رئيس التحرير
عصام كامل

بائع المناديل الصغير يواجه قدره بالرسم

فيتو

قد يكون مشهدًا متكرر اعتادت على رؤيته عيون الركاب وأصبح لا يُثير في أنفسهم أي شفقة أو عطف تجاه هذا الطفل الصغير الذي يجلس وحيدًا على إحدى درجات سلالم المترو تتراكم بجواره عبوات صغيرة من "المناديل" منتظرًا عطف أحد المارة عليه بالقدر القليل من المال، أو بنظرة عطف مملوءة بالشفقة والخوف من أن يتعرض أحد أبناءه لهذا المصير البائس.


يفتقد هذا الطفل إلى تلك الحياة التي يحياها أقرانه في مثل عمره، يصرخ بداخله ولكن لا حيلة لديه إلا الجلوس على السلم يقتله انتظار حياة لا يعيشها سوى بخياله، يحلم فيها بأن يصبح محاميًا أو ظابط يحمى الوطن ويقاتل من أجله ولكن يصدمه الواقع بأن الاحتمالات المتوقعة لمستقبله لن تخرج عن إطار تحوله إلى متسول أو محتال يحترف السرقة والنصب.

وفى إحدى وسائله للهروب من الواقع الأليم، قرر هذا الطفل أن يعبر عما بداخله من مشاعر وأحزان بالرسم، فبدأ بتحويل معاناته بأقلام ألوانها زاهية تخطف أنظار المارة، ورسم نصف وجه امرأة تتساقط الدموع من عيونها، قد تكون أمه التي تدمع عيناها كل دقيقة على طفلها الذي لا تعرف مصيره أو لفتاة دمعت عيناها عندما رأته جالسا بهذا الحال، أو قد تكون في النهاية مجرد لوحة فنية يريد أن يبيعها بمقابل مادي لتكون بديلًا عن مناديله المتناثرة حوله تساعده على النجاة من تلك المعاناة التي يعيشها يوميًا بعيدًا عن مملكة الطفولة التي ينتمى إليها اسمًا فقط.
الجريدة الرسمية