رئيس التحرير
عصام كامل

المناطق المنسية في شمال سيناء تدفع ثمن الإرهاب

مدينة الشيخ زويد
مدينة الشيخ زويد

مناطق التجمعات البدوية المنسية الفاتورة التي تدفع ثمن العمليات الإرهابية بمحافظة شمال سيناء، فانقطاع متواصل للخدمات بمناطق الشيخ زويد ورفح وجنوب مدينة العريش بشمال سيناء سبب نزوح الآلالف من الأهالي من تلك القرى علاوة على العمليات الإرهابية التي لا تفرق بين صغير وكبير إلا وأصابته لعنة الإرهاب وبطش الإرهابيين.


السمة الوحيدة الملحوظة في أكثرية بنايات مدينة الشيخ زويد ورفح هي آثار الطلقات النارية على الحوائط، فمنها من أصاب وقتل مواطنين، ومنها من ترك نقشا يؤشر لخطورة الأوضاع، حيث تحولت المدينة لمسرح عمليات قائم على المفاجأة.

مدينة الشيخ زويد وقراها باتت في اشد حالات الانهاك، حيث توقف العمران الخاص والحكومى تماما، وتردت بنيتها التحتية بانعدام الصيانة أو عدم القدرة على الصيانة في تلك الأجواء بالغة الحساسية، باتت مغلقة لوجود غالبيتها في الطريق الدولى وميدان الشيخ زويد المغلق للعام الثالث.

الشيخ زويد البلدة العنيدة يبلغ عدد سكانها 58.449 ألف نسمة، ويرتكز 23.667 ألف نسمة في المدينة بينما يتوزع الباقون على قرى أبو طويلة، وأبو العراج، والتومة، والجورة، الخروبة، الزوارعة، السكادرة، الشلاق، الظهير، العكور، القريعة، المقاطعة، قبر عمير، أبو الفيته، جميعها تفتقر إلى الخدمات التي بالكاد يعيش عليها الأهالي الضعفاء.

ويكتوى أهالي مدن شمال سيناء رفح والشيخ زويد بنار الأزمات اليومية فانقطعت عنهم كل سبل الحياة من " مياه، ووقود، وغاز " وعلاوة على نقص في الخدمات الطبية وعدم قدرة المستشفيات في استقبال المرضى وعلاجهم نظرا لنقص في الكوادر الطبية والعلاج.

تفتقر القرى والتجمعات البدوية إلى وصول المياه العزبة أو حتى المالحة غير الصالحة للشرب حيث أن نصيب المواطنين من المياه العذبة في الشيخ زويد ينحدر إلى مستوى متدن، فمصدر المياه العذبة الوحيد رسميا هو محطة التحلية عند ساحل المدينة، ومن المفترض أن قدراتها في الضخ تبلغ 5 آلاف متر مكعب، إلا أنها لا تنتج تلك المياه وتصل إلى نحو 1500 متر مكعب فقط لأسباب فنية وأخرى تتعلق بعدم انتظام مواد كيماوية تضاف للتحلية للمحطة، ويتم الضخ نصف ساعة أسبوعيا من تلك المياه للمدينة.

واعتمد الأهالي اعتماد كلى على مياه الابار بعد تجاهل المسؤلين ندائاتهم بتوفير المياه لكى يتمكنو من استمرارية الحياة والعيش، حيث يضطرون إلى شرب المياه المالحة للبقاء على قيد الحياة.

القرى التي تبعد عن قلب مدينة الشيخ زويد كانت تعتمد اعتماد كلى على صهاريج المياه التي كانت تمدهم في الأوقات السابقة قبل أن يستولى المسلحون على تلك السيارات واستخدامها في تفخيخها وتفجيرها في المقرات الأمنية، فقامت الأجهزة الأمنية على الفور بمنع تلك السيارات بدخول مدينة الشيخ زويد ورفح حتى لا يتسنى للمسلحون الاستيلاء عليها.

وبالرغم من المعاناة التي يعنايها الأهالي إلا أن المسئولين " ودن من طين وودن من عجين " فلا أحد يسأل عن توصيل مياه للأهالي أو حتى الكهرباء التي باتت حلم بالنسبة لتلك القرى وحتى مدينة الشيخ زويد بعد الاضرار المتلاحقة في المحولات الرئيسية التي تغذى المدينتين الشيخ زويد ورفح، وباتت الكهرباء تنقطع لأيام متواصلة على وسط مدينة الشيخ زويد، بينما لا يرى أهالي القرى النور من عدة شهور ويعيوشون في ظلام دامس دون تدخل أي من المسئولين بالمحافظة.

وتفتقر قرى الشيخ زويد ورفح أيضا إلى العلاج داخل الوحدات الصحية والمستشفيات، بالرغم من تناثر الوحدات الصحية في قرى الشيخ زويد بهيئة حديثة الطراز، إلا أن العمل في تلك الوحدات بات شبه منعدم لنقص الكوادر الطبية، حيث يتم تعيين حديثى التعيينات من الأطباء الوافدين من محافظات أخرى بها، فيفضلون عدم التواجد بسبب الظروف الأمنية، فيما لا يقل المستوى في المستشفى العام بالمدينة عن حال الوحدات، فقلة من الأطباء أبناء الشيخ زويد يعملون في المستشفى مفتقد القدرة على استقبال الحالات الحرجة، فبات دور المستشفى تحويل الحالات الطارئة إلى مستشفى العريش، وخرجت 6 وحدات صحية من الخدمة تماما نظرا لتدمير طالها أو وجودها بمناطق توترات.

التعليم بمدينتى الشيخ زويد ورفح وداخل القرى والتجمعات البدوية مثل قرى الزوارعة واللفيتات والظهير وقبر عمير، بخلاف اثنين من المعاهد الأزهرية في الجورة والمقاطعة خرجت بالفعل من الخدمة بعد تعرض العديد منها للقذائف المجهولة المصدر وانعدمت القدرة على ترميم تلك المدارس بسبب الظروف الأمنية بسبب صعوبة الوصول إلى تلك المناطق التي تعتبر معقل للجماعات الإرهابية والمسلحة.

قطاع الزراعة في مركز الشيخ زويد الذي كان على وشك طفرة زراعية غير مسبوقة في المساحات وتنوع الزراعات، أصيب بنكسة خطيرة بعد اندلاع الإرهاب والعمليات الأمنية المضادة له، فقبل العام 2012 تمددت زراعات الزيتون والخوخ والخضراوات بأحدث الأساليب الزراعية، وحفر الأهالي الآبار الجوفية لاستخدامها في الرى، كبديل لانعدام مصادر المياه وشح مياه الأمطار، ووجود تلك الأراضى في مناطق العمليات الأمنية أدى لإهمالها لعدم قدرة أصحابها على رعايتها خشية الرصاص العشوائى والقذائف.

تخلو مدينة الشيخ زويد ورفح من أي أفرع للبنوك، فقد تم إتلاف الفرع الوحيد لبنك مصر في مجريات ثورة 25 يناير، ما كلف أهل المدينة ثمنا باهظا للانتقال إلى العريش لإنجاز مصالحهم البنكية.

عادت الشيخ زويد ورفح إلى العصور القديمة بعد انقطاع شبكات الاتصالات الثلاثة ويعتمد الأهالي اعتماد كلى على شبكات الاتصالات الأرضية في التواصل فيما بينهم نظرا لعدم قدرة خدمات الصيانة التابعة للشركات الثلاث بسبب العمليات الإرهابية وبعد أن قطع عليهم بعض المسلحون وأمرهم بترك المدينة الأمر الذي اصاب العاملون بالخوف الشديد وقررو عدم القدوم مرة اخرة إلى محافظة شمال سيناء باكملها.

يضم مركز الشيخ زويد 4 محطات وقود، توقفت عن العمل تماما منذ عامين، بعد أن صدرت التعليمات بعدم نقل الوقود اليها، فيما تضم المدينة محطة تزويد بالغاز وحيدة وهى أيضا متوقفة عن العمل منذ 4 أشهر، والبديل المتاح للأهالي هو الانتقال للعريش على بعد 35 كيلو مترا غربا للتزود باحتياجاتهم من الوقود والغاز.
الجريدة الرسمية