رئيس التحرير
عصام كامل

اكتشاف لن يعجب رجال الدين !


الأسبوع الماضى، رصد علماء فيزياء فلكية بريطانيون بقايا غازية لسحابة دخان فضائية قديمة، لما حللوها اكتشفوا أنها ترجع لبقايا انفجار حدث قبل أكثر من 11 مليار سنة مضت، وكانت مفاجأة.


لماذا ؟
لأن كل البيانات الموجودة لدى المعامل الفلكية، وحتى عند وكالة "ناسا" شديدة الحداثة، فلا توجد عينات قديمة لغبار ذرى بهذا القدم، ولا صور ملونة لسحب غازية تعود لهذا التاريخ يمكن أن تفك شفرة بداية الكون، وما حدث بعد الانفجار العظيم.

الانفجار العظيم، هو الانفجار الكونى الأكبر والأول في تاريخ الكون، نتجت عنه الكواكب والمجرات، وبدأت المخلوقات تظهر على كوكب الأرض، وعلى كواكب أخرى لو كانت.

لذلك، فالاكتشاف الجديد مفاجأة أكثر من سارة، وكنز لخبراء الفيزياء الفلكية، لذلك الاحتفالات الآن في أوروبا عظيمة، والتوقعات شديدة التفاؤل في أن يمنح الاكتشاف مزيد من المعلومات عن شكل الكون، بعد الانفجار العظيم، والتغيرات التي طرأت عليه بعد ملايين السنين بعد الانفجار.

المجلة الملكية لعلوم الفضاء البريطانية، نشرت معلومات أولية، قالت إن الدخان الكونى المكتشف وصل إلى مجال التليكسوب الفضائى في تشيلى بأمريكا الجنوبية، بعد ملايين السنين سفرا في الفضاء، وقال العلماء إنهم توصلوا إلى أن ضمن مكونات السحابة قليلا من عنصر الهديروجين.. يعنى ماء.

ماذا يعنى هذا ؟
يعنى كثيرًا.. يعنى أولا عدم صحة النظريات القديمة التي تقول إن عنصر الماء، لم يظهر في الكون إلا بعد على الأقل 6 مليارات سنة من حدوث الانفجار الكونى العظيم، وأن أولى مراحل المخلوقات الحية، والكائنات والموجودات لم تظهر على الكون إلا بعد على الأقل 8 مليارات سنة من الانفجار العظيم.

الاكتشاف الجديد يقول خلاف ذلك.. يقول إن الانفجار الكونى حدث تقريبًا قبل 13 مليار سنة من النهاردة.. والسحابة المكتشفة تعود إلى 2 مليار سنة بعد الانفجار الكونى.. وإذا كان ضمن عناصر السحابة المكتشفة ماء، فبهذا يكون الماء قد وجد في الكون بعد 2 مليار سنة فقط من حدوث الانفجار الكونى.

النتيجة الأهم، أنه ما دام هناك ماء أو هيدروجين ذلك الوقت، فإن الكون وقتها كان مهيئًا لأن تظهر عليه المخلوقات، حيوانات ونباتات، وكائنات بشرية.. فالماء هو المحفز على الخلق، وهو العامل الأساسى لبدء الدورة الأولى لحياة المخلوقات.

القرآن الكريم يقول: "وكان عرشه على الماء".. يجوز تفسير هذا بأن سيطرة الله سبحانه وتعالى كانت على عنصر الهيدروجين في بداية الخلق.. فتكون من الماء بدايات كل المخلوقات، بدليل أن ذرة الهيدروجين هي الوحيدة المشتركة بين عناصر كل ما تم خلقه، وهى الوحيدة المشتركة في تركيبة الكائنات البشرية، وحتى العناصر الجامدة على سطح كوكب الأرض، وكواكب المجموعة الشمسية.

في القرآن الكريم: "وجعلنا من الماء كل شىء حي".. وفى علوم الفيزياء النووية، أنه لما ظهرت ذرة الهيدروجين، بدأت الخلايا الحية في الظهور والتطور، وفقًا لمعادلات كيميائية، وتحت درجات حرارة عالية انخفضت تدريجيا، حتى أصبح المناخ على الأرض صالحًا لحياة الكائنات البشرية التي في مثل أجسامنا.

المشكلة أن هذا الكلام لن يعجب رجال الدين، لا في الغرب ولا في الشرق؛ لأنه يصطدم مباشرة بالتراث الدينى، وتأويلات الكتب المقدسة.

الإنسان في التراث الدينى الإسلامي هبط إلى الأرض من الجنة قبل 5 آلاف عام فقط من ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم.. قال هذا ابن جرير الطبرى، وابن إسحق، ولا خلاف في كتب التراث لذلك.

وفى العهدين القديم والجديد، خلق الإنسان قبل أقل من 3 آلاف عام من ميلاد النبى موسى عليه السلام، وإن قصة نوح والطوفان حدثت بعد خلق الخلق، ونزول آدم وحواء من الجنة بنحو ألفي سنة !

في التراث الدينى أيضًا أن الإنسان خلق على شكله، لا تغّير، ولا طرأ عليه تطور.. لكن التراث الدينى غير الحقائق التي تظهر من آن لآخر، والتي متوقع أن تظهر بعدما تطورت تليسكوبات الفضاء، والآلات الحاسبة العملاقة التي تضرب مليارات في مليارات، وأجهزة تحاليل الغازت الفضائية التي تمنح صورًا للمواد قبل ملايين السنين، بألوانها وكثافة موادها وعناصرها.

الاكتشافات الحديثة تضرب في كثير من المسلمات.. إذا كان كذلك، فالأولى إعادة النظر في المسلمات.. لكن المشكلة أن كثيرًا من رجال الدين يشككون في الاكتشافات الحديثة... كارثة !
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية