«غيبوبة» أحمد بدير !
شارك في المظاهرات الأولى لثورة يناير ولم تكن حينئذ إلا احتجاجات لا تستهدف تغيير النظام وإسقاط الرئيس وفي إحدي التظاهرات يصاب برصاصة في الرأس تدخله المستشفي ليظل في غيبوبة طويلة تم تشخيصها باعتبارها موتا سريريا، بما يشجع أنصار أكثر من جماعة وحزب وتيار للزعم أنه ينتمي إليهم ويحتسبونه شهيدهم ويتاجرون به لكن فجأة تحدث المعجزة ويشفي ويسترد وعيه الذي توقف عند بشاير رحيل نظام مبارك، إلا أنه يصطدم بالواقع الجديد وما جري طوال عامين من الغيبوبة!
هذه باختصار قصة مسرحية الغيبوبة التي يقوم ببطولتها النجم أحمد بدير ومعه عدد من النجوم كما يقدم أيضا نجوما جدد سيكون لهم مستقبل واعد وكبير.
انتهى تقريبا العرض من مسرح السلام ولأن العرض من إنتاج مسرح الدولة وحقق نجاحا كبيرا قررت أسرة العمل بالاتفاق مع البيت الفني للمسرح عرض المسرحية خارج القاهرة كأغلب أعمال مسرح الدولة التي تحقق نجاحا إلا أن العمل فوجئ بتحرك كبير للاحتاج لمنع عرضه في كل محافظة تستعد لاستقباله بدأت من السويس ثم القليوبية وفي كلا المحافظتين استجاب محافظوها لطلب وقف العرض..إلى هنا والسطور السابقة خبرية ليس فيها من الرأي شيئا وهنا نتوقف لنقول:
رغم أن العمل لم ينقل بتوسع الواقع الأليم الذي عاشته مصر قبل يناير ورغم أن الإفاقة لبطل العمل تمت في عهد الإخوان إلا أن الأمر كله كان اختبارا لكل أنصار يناير فشلوا فيه جميعا بكل أسف..فمن خرجوا في يناير لطلب الحريه أول من يرفضونها..ومن يطالب باحترام يناير لأن الدستور ينص على ذلك توسعوا في الأمر حتى بلغ حد منع الأعمال الفنية رغم أن الدستور-مثلا-يحمي مقام رئيس البلاد وكم كانت كثيرة الأعمال التي انتقدت الرئيس والرئاسة سابقا والآن كما هو في عرض"أنا الرئيس" لسامح حسين وحنان مطاوع.
والدستور ينص-مثلا-على احترام مؤسسات الدولة لكن لم يمنع ذلك أعمالا فنية من انتقاد برلمان البلاد أو الإسقاط السياسي على مؤسساته المختلفة..كان على من خرج مطالبا بالحرية أن يقدم الدليل على احترامه لها وأن يثبت فعليا وعمليا احترامه للإبداع الذي يدافع عنه ويصرخ ليل نهار معتبرا أن الإبداع وحرية الرأي فقط يتمثل في الدفاع عن إسلام بحيري وفاطمة ناعوت ولا يصح بأي حال الدفاع-عند الكثيرين-عن حرية الاعتقاد حتى إن وصلت إلى حدود الإلحاد وإنكار الأديان ثم نتربص بمن ينتقد يناير في عمل فني كوميدي ساخر..كان على من يتهم الدولة بالقمع أن يثبت ـ هو ـ قبوله للآخر ولآراء المختلفين معه ليقدم على الأقل-على الأقل-الدليل بجدارته في إدارة البلاد سابقا أو لاحقا وأننا كنا سننعم بالحرية في عهده !
بقي القول إن المسألة ليست مسألة تفاصيل من أي نوع إنما مسألة مبدأ وبقي أيضا القول إن عهدا يتهمونه ليل نهار بالديكتاتورية هو عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر صدر فيه كتاب الإرهاب الأول "معالم على الطريق" لسيد قطب ونفدت أربع طبعات له وبموافقة من جمال عبد الناصر نفسه حتى تم اكتشاف تنظيم 65 والتي بنيت حركته على أفكار الكتاب وأنه هو عبد الناصر بنفسه من وافق على عرض "شئ من الخوف" وفي عهده انتجت الدولة "ميرمار" و"ثرثره فوق النيل" وعرض في عهده "السلطان الحائر" و"عودة الوعي" و"الفتي مهران" وغيرها وغيرها..ولا نعرف هل نتقدم أم نتراجع !
إن حدثوك عن الديمقراطية فلا تصدقهم..فكلهم-يا عزيزي-يكذبون وحتى إشعار آخر!.