رئيس التحرير
عصام كامل

جهاد الخازن يكتب: مصر بين ثورة وانقلاب

الكاتب اللبنانى جهاد
الكاتب اللبنانى جهاد الخازن

 في مقال له حول الأوضاع المصرية تحت عنوان «مصر بين ثورة وانقلاب» تناول الكاتب اللبناني جهاد الخازن الأوضاع المصرية في مجملها، نُشر بصحيفة «الحياة» اللندنية اليوم الجمعة، بيَّن خلاله حقيقة الاتهامات الموجهة للجيش المصري في الأحداث المتتالية منذ ثورة يناير حتى الآن.


 واستهل الخازن مقاله بسؤال طرحه قال فيه:
 
 "هل يعرف القارئ أن ما حدث في مصر في 25/ 1/ 2011 ثورة؟ وأن الجيش المصري أطاح بالرئيس حسني مبارك في 11 / 2/ 2011؟ وأن الجيش المصري أطاح أيضًا الرئيس محمد مرسي في انقلاب عسكري في 30 /6 /2012؟"

 هذا وكثير مثله سخفٌ وجهل وغرض أو مرض أقرأه في الحديث عن أوضاع مصر في السنوات الخمس الأخيرة. كنت في لبنان مع ذكرى الثورة الشبابية، وعدتُ وقد تجمعت لي عشرات التعليقات من الميديا الغربية ودور الفكر والبحث، ورأيت أن أقرأها كلها في إجازة نهاية الأسبوع.

 أعرف الوضع المصري كما لا يعرفه أي "خواجا"، ولا أدّعي لنفسي معارف كثيرة، إلا أنني أعرف مصر وأهلها، فهي لي سدرة المنتهى من دون أن أنتمي في حياتي إلى أي حزب سياسي أو جمعية.

 الرئيس حسني مبارك قاد مصر 30 سنة من دون مغامرات سياسية أو عسكرية، وكانت علاقته طيبة بالدول العربية ودول العالم كله، وهو كان يكره إسرائيل فلم يزرها سوى ساعة واحدة عندما اغتيلَ إسحق رابين، وكان الإسرائيليون يأتون اليه في شرم الشيخ، وقد سمعته يشتمهم في أحاديثنا الخاصة.

 عندما بدأت التظاهرات فوجئ الرئيس مبارك كثيرًا، فقد كان يعتقد بأن لا سبب للشكوى وقد خدم بلاده عسكريًا ورئيسًا، ولعله اعتبر التظاهرات من نوع نكران الجميل، واستدعى اللواء عمر سليمان، رحمه الله، وسأله: الناس عاوزه ايه؟ قال اللواء سليمان الذي كنت أثق به ثقتي بنفسي: عاوزينك تمشي. ورد الرئيس مبارك: أنا عاوز أمشي.

 وجاء بعد ذلك خطاب الرئيس معلنًا استقالته الذي قرأه اللواء سليمان.

 الجيش المصري لم "يقلب" الرئيس، وإنما تدخل بعد استقالته لحفظ الأمن. والجيش تدخل مرة ثانية وللسبب نفسه بعد ثورة الشعب المصري على رئيس من الإخوان المسلمين ارتكب نظامه من الأخطاء في سنة ما لم يرتكب نظام حسني مبارك في 30 سنة.

 كيف تكون تظاهرات ملايين المصريين ضد نظام حسني مبارك «ثورة»، وتظاهرات «مليونية» أكبر عددًا ضد الإخوان المسلمين «انقلابًا»؟ هذا علمه عند أساطين الميديا في الشرق والغرب، فما يريدون هو استمرار الخراب لتستفيد بلادهم وإسرائيل على حسابنا.

 المشير عبدالفتاح السيسي انتُخِب رئيسًا في غياب منافس قوي، وهو يملك مؤهلات كثيرة للحكم مع خلفيته المهنية وعمله في المخابرات العسكرية ثم قائدًا للقوات المسلحة ووزيرًا للدفاع، وثقافته عالية؛ فهو خريج كلية أركان حرب الولايات المتحدة، كما أنه حتمًا إنسان مؤمن.

 ما سبق صحيح، ومثله أن كل أحكام الإعدام في عهد السيسي لم ينفذ واحد منها. إلا أنني لست اليوم أكتب دفاعًا عن الرئيس المصري، فأنا ضد أي قيود على حرية العمل السياسي والرأي، ومصر لن تكون بلدًا ديمقراطيًا في غيابها. أيضًا لا أحد يقبل أن يختفي الناس، وبعضهم مجرد ناشطين على الإنترنت، ليظهروا فجأة وليتحدثوا عن تهديد وتعذيب وحرمان من حق وجود محامٍ للدفاع عنهم.

 أسجل ما سبق من دون أن أنسى أن "المختفين" يعودون، فلم أسمع بعد عن معارض معروف قُتِل ودُفِن ولم يرَه أحد.

 أربط هذه التجاوزات بالحرب على الإرهاب، وأصرّ على أن تنتهي عندما ينتهي، ثم أقول إن الوضع في مصر اليوم أفضل منه قبل خمس سنوات، وقبل ثلاث سنوات، فأنتظر أن تعود مصر إلى دورها المحوري وسط المجموعة العربية، لأن الحذر ليس سياسة ناجعة.

الجريدة الرسمية