رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي وهزيمة يونيو67 (2)


مازلت أتذكر هذا المشهد بمرارة حتى الآن !
جندى مصرى كان يجر قدميه جرًا.. ملابسه غير نظيفة، يربط قدميه بقطع من القماش الممزق بديلا للحذاء، منهك.. وقمنا أنا وزملائى الذين كان منوطًا بهم القيام بمهام الدفاع المدنى في ليلة التاسع من يونيو 1967 بالإمساك به، بالقرب من مبنى مديرية أمن الجيزة، حيث كنا نقف ليلا، وتسليمه للسلطات المسئولة..


كنا نحن مجموعة من أعضاء منظمة الشباب قد سارعنا فور وقوع عدوان 1967 بالإسراع إلى قيادة المنظمة لمطالبتها بأن يكون لنا دور في المعركة.. وتمت الاستجابة لنا فتم إلحاقنا بمعسكر للتدريب على استخدام السلاح الناري صباحا، ثم تم تكليفنا بالقيام بأعمال الدفاع المدنى ليلا لمراقبة الالتزام بقيود الإضاءة، ومراجعة الأوضاع في الشوارع ليلا.

ورغم كل ما كنا نسمعه من الراديو الصغير الترانزيستور الذي كان في حوزتنا عن انتصارات نحققها على جبهة القتال، فإن مشهد هذا الجندى أسهم في إثارة شكوكنا في كل ما كنا نسمعه وقتها.. وصدقت شكوكنا بعد ساعات قليلة، حينما صدر بيان عسكري يتحدث عن إعادة تمركز قواتنا في مواقع دفاعية جديدة في الضفة الغربية من قناة السويس.. وبعد ساعات أخرى تحدث عبدالناصر عن نكسة تعرضنا لها وأعلن تحمله المسئولية والاستقالة من منصبه كرئيس للجمهورية..

بدأنا ندرك حجم وفداحة الهزيمة العسكرية التي لحقت بنا والتي تركت جروحًا وليس جرحًا واحدًا غائرًا في نفوسنا نحن ذلك الجيل الذي وصلت طموحاته الوطنية إلى عنان السماء.. إنها صدمة قاسية جدًا لم يتعرض لها جيلنا وحده... وغدًا نرصد آثار هذه الصدمة.
الجريدة الرسمية