رئيس التحرير
عصام كامل

شعب الألتراس وشعب كرداسة !


لا يزال الناس في دهشة، من رغبة الرئيس في استقبال عشرة من النجباء في الألتراس، يقابلونه، ويتكلمون، ويستمع إليهم، ولا تزال دهشتهم أكبر مما أعلنه الرئيس عن تمكينهم من خلال لجنة تتشكل منهم لكي تتحقق وتراجع ملف التحقيق والأحكام في قضية شهداء مجزرة بورسعيد الـ ٧٤ في أول فبراير ٢٠١١، رغم أنها أيضا منظورة في النقض، وهناك أناس صدرت عليهم أحكام إعدام ومؤبد، وهي أحكام يراها شعب الألتراس غير كافية، ولا ترد حقوق رعاياهم !


راجعت لفظة ألتراس فوجدتها مرتبطة بالتطرف والهوس والعنف والتنظيم المتواتر، جماعة حاكمة لها زعيم، ومجموعات فرعية، لها زعيم، وهم موزعون حسب المناطق السكنية ووفق العقيدة السياسية أو الرياضية، ظهرت في الأصل لتشجيع الفرق الرياضية، تشجيع المتعصب المستميت الغاضب، بالهتافات واللون المميز، وحركات الأيدي والأذرع المسرحية، والعقيرة الواحدة، مصحوبة كلها بالصواريخ والشماريخ، والحق أنها طقوس تزلزل أعتى الفرق الزائرة، وتناصر الفريق الذي شغف به المتعصبون المهووسون.

الألتراس قرين الهوس والتعصب والعنف والحشد والضغط، ومع زيادة الشعور بالقوة العددية، ومع تنامي تأثيرهم الرياضي والاجتماعي، وقع تحول في عقيدة هذه الجماعة المتطرفة المتهوسة المتعصبة، وهو الولاء للقطيع والزعيم يتصدر الولاء للنادي الذي يعشقونه، وبالتالي صاروا هم جماعة مقفولة، لها عضويتها ولها طقوسها، ولها أعداؤها، ويا ويل من يغضبهم.

بطبيعة تكوينها، من ناحية العدد الكبير والبانارات والألوان والسماريخ والانتقالات، لابد أن نتساءل من أين لهم بالمال ؟!!

من يمول الألتراس المصري. في إيطاليا ارتبطت الألتراس بالمافيا الإيطالية، وبالمناسبة لا تعرف بريطانيا أم كرة القدم ومخترعتها في العالم روابط المتطرفين المتعصبين المستأجرين سياسيا !

نعم من ينفق عليهم، ومن ينظم حشودهم، ومن يخطط حركتهم ؟ نحن أمام تنظيم يعادي الدولة ويبتزها، ولا يرضي بأحكام القضاء، ويتاجر بدماء شباب مغدور من خونة ومجرمين، وستظل قضية هؤلاء الـ ٧٤ شهيدًا، مسمار جحا لمقايضة الدولة !

من أجل هذا انقسم الجميع مندهشين من دعوة الرئيس السيسي لجماعة استخدمت سياسيا ومارست العنف وأحرقت وهددت ولا تزال تهدد، ووقع الانقسام حتى داخل النوادي، وبالطبع انفتح المزاد ليحتج ألتراس بورسعيد، "طب واحنا البورسعيدية اللي بندفع ثمنا غاليا ؟!"، وألتراس الزمالك لوح بإصدار بيان، وربما يظهر ألتراسات أخرى، من طوائف أخرى.

بالطبع اتفهم حنان الرئيس وأبوته، لكن هذا التعاطف سينقلب عليه وعلى مصر، فالسادات تعاطف مع وعلى الإخوان وأخرجهم من السجون، وظن أنهم شاكرون، فوجدناهم يقتلونه بــ٣٧ رصاصة، يوم السادس من أكتوبر، ومبارك سكت عنهم طويلا وفتحوا مدارسهم وكتاتيبهم وهايبراتهم وصاروا أغنى التجار، وكانوا له بالمرصاد في ٢٠١١، وسطوا على مشهد ٢٥ يناير، واليوم يتعاطف الرئيس مع جماعة متطرفة، قابلة للإيجار السياسي والديني، ويحيط بها محيط هائل من الريبة، وهالات الدخان وقنابل المولوتوف!

لا يا ريس، إني أحبك، وقد أعلم دوافعك، وأعلم أنك تعرف ماذا تفعل، لكنهم سيخرجون بعد لقائك متشحين بشرعية هذا اللقاء في الاتحادية، يبرزون ألسنتهم للألتراسات الأخرى، وللشرطة، ولأهالي الشهداء.

صعب أن تتراجع، فأنت رجل يحترم كلمته، لكن ذلك ما أعتقده.

والمؤلم حقًا أن يصادف النقاش العام الغاضب من استقبال السيد الرئيس لزعماء نجباء من جماعة المهووسين والمتعصبين، أن يصدر حكم النقض بإلغاء إعدام ١٤٩ مدانا في قضية شهداء مجزرة كرداسة، وسوف تعاد محاكمتهم، والنار ترعى وقايدة في صدور آباء وأرامل وأبناء الشهداء الذين قتلوا غدرًا وتم التمثيل بجثثهم.
لا تعليق...
سأسكت وأبتلع لساني !
الجريدة الرسمية