رئيس التحرير
عصام كامل

عماد متعب وسرقة الأهرامات


عندما تمتلك الكثير لسرده لا تعرف دائمًا من أين تبدأ، فالحديث عن عماد متعب بالنسبة لى يبدو مختلفًا ليس فقط لكونه أسطورة مهاجمى الكرة المصرية في عصرها الحديث بجوار حسام حسن، ولكن بحكم وجودي طوال السنوات الماضية داخل أروقة النادي الأهلي لتغطية أنشطته الرياضية أشاهده يوميًا في التدريبات وبعد انتهائها، أرى تعامله مع الجميع وألمس احترامه للصغير قبل الكبير، أرى تهافت الجميع لالتقاط الصور التذكارية معه بابتسامات عريضة لوجودهم بجوار أيقونة السعادة الهجومية في الكرة المصرية.


عماد متعب ليس مجرد مهاجم تعشقه الملايين من جماهير الأهلي وليس مجرد لاعب حفر اسمه بحروف من ذهب في سجلات أساطير الكرة المصرية ولكنه قبل كل شيء إنسان عانى كثيرًا منذ صعوده للأضواء مع فريقه موسم 2003 -2004 ما بين انتقادات واتهامات وتدخلات بالجملة في حياته الشخصية، فالكل كان يترصده خارج الملعب قبل داخله، بل امتد الأمر إلى سرد أدق تفاصيل حياته الشخصية بالحد الذي وصل إلى انتقاد ترتيبات حفل زواجه في وقت كانت الدولة تعانى من اضطرابات سياسية، بل إن دخول فستان قرينته من الجمارك قبل الزفاف لاحقه العديد من التقارير بالشكل الإعلامي الفج الذي وضع اللاعب تحت ضغوط لا يتحملها بشر، فضلا عن الرسائل الُمهينة التي كان اللاعب يتلقاها على حد قوله لإجباره على تعليق حذائه وإسدال الستار على مشواره ولكنه تعامل بجلد وعزيمة وتسلح بأهدافه للرد على الجميع في الملعب.

عماد متعب الذي حصد لقب بطل الاحداث في الساعات الأخيرة بعد ازمته مع عبد العزيز عبد الشافى، مدرب الفريق، على خلفية واقعة طرده من المران واستبعاده من مباراة الزمالك يواجه حربًا شرسة طوال السنوات الماضية لإجباره على الاعتزال وترك المجال لأنصاف المهاجمين لقيادة هجوم الفريق في الوقت الذي يلقن اللاعب الجميع دروسًا مختلفة الإبداع بأهدافه الحاسمة التي منحته لقب +90 استنادًا إلى لدغاته في الثوانى الأخيرة.

لم أنس كلماته معى بعد أزمته مباشرة مع الإسبانى جاريدو مدرب الفريق الأسبق بعد استبعاده من رحلة المغرب لمواجهة المغرب التطوانى في دوري أبطال أفريقيا عندما قال لى "لم أكن سببًا في بقاء جاريدو وعدم إقالته بعد هدفى في نهائى الكونفيدرالية.. أنا بلعب عشان أخدم الأهلي وجماهيره وبس".

متعب قالها صريحة جدًا "الأهلي وجماهيره وبس"، نعم رددها القناص أكثر من مرة وعاد في وقت لاحق في ظل تجميده خلال فترة ولاية فتحى مبروك وقال "لم ولن أعتزل إلا عندما أجد نفسى غير قادر على العطاء ولن أرد على من يطالبنى بالاعتزال وجوابي دائمًا سيكون في الملعب".

متعب قالها أيضًا قبل السفر إلى الإمارات مؤخرًا "أنا ربنا بيعوضنى دايمًا بالخير والأهداف المهمة وإنى أكون سببًا في سعادة ملايين المصريين، وربنا بيقف جنبى عشان تعبى وإخلاصى وصبرى وعارف إنى اتظلمت كتير".

فلك أن تتخيل عزيزى القارئ أن جميع الأزمات التي دخلها متعب خلال السنوات الأخيرة مع مدربيه كانت من أجل هدف واحد "المشاركة وقيادة الأهلي" نعم تورط في أزمات من أجل المشاركة فقط سواء مع حسام البدرى أو فتحى مبروك أو جاريدو أو بيسيرو أو زيزو فلم نجد أزمة تورط فيها متعب بسبب تعاليه على زميل أو ضربه أو سب مدرب أو اعتراضه على تأخر مستحقاته المالية أو رفض التجديد وغيرها من الأمور التي يتورط فيها عدد من اللاعبين.

وفى الوقت الذي نهاجم فيه نجومًا كبارًا أعلنوا اعتزالهم مبكرًا بداعى عدم الالتزام و"الشبع المبكر" نجد سهام النقد والتقطيع موجهة دائمًا للاعب يقاتل من أجل البقاء في الملاعب وإسعاد جماهير فريقه وخدمة منتخب بلاده.

متعب بات كالكنوز المصرية التي نفشل في تكريمها والحفاظ عليها فإهانة نجم بقيمة وشعبية وتاريخ عماد متعب في نظرى لا يقل على الإطلاق بشاعة عن سرقة الأهرامات، وبيعها للسائحين فأعداء الدولة يسرقون تاريخها ويبعوينه للخواجات وفى الأهلي يسرقون تاريخ وشعبية متعب بإهانته وتجميده على الدكة لصالح نجوم نصف قدم "متعب" بكفاءتهم متشاركين، بل يصل الأمر إلى إهانة اللاعب المخضرم بحرقه في آخر 5 دقائق من المباريات بحجة "أصل متعب بتاع آخر 15 دقيقة" وهو هراء ارتضى به اللاعب تجنبًا لافتعال المشكلات في وقت سابق للحفاظ على استقرار الفريق.

متعب الذي ابتعد عن الملاعب بسبب الإصابة "اشتغل على نفسه" وتمسك برغبته في العودة وبالفعل انتظم في الملاعب وعاد للتهديف من جديد وأنصفته عدالة السماء أكثر من مرة استعاد خلالها حقه نتيجة صبره وإخلاصه في التدريبات حتى عاد للقب مُرعب الحراس بأهدافه الحاسمة.

الأمر لم يعد صحيًا بالمرة أن يتعرض لاعب بقيمة متعب للانتقادات لمجرد أنه قام بتوجيه أو حتى "تعنيف" لاعب صغير حديث العهد بالنادي الأهلي لم "يلحس تراب التتش" من أجل القميص الأحمر كما فعلها متعب، وفى النهاية نتحدث عن المبادئ فليس من العدل أن نهين رمزًا كرويًا منح الكثير للكرة المصرية والنادي الأهلي لمجرد نرفزة نابعة من ضغوط التجميد والاستبعاد من الحسابات رغم الأداء "المهلهل" الذي يقدمه بعض اللاعبين الذين يقودون هجوم الفريق على حسابه وليس من الحكمة أن نقيم متعب بعد هذا التاريخ الحافل من النجاحات لمجرد نجاحه في إحراز هدف الفوز لناديه في الثوانى الأخيرة.

إدارة الأهلي باتت مطالبة بالحفاظ على "ثروة" الهجوم بالكرة المصرية الممثلة في عماد متعب الذي يعلم الجميع أنه أحد بقايا "حلاوة زمان" التي لم تعد موجودة في جيل السيلفى والسشوار والجيل، خاصة أن التعامل مع متعب بمبدأ التطفيش وخيل الحكومة يهين إدارة ومدربى الأهلي الذين يعلمون جيدًا قيمة بابا نويل الكرة المصرية عماد متعب.
الجريدة الرسمية