رئيس التحرير
عصام كامل

«الشواذ» في الداخلية!


لكل قاعدة شواذ.. والشاذ من أفراد وزارة الداخلية -حاليًا- هو ذلك العسكري المنحرف، أو الأمين المتجاوز، أو الضابط الذي لم يهرع إلى نجدتك، أو يتقدم لخدمتك، أو يتطوع لدفع خطر يُحدق بك، أو لم يُقدر تضحيات زملائه.. وهؤلاء أصبحوا نقاطًا سوداء في ثوب الشرطة الأبيض، ويعكرون صفو البدلة الميري.


«الشواذ» في الداخلية -وهم «قلة»- تجدهم «مكبرين دماغهم» عندما تحدث اختناقات مرورية.. ولم يتدخلوا لفض شجار أو اشتباكات، إلا بعد أن يُجْهِزَ أحد الطرفين على الآخر.. ولم يطاردوا لصًا سرق مواطنًا.. ولم يغيثوا أحدًا إن استجار بهم.

فكم من مرة ذهبت إلى السجل المدني، أو إلى وحدة المرور -«بلا واسطة»- دون أن «تجدد إيمانك»، أو«ترد دينك»، بعد أن تكون قد خرجت من الملة؛ بسبب تصرفات قلة لم يراعوا ضميرهم.. كم من مرة توصي زوجتك وأولادك «الوصية الأخيرة»، حينما تضطرك الظروف للذهاب إلى قسم شرطة، سواء كنت «مُبلِغًا»، أو «شاهدًا»، أو «متهمًا»؛ بسبب تجاوز البعض مع المواطنين.

يا سيدي.. «القاعدة» في الداخلية -الآن- هم أولئلك الذين يحترمون آدميتك، ويتعاملون معك باعتبارك مواطنًا له ما لهم من حقوق، وعليك ما عليهم من واجبات.

وإذا كانت الداخلية قد انزعجت من حالة السخرية والتطاول على بعض أفرادها -وهم محقون في ذلك- فإن المنطق يقول إن المواطن يحترم الشرطي الذي يحترمه، ويكف عن دس يده في جيبه، ويكف عن النظر إليه على أنه مجرد «قفا» و«وجه» لتلقي الصفعات من يده الكريمة.. ويكف عن النظر إلى جسد المواطن على أنه الأفضل والأنسب في التعذيب والسحل والجر على الأسفلت.

المواطن سيُجبر على احترام الداخلية حينما تكون العقيدة الشرطية لكل أفرادها قائمة بالفعل على خدمة القانون، واحترام نصوصه، والعمل على تنفيذه، وفق ضوابط الدستور الذي وافق عليه الشعب، وارتضاه منهاجًا ينظم به أموره الحياتية.. الشعب سيحترم الشرطة أكثر إذا تخلصت من عناصرها المنحرفة أو المتجاوزة.

إن البطولات والتضحيات الهائلة التي يقدمها بعض أفراد الشرطة، الذين يضحون بأرواحهم في سبيل الوطن والمواطن -وما أكثرها في هذه المرحلة الحرجة- تُمحى أمام تصرفات حمقاء من زملائهم الذين يتورطون في تعذيب وإهانة المواطنين.. فالمجد للشهداء.. والتحية لكل الساهرين على راحتنا وحمايتنا.. واللوم والعتاب على زملائهم الذين يخرجون على مقتضى وظيفتهم.

هناك مَنْ يرى أن الداخلية تتستر على المتجاوزين من أفرادها، ولم تتخذ بحقهم عقابًا رادعًا؛ ليكونوا عبرة لغيرهم.. لكن الوزارة أكدت أن هذه السلوكيات المنحرفة «تصرفات فردية»، وكل مكان فيه الصالح والطالح، وشددت -أكثر من مرة- على أنها لن تتستر على المنحرفين وهو ما تم بالفعل.

يقولون في «الميري»: «الحسنة تَخُص، والسيئة تَعُم»، وتجاوزات وانحرافات بعض رجال الشرطة لم تعد تخصم من رصيد الداخلية فقط، ولا من شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي فقط، بل إنها أصبحت عاملًا رئيسيًا في صناعة وتكوين جبهات معارضة لـ«السيسي»، لم يفلح معارضو الرئيس في تشكيلها ضده؛ لذا فإننا نطمح أن تكون الإجراءات المتخذة بحق هؤلاء المنحرفين «علنية» حتى يتأكد الجميع أننا نعيش في عهد مختلف، لا مجال فيه للتستر على أي متجاوز!
الجريدة الرسمية