جريمة كرداسة وجمال عبدالناصر !
حاشا لله أن نتدخل في أحكام القضاء، أو نرفض أحكامه أو نشكك فيها، وإلا فلا نكون جادين بأي حال في بناء دولة عصرية، لكن نتوقف عند الأمر لنفتح ملف المرحلة كلها والمسار كله، والاعتبار من تاريخ مصر.. فكل الباكين الآن على إعادة محاكمة مجرمي كرداسة ونقض الحكم بإعدامهم رغم أنهم قتلوا ومثلوا بالجثث وصوروا الجريمه وأذاعوها وفيها قبل القتل جرائم تعذيب للشهداء.
الآن نسأل، وقد يبدو الأمر عند قصار النظر أنه عودة للوراء، لكن هل فهمتم الآن أن المراحل الانتقالية تحتاج حكما ثوريا وليس دستوريا؟ هل عرفتم الآن أن النظم الجديدة التي تستهدف إزالة آثار نظم قديمة تحتاج في الحقيقة حكما ثوريا وليس دستوريا؟ أدركتم الآن صحة رؤية جمال عبدالناصر والبعض ينتقد بببغائية مذهلة وجهل لا مثيل له موقفه من الديمقراطية، رغم صراحته مع شعبه وأنه كان يؤسس لنظام جديد على أنقاض نظام قديم سيقاوم هو ورموزه بالضرورة أي تغيير بما لن تجدي معه الديمقراطية التقليدية، وأنها يجب أن تتأخر إلى ما بعد أحداث تغييرات حقيقية على الأرض وتغيير نوعي في وعي وثقافة وتعليم الناس؟
لم يكن جمال عبدالناصر يحكم بالحزم والحسم ليبقى في السلطة فلا يوجد زعيم بلغ شعبيته.. ولم يكن يحكم بالحزم والحسم ليسرق أموال الشعب أو بنوكهم ويهربها للخارج.. ولم يحكم بذلك لينعم وأولاده وأسرته في القصور ومصايف مونت كارلو ومنتجعات أبيزا أو مربيا في إسبانيا، بل كان حاسما حازما ليعيد الحياة للملايين من الفقراء والغلابة والمحرومين والمرضى والفقراء من شعب مصر.. كان حاسما حازما لأنه يهدم نظاما قديما تتمتع رموزه بالقوة لأنهم كانوا في السلطة ولأنهم يمتلكون الثروة، فكان منطقيا أن يحمي هو وتحمي الدولة الطبقات الضعيفة غير المنظمة والتي لا تمتلك أي ثروه وكان عليه أن يمنحها علما وتعليما وثقافة كي لا يضحك أحد عليها باسم الدين!
لماذا نقول هذا الكلام؟
لأنه لا نهضة كبرى في مصر إلا بتكامل كل شيء.. كما تتولى الدولة التخطيط لاقتصادها فعليها أيضا أن تتولى التخطيط للثقافة وللتعليم وللإعلام بل وللأزهر.. أن تشرف - بحسم - على التليفزيون، وأن تنتج هي للسينما.. أن تطهر الأزهر كما تطهر وزارة الكهرباء.. أن تسجن من يسرق من أموال الناس كما تسجن من يخالف القانون.. أي قانون.. من البيئة إلى التظاهر ومن إشغال الطريق إلى قوانين الإنترنت.. غير ذلك فقد نتقدم لكن ببطء وبغير تعويض ما فاتنا وقد نقفز نوعيا لكن سنستنزف من قوى الإرهاب وعملاء الخارج من نشطاء الغم !
الحسم الحسم.. شرط أن يلتف الجميع حول القيادة، بغير ميوعة وبغير "كعبلة" في جهلة وأغبياء ومرتعشين ومن دون فزلكات فارغة لا يحتملها الوطن ولا مستقبله ولا مستقبل أجياله الجديدة.
مصالح الأمم والشعوب لا تعرف التهاون.. ولا تعرف إلا الاستماع إلى صوت مصالحها ومصالحهم.. مصالح الأمم والشعوب لا تعرف التهاون.. مصالح مصر وأهلها تحتاج حسم ورؤية عبدالناصر!