حكاية مدينة استهدفها «التتار» ويحلم بها «أردوغان»
بات الحديث الصادر من جميع الأطراف الفاعلية والمعنية بالأزمة السورية، وتسعى للتواجد دخل بؤرة الصراع منصبا على مدينة "حلب"، البعض أكد أن نتيجة سقوطها سوف ينقل المعركة إلى الدوحة، والآخر من الجانب التركي شدد على أن المدينة هدف تاريخي.
أهمية حلب
لا تستمد حلب أهميتها من الأهمية الاستراتيجية للمعارك الدائرة حولها فحسب، بل إن البلدة تحمل أهمية رمزية كبيرة أيضا، فهي ثاني أكبر المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها بفعل الحرب، وهي المدينة السياحية الأولى في البلاد، وقد الموقع المفضل للعديد من البعثات الدبلوماسية لفترة طويلة من الزمن، حسبما أفاد موقع "ساسة بوست" في تقرير مطول حول أهمية المدينة التاريخية.
وتعد حلب واحدة من أقدم المدن في العالم، وقد تمت الإشارة إليها في النصوص المصرية القديمة منذ أكثر من 20 قرن قبل الميلاد، وقد تم العثور على بقايا معبد يعود إلى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد في موقع قلعة العصور الوسطى الشهيرة في حلب، ازدهرت حلب سياسيا واقتصاديا خلال القرن الثامن عشر قبل الميلاد قبل أن تسقط في يد الحيثيين.
وخلال الحقبة الهلنستية، أصحبت حلب موقعا تجاريا مهما بين دول البحر الأبيض المتوسط وبين الشرق، كما أن حلب قد ازدهرت كمركز لحركة القوافل تحت الحكم البيزنطي، وقد خضعت حلب للحكم الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي، قبل أن تسقط في يد الإمبراطورية البيزنطية خلال القرن العاشر، ثم يستعيدها الأيوبيون خلال القرن الثاني عشر.
وقد عانت حلب من عدة كوارث منها تفشي الطاعون والغزو المدمر الذي قاده تيمورلنك، قبل أن تخضع لسيطرة الإمبراطورية العثمانية وتقلصت أهمية المدينة حين تم اقتطاعها عن جنوب تركيا وشمال العراق أثناء تقسيم الدول العربية الحديثة خلال القرن الثامن عشر، وبعد استقلال سوريا تحولت المدينة إلى مركز صناعي حيث بلغ عدد سكانها نحو 2.3 مليون نسمة.
معقل للسنة
معظم سكانها عرب من المسلمين السنة ومعظمهم من العرب مع أقلية سنية كردية وتركمانية، كما حوت المدينة أكبر جالية مسيحية في سوريا، إضافة إلى أقليات شيعية وعلوية.
وبعيدا عن هذه الأهمية التاريخية والجغرافية، فإن المدينة الآن تقع في قلب الصراع الجيواستراتيجي الدائر في سوريا، حيث تمثل المعركة حول حلب أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة إلى الأطراف المتنازعة.
أهميته للنظام
بالرغم من أن حلب قد تحولت بفعل إلى كومة من الأنقاض، إلا أنها تمثل ركنا هاما من الإستراتيجية الروسية في سوريا، من ناحية فإن حلب تمثل أهم المراكز الحضرية في البلاد بعد العاصمة دمشق ما يجعل السيطرة عليها من الأهمية بالنسبة للنظام الذي يرغب في أن يحكم سيطرته على مدن البلاد الرئيسة.
يشير تحليل ميداني نشره مركز "أتلانتيك كاونسل" إلى أن استراتيجية النظام في الوقت الحالي لا تعمد إلى السيطرة على الأراضي بشكل متصل بقدر ما تهدف إلى عزل المعارضة في جيب صغير يسهل التعامل معها لاحقا، وقطع خطوط إمداداتها وعلى الأخص مع تركيا. وهو ما يفسر التركيز نحو حلب بدلا من إدلب وحماة. ويرجح المركز أنه بعد أن يطمئن النظام بشكل تام إلى نجاحه في قطع خطوط الإمداد التركي عن المعارضة في حلب عبر معبر باب السلامة من خلال إحكام السيطرة ممر عزاز، فإنه ربما يؤجل خطته في التقدم نحو المدينة ويقوم بنقل تركيزه إلى منطقة أخرى وسوف تكون إدلب، المنفذ الآخر للمعارضة مع تركيا هي المرشح القادم للعمليات.
دور المعارضة
من الواضح أيضا أن المعارضة تفطن بشكل جيد إلى حجم الخطر الذي يمكن أن تمثله الهزيمة في حلب، لذا فقد سارعوا إلى إصدار بيانات تدعو المعارضة إلى نجدة حلب بالمقاتلين خاصة في ظل خوض الحرب على جبهتين ضد النظام، وضد تنظيم "داعش".
هدف أردوغان
وبحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست، فإن كلا من السعودية وتركيا قد تعرضتا لضغوط كبيرة لمنع تقديم الأسلحة للقوى السورية المعارضة، من أجل إجبارها على حضور المفاوضات وهو ما ترك المعارضة في موقف هش في مواجهة الطيران الروسي.
على الجانب السعودي، فإن سقوط حلب في يد النظام سوف تتم قراءته على أنه انتصار لجديد لإيران في سوريا، وهو انتصار لحزب الله أيضا، أحد الشركاء الرئيسين في معارك حلب، وهو انتصار قد يلقي بظلاله على لبنان وفقا لتحليل أحد الخبراء لموقع "عربي 21" المقرب من المخابرات القطرية، وبخاصة في الوقت الذي ميل فيه كفة المرشح المدعوم من إيران وحزب الله ميشيل عون بعد حصوله على دعم خصمه سمير جعجع إثر خلافه مع تيار المستقبل حول دعم سليمان فرنجية.