مساعد وزير الداخلية: «قوى الشر تهدف لإشاعة الفوضى في البلاد ونحن في معركة حقيقية معهم»
- ما يحدث في سيناء «حرب عصابات» ولا خطورة على أمن البلاد
- القوى المتطرفة تريدنا بلا أمن مثل بعض الدول المجاورة
- إلزام المحال بتركيب الكاميرات ومعظم اللصوص يضعون “ماسك” على وجههم
- مصر ليست مقبرة “داعش” فقط بل لكل معتد يريد بها شرًا
- الضربات الاستباقية أحبطت مخططات الجماعات الإرهابية لإثارة الفوضى
- قيادات الجماعات المتطرفة معروفة لدينا ومأموريات خاصة لضبطهم
- «الألتراس» أولادنا ولابد من احتوائهم وننسق مع الشباب والرياضة لحل مشكلاتهم
قبل سنوات دخلت وزارة الداخلية في مواجهة شرسة مع العناصر الإجرامية والجماعات المتطرفة التي تهدد أمن البلاد، ونجحت إلى حد بعيد في تحجيمها والقضاء عليها من خلال عمليات نوعية في كافة المحافظات.. وعلى الرغم من سقوط مئات الشهداء من الضباط والأفراد والمجندين، إلا أن الوزارة بقيادة اللواء مجدى عبد الغفار مستمرة في مواجهة “خفافيش الظلام”، وفى ذات الوقت تحرص على تطوير أدائها في مختلف القطاعات خصوصا التي تتعامل بشكل مباشر مع المواطنين..
“فيتو” التقت اللواء محمود يسرى مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن، وصاحب الخبرة الطويلة في مجال البحث الجنائى، وسألته عن طبيعة الحرب التي تخوضها الوزارة ضد الجماعات الإرهابية، ومدى تأثيرها على العمل الجنائى، وكيفية التعامل مع الجرائم الإلكترونية، وسبل تأمين قوات الشرطة في سيناء، وإستراتيجية الداخلية في التعامل مع الألتراس، وغيرها من الموضوعات في الحوار التالى:
> ماذا عن جهود الوزارة في مواجهة الجماعات الإرهابية ؟
وزارة الداخلية بالتعاون مع القوات المسلحة، نجحت إلى حد بعيد في تحجيم الإرهاب ومحاصرته على مستوى الجمهورية.. وتمكنت من خلال أجهزة جمع المعلومات المختلفة، من تحديد أماكن أخطر التنظيمات المتطرفة سواء في القاهرة أو المحافظات، وكشف مخططاتهم ومصادر تمويلهم وإمدادهم بالسلاح، ومن ثم تم توجيه ضربات استباقية لها قبل أن تنفذ عملياتها التخريبية ضد منشآت الدولة أو المسئولين فيها، وكان آخر تلك الضربات الناجحة، تصفية خلية إرهابية تابعة لما يسمى بـ “تنظيم أجناد مصر” في منطقة حدائق المعادى، والتي كانت تخطط لاستهداف رجال الشرطة والجيش وعدد من المنشآت العامة والحيوية، وهناك عدة مأموريات جديدة يتم الإعداد لها حاليا، تمهيدا لاستهداف كبار قيادات التنظيم المشار إليه، وغيره من التنظيمات والخلايا التي تخطط لزعزعة أمن واستقرار الدولة المصرية.
> سبق وصرحت بأن مصر مقبرة داعش ؟
مصر ليست مقبرة “داعش” فقط، بل مقبرة كل معتد يريد شرا بالبلاد، أو تنظيم متطرف يخطط لترويع الآمنين، أو استهداف المنشآت العامة والخاصة.. ونحن في معركة حقيقية مع قوى الشر، التي تهدف إلى إشاعة الفوضى وإظهار أجهزة الدولة في صورة العاجز عن حفظ الأمن، ومن ثم تحقيق الهدف الأسمى لتلك القوى المتطرفة، وهو أن نصبح بلا أمن مثل بعض الدول المجاورة، غير أن مصر بشعبها وجيشها وشرطتها، قادرة على دحر أي معتد ودفنه في ترابها.. ولا ننسى أن الله حافظ لأرض الكنانة المذكورة في القرآن.
> ماذا عن خريطة البؤر الإرهابية في المحافظات ؟
الجماعات المتطرفة والخلايا الإرهابية وقياداتها التنظيمية، معروفة تماما لدى الأجهزة الأمنية المختلفة، والأمن الوطنى لديه معلومات وافية عن خططهم التخريبية، ويمكن القول إنه تمت محاصرة تلك الجماعات والخلايا، والدليل على ذلك إفشال العديد من مخططاتهم والقبض على الكثير منهم وتصفية آخرين في ضربات استباقية نوعية لرجال الأمن.. وتعد محافظة الجيزة من أكثر المحافظات التي تتواجد بها العناصر المتطرفة، نظرا لقربها من محافظات الصعيد، وتعدد الطرق المؤدية إليها عبر المناطق الجبلية التي يسهل الاختباء بها، فالعناصر الإرهابية كانت تنفذ جرائمها ثم تلوذ بالفرار إلى الصعيد، ولكن حاليا تم تضييق الخناق عليها بشكل كبير.
> كيف تواجهون الإرهاب الإلكترونى؟
بالطبع لعبت شبكة الإنترنت دورا كبيرا في تطوير أساليب الجماعات الإرهابية في تجنيد الشباب وضمهم إليها، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها، وكذلك نقل التكليفات والتعليمات لعناصر التنفيذ، لذلك حرصت وزارة الداخلية على تطوير شبكة المعلومات لديها، وإدخال أجهزة وبرامج ومساعدات فنية حديثة إلى “مباحث الإنترنت”، والتي من خلالها يمكن رصد الصفحات التحريضية وكشف مخططات التنظيمات الإرهابية، سواء داخل مصر أو خارجها، وبالفعل تم الكشف عن العديد من الصفحات التحريضية والمرتبطة بعناصر إرهابية ومتطرفة.
> ماذا عن العناصر والتنظيمات الإرهابية في سيناء؟
ما يحدث في سيناء لا يزيد عن كونه “حرب عصابات”، فالعناصر الإرهابية هناك لا تجرؤ على المواجهة، وكل ما تفعله هو تفجير هنا أو إلقاء قنبلة هناك، ثم الفرار والاختباء وسط الأماكن المأهولة بالسكان، لأنهم على يقين أن عقيدة القوات المصرية أساسها الحفاظ على أرواح الأبرياء، وبالتالى لن تهاجمهم وسط الناس.. أو يفرون عبر المناطق الجبلية الوعرة، غير أن قوات الجيش بحسها الوطنى تتصدى لهم بكل قوة، وهم لا يمثلون أي خطر على الأمن في سيناء أو الأمن القومى للبلاد، وهم أضعف بكثير من أن يسيطروا على شبر واحد من أرض الفيروز.. وحاليا تلك العناصر محاصرة تماما في مناطق قليلة برفح والشيخ زويد، وتتم ملاحقتهم.
> كيف يتم تأمين تحركات قوات الشرطة في سيناء ؟
كافة تحركات قوات الشرطة في سيناء تتم من خلال المدرعات، وخطة تأمينها تعتمد بشكل كبير على تغيير خطوط السير، واستخدام طرق بديلة غير معروفة للإرهابيين.. ومعظم العناصر المتطرفة في سيناء تلقت تدريبات مكثفة في أفغانستان والعراق على إعداد العبوات الناسفة، باستخدام مواد شديدة الانفجار، وزرعها على الطرق وفى خطوط سير قوات الشرطة المعروفة مسبقا، وهم يحصلون على تلك المواد إما من خارج البلاد، أو من الألغام الأرضية الموجودة في سيناء ومرسي مطروح، حيث يفككونها ويستخدمون بعض أجزائها في تصنيع المتفجرات القادرة على اختراق الدروع.. وهناك خطة معدة للتعامل مع تلك العناصر الخطيرة وإبادتها في أقرب فرصة.. ويتواجد حاليا في سيناء كل من مدير الأمن المركزى، ومدير الأمن العام لوضع اللمسات النهائية على تلك الخطة.
> هل هناك تعاون بين العناصر الإرهابية والمجرمين الجنائيين؟
العناصر الإرهابية تستعين بالعناصر الجنائية في الاختباء وإخفاء الأسلحة ونقلها ونقل العبوات المتفجرة لهم، دون الاشتراك في عمليات التفجير أو التخريب، لأنها المهمة الأساسية للإرهابيين، ويتم التعامل مع هذا الأمر عن طريق ضبط العناصر الإجرامية ومداهمة البؤر التي يتمركزون بها، كما حدث في مداهمة البؤر الإجرامية بسوهاج وأسيوط والقليوبية والفيوم والجيزة، وضبط رؤساء هذه العصابات بها.
> يرى البعض أن وزارة الداخلية انشغلت بالحرب على الإرهاب عن مواجهة الجريمة بصفة عامة.. فما حقيقة ذلك؟
غير صحيح بالمرة.. فعلى الرغم من المجهودات الكبرى التي تبذلها أجهزة وزارة الداخلية في مكافحة الإرهاب، إلا أنها تضطلع بدورها في مكافحة شتى أنواع الجرائم بكفاءة تامة، والدليل على ذلك المداهمات التي تتم بصفة شبه يومية للبؤر الإجرامية على مستوى الجمهورية، وضبط أعداد كبيرة من عتاة الإجرام وتجار المخدرات، والتشكيلات العصابية المتخصصة في البلطجة والسرقة بالإكراه وسرقة المحال التجارية وغيرها، وحائزى الأسلحة النارية غير المرخصة وورش تصنيعها.. وخلال شهر يناير الماضى فقط تم ضبط 609 بنادق خرطوش و757 فرد خرطوش و229 طبنجة و983 فرد محلى فضلا عن ضبط 5735 قضية مخدرات و889 قضية تعاطى بالإضافة إلى ضبط العديد من المتهمين في قضايا الخطف وإعادة المخطوفين لأسرهم في مدة لم تتجاوز خمس ساعات في بعض القضايا مثل قضية الخطف الأخيرة بالقاهرة الجديدة فضلا عن ضبط 52 قضية شروع في قتل وضبط العديد من الهاربين من السجون منذ أحداث ثورة يناير لعام 2011 والذي يتبقى منهم 2066 مسجونا فقط من أصل 23 ألف مسجون تقريبا فضلا عن ضبط 28 مسجونا خلال شهر يناير الماضى مع العلم أن معظم المتبقين من الهاربين من السجون معظمهم صادرة ضدهم أحكام مؤبد وإعدام.. وبالنسبة للتشكيلات المتخصصة في السرقات العامة، فقد تم ضبط 78 تشكيلا خلال شهر يناير الماضى فقط.
> إذن، لماذا يتأخر ضبط المتهمين رغم رصدهم بكاميرات المراقبة ؟
الكاميرات حققت نجاحات متعددة في رصد العديد من المخالفات والمتهمين، ولذلك تم إلزام محال بتركيبها وأصبحت شرطا لاستخراج التراخيص..أما بالنسبة لتحديد الأشخاص الذين ترصدهم الكاميرات مثل شركة الصرافة التي تعرضت للسرقة في الدقى، فالأمر يحتاج لمجهود من رجال البحث الجنائي، خصوصا وأن معظم اللصوص يتنبهون لوجود الكاميرات، ويحرصون على عدم إظهار وجوههم بشكل واضح، فمنهم من يضع “ماسك” ومنهم من يضع لثاما على وجهه، لذلك تتم حاليا دراسة وضع بصمة معينة في بطاقات الرقم القومى، تحدد الصفات الدقيقة للأشخاص.
> ماذا عن خريطة البؤر الإجرامية في مصر ؟
تمكنت أجهزة وزارة الداخلية مثل الأمن العام والأمن المركزى، والمباحث الجنائية بالتعاون مع مديريات الأمن المختلفة، من مداهمة العديد من البؤر الإجرامية شديدة الخطورة مثل الجعافرة وكوم السمن بالقليوبية، والصف وأطفيح والبدرشين والعياط في الجيزة، ومناطق متفرقة في الفيوم والمنيا، وأسيوط وسوهاج والإسكندرية، وألقت القبض على زعماء العصابات بها، ومن ثم يمكن القول إنه لم تعد هناك بؤر إجرامية شديدة الخطورة، وتواصل الأجهزة الأمنية مجهوداتها في ملاحقة المجرمين في أي مكان.
> ما هي اختصاصات إدارة الأزمات بوزارة الداخلية؟
إدارة الأزمات واحدة من أهم الإدارات التابعة لمديريات الأمن المختلفة على مستوى الجمهورية، ويعمل فيها ضباط مميزون، ومزودة بعدد من أجهزة الاتصال والكمبيوتر الحديثة، بها قاعدة بيانات كاملة عن أعداد المستشفيات وما بها من أسرة سواء المشغولة أو المتاحة، وخريطة كاملة عن خطوط المياه والغاز وكابلات الكهرباء، وشبكة الطرق والسكك الحديدية، والمصالح الحكومية المهمة، والمدارس ومراكز الشباب وغيرها.. كل هذه البيانات يتم الاستفادة منها في حالة وقوع أي حادث، بالتنسيق مع أجهزة الدولة الأخرى. ومن المقرر افتتاح إدارة أزمات عامة في مبنى وزارة الداخلية الجديد بالتجمع الخامس، وربطها مع غرف وإدارات الأزمات في مديريات الأمن، والإدارة الجديدة ستضم خرائط تفصيلية للجمهورية بالكامل وكذلك لكل محافظة منفصلة، والمهمة الأساسية لإدارة الأزمات هي التحرك الفورى عند وقوع أي حادث وتحريك الأجهزة الأخرى، مثل أجهزة البحث الجنائى أو الإسعاف أو المطافى، أو قوات الأمن المركزى، إلى مكان الحادث وتزويدهم بالمعلومات التي تمكنهم من أداء عملهم بنجاح.
> كيف تتعامل وزارة الداخلية مع تجاوزات بعض رجال الشرطة؟
بداية أؤكد أن هذه التجاوزات تصدر من قلة قليلة جدا من الضباط والأفراد، ونحن نتعامل بحزم مع كل من يثبت تورطه في أي شئ يسئ للمواطن، وتتم إحالته إلى جهة التحقيق المختصة وفى حالة تورطه في عمل يستوجب المحاكمة، تتولى النيابة العامة التحقيق معه.. على الجانب الآخر نعمل على تزويد الضباط والأفراد بمجموعة من القيم والمبادئ الأساسية الخاصة بحقوق الإنسان وكيفية التعامل مع المواطنين وفقا للقانون، وتطوير أساليب التواصل المجتمعى بين رجال الشرطة والمدنيين بغرض تحسين العلاقة بين الطرفين..
ونحن في وزارة الداخلية بصدد الاستعانة لأول مرة بعدد من أساتذة الجامعات وخصوصا من كليات التربية في دورات خاصة لضباط وأفراد الشرطة، تهدف إلى توعيتهم بأفضل طرق التعامل، وهذه الدورات بعيدة تماما عن أكاديمية الشرطة والمدرسين العاملين بها، حتى تكون ذات تأثير وفائدة أكبر، وبالفعل طلبنا من كل مديرية أمن أن ترشح من 3 إلى 5 ضباط، و10 من أمناء وأفراد الشرطة، للمشاركة في تلك الدورات التي ستتم في قاعة المحاضرات بأكاديمية الشرطة، بناء على توجيهات اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، الذي دائما ما يشدد على حسن معاملة المدنيين والتعامل بحزم مع كل من يسئ إليهم أو يتجاوز في حقهم، وعدم التستر على أي مخطئ.
> كيف يتصدى “البحث الجنائى” لعمليات التهريب عبر الموانئ المختلفة؟
في كل ميناء من الموانئ المصرية سواء على البحر المتوسط أو البحر الأحمر، توجد إدارة للبحث الجنائى مهمتها فحص الشحنات والبضائع بعد خروجها من الجمارك والتأكد من عدم وجود أي شىء قد يستخدم للإضرار بأمن البلاد، ومؤخرا تمكن ضباط البحث الجنائى في ميناء بورسعيد من إحباط عملية تهريب كميات ضخمة من الشماريخ وألعاب نارية ذات مواصفات معينة، كانت مخبأة وسط شحنة ضخمة لألعاب الأطفال، ونجح المهربون في إخراجها من الجمارك.. وخطورة الشماريخ والألعاب النارية، تكمن في أن بعض العناصر المتطرفة تستخرج البارود منها وتستخدمه في تصنيع عبوات ناسفة ومتفجرة، تمهيدا لتنفيذ عمليات إرهابية.
> كيف ترى تصرفات شباب “الألتراس” وما هي الطريقة المناسبة للتعامل معهم؟
شباب الألتراس هم “أولادنا” وعليهم أن يعوا أن مصر هي بلدهم ووطنهم وعليهم واجبات تجاهه.. وأنا على يقين من نجاح المبادرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تدعو للحوار مع هؤلاء الشباب.. فإننا في وزارة الداخلية على اتصال دائم مع مسئولى وزارة الشباب والرياضة، للتنسيق فيما بيننا والوقوف على المشكلات الحقيقية للألتراس، ومحاولة الوصول إلى حل نهائى وجذرى لها.. ومن المقرر أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات مع عدد من قيادات روابط الألتراس.. وهنا أشدد على أن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار أكدا على ضرورة احتواء هؤلاء الشباب بدلا من أن يقعوا ضحايا للجماعات والتنظيمات المتطرفة، أو يتحولوا إلى أداة هدم بدلا من الاستفادة منهم في بناء مستقبل الوطن.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...